يتطلع الشعب الإيراني الى يوم الجمعة الذي سيشهد إجراء الانتخابات الرئاسية بنفوس تخلو من الحماس وقلوب تحمل الكراهية للوجوه المستنسخة التي لاتختلف فيما بينها سوى في انتمائها لفريق الولي الفقيه علي خامنئي والملا هاشمي رفسنجاني ، وهذين الشخصين كل منهما يدعم ترشيح من اختار الانتماء الى جبهته ، ليشتعل الصراع بين الجبهتين ويبدأ كل طرف بتعرية الآخر ونشر غسيله على الملأ .
ويبدو أن مناكفات الفريقين في هذا الموسم الانتخابي اتخذت منحى أعمق وأخطر مما سبق ، حتى تم تجاوز ما كان يُعد خطوطاً حمراء ، فبدأت العمائم تتساقط هيبتها المزيفة أمام عواصف الفضائح والتصريحات النارية التي يتبادلها الخصوم ، خصوصاً بعد أن نجح خامنئي في حرمان حسن خميني من الترشيح رغم كونه يعد أعلم من خامنئي (الذي نال منصب الولي الفقيه بالوساطات دون اجتهاد علمي) .
وهذا الأمر استفز مؤيدي حسن خميني وحوزة قم وعموم فريق رفسنجاني ، فلم يتردد هؤلاء في مهاجمة هذا الإجراء المتخذ من قبل خامنئي حتى تعدى بعضهم الخطوط الحمراء وهاجم خامنئي نفسه ، ومن بين هؤلاء الملا رفسنجاني الذي قال «لا تقبلون أهلية شخصية حسن خميني وهو أشبه بجده الإمام خميني؛ من أين جئتم أنتم بأهليتكم؟ من سمح لكم بأن تحكموا؟ من سمح لكم أن تجلسوا مكانا وأن تصدروا الحكم للبرلمان والحكومة وغيرها من الجهات وأن تمسكوا الصلاحيات؟ من سمح لكم أن تكون الأسلحة عندكم والمنابر؟ من سمح لكم أن تكون لكم منابر صلوات الجمعة ، والاذاعة والتلفزيون تحت رهن اشارتكم؟ من أعطاكم هذا؟».
تصريحات رفسنجاني هذه وتصريحات بقية الملالي من أعضاء فريقه التي هاجموا فيها خامنئي أظهرت مدى ضعف منظومة الحكم في إيران ، فالشخصيات التي تتصارع على تولي مقاليد الحكم ليست سوى زعامات لعصابات مافيا ترتدي العمائم وتتقاذف الشتائم وينشر كل منها غسيل الآخر ، خامنئي يُهان من قبل خصومه ، ورفسنجاني يهان من قبل وسائل الإعلام ، وصغار الملالي لايتورعون عن تبادل الشتائم الانتخابية التي تفضح إفلاسهم السياسي والفكري وعزلتهم عن المجتمع الإيراني .
ووسط كل هذه الفوضى الانتخابية التي خلقها المتصارعون على الكعكة الإيرانية ، تبرز أسئلة كثيرة :
ما مصلحة الشعب الإيراني من هذه الانتخابات أساساً ؟
ومن هو المرشح الذي يستحق أن يمنحه الناخب الإيراني صوته؟ ما الذي قدمه الملالي للشعب المغلوب على أمره منذ مجيء خميني من باريس بعد سقوط نظام الشاه عام 1979 وحتى اليوم ؟!
وهل المطلوب من الناخب الإيراني اليوم أن يصوّت لجلاديه وقتلته ومن صادروا حرياته وانتهكوا كرامته في السجون وحاربوه في رزقه ؟!
والإيرانيون المتواجدون في الخارج ، ثمة ملايين الإيرانيين يتوزعون على المنافي بعد أن سرق الملالي وطنهم ، سيدلون بأصواتهم لمن؟ لمن جعل منهم مشردين ولاجئين في أمريكا وأوروبا؟ لمن سرق منهم زهرة شبابهم وحرمهم من أوطانهم وأهلهم وأحبتهم ؟!
والأقليات الإيرانية ، ستنتخب من ؟!
لعلّك لو سألتَ أحداً من أبناء الأقليات المقموعة في إيران هذا السؤال سينفجر في وجهكَ غاضباً ويبصق على انتخابات الملالي ، فالرئيس القادم لن يقدم للأقليات شيئاً سوى زيادة عدد المشانق في طهران والمحافظات والأقاليم الإيرانية .
باختصار ، هذه ليست انتخابات ، فالمسألة لاتعدو كونها مسرحية أبطالها معممون مستنسخون ، والمؤلف واحد والمخرج واحد ، وفي النهاية ستتمخض الانتخابات عن حاكم أصولي يلعق نعال خامنئي ، أو إصلاحي يتقن التخريب لا الإصلاح ، تخريب المجتمع والأخلاق .
المجتمع الإيراني – وخصوصاً طبقاته المفقيرة والمهمشة والمقموعة - سئم مسرحيات الملالي الانتخابية التي تعيد نفسها بشكل رتيب منذ سيطرة الملالي على مقاليد الحكم ، ولعل انتفاضة الجماهير في 2009 ستعيد نفسها ، ولكن هذه المرة ستنطلق لتعاقب كلا الفريقين ، الإصلاحيين والأصوليين ، على ما اقترفاه بحق الشعب الإيراني
مقالات اخرى للكاتب