الورقة الرابحة الوحيدة في إقتصاد العراق هي النفط ، وهو نعمة من الباريء عز وجل، لكنه بات نقمة على الشعب، والمصيبة أن الحكومات المتعاقبة على حكم البلد، لا تضع في حساباتها إستعمال هذا السلاح في وقته الصحيح، فكل ما يهم هو مَنْ يستلم ملف وزارة النفط، يكون عمله مقتصراً على تغطية نفقات الدولة، من مستحقات الموظفين والمتقاعدين، والباقي بجيوب الفاسدين، في حين أنه يقع على عاتق الدولة مهمة كبيرة، وهي البحث عن وسائل أخرى لرفد ميزانيتها، بعد تطهيرها من السراق.
سؤال: ماذا لو نفذ النفط من أرضنا؟ خاصة وإن أفواه الشياطين تلتهم كل شيء، وتتصارع من أجل الإستحواذ عليه، بل وحتى إستنزاف بقية الثروات، فلماذا لا تبادر الحكومة ومنذ سنوات مضت، بالإلتفات الى ثروات أخرى، سيكون لها شأن كبير جداً في المستقبل.
مثال بسيط على ذلك: أكدت بعض وثائق ويكلكيس، أن حرب المياه قادمة، حيث سينفذ من العالم في عام (2050) ميلادية، أي بعد (33) سنة، وليست هذه السنوات ببعيدة، ومن المحتمل حدوث حرب عالمية حول مصادر المياه، كما حدث بالماضي القريب منها الحرب العالمية، التي وقعت من أجل تقسيم خيرات الوطن العربي آنذاك، بين الدول الإستعمارية، وإعتبار الدول العربية سوقا، لتصريف أسلحتها وصناعاتها الأخرى.
إن سيطرت الدول الغربية تماماً، على مقدرات الشعوب العربية، عن طريق رؤسائنا الذين قدموا الولاء للغرب، على حساب الوطن والمواطن،، ليتسنموا مناصبهم بحماية هذه الدول ومباركتها، نجد أن يد الغرب ما تزال تسيطر، على مهرجانات البضاعة الغربية في أسواقنا العربية، وتورد لنا كل ما هو رخيص ورديء، وهذا عادي جداً، لأننا دائماً ما نصفق للحكام رغم خيانتهم!
أليست قضية المياه مدعاة للاهتمام من قبل الحكومة؟ وخاصة قضايا المياه الوطنية والإقليمية، إذا ما أشرنا لحجم الملفات العالقة، بين كل من تركيا وإيران والكويت، حول الحصص المائية، لمياه نهري دجلة والفرات وشط العرب، وهنا يأتي دور الوزارات المعنية، مضافاً عليها الإجراءات الحاسمة لرئاسة الوزراء، في كيفية الضغط على هذه الدول، لإطلاق حصصنا المائية.
هناك ثروة أخرى لا تنضب أبداً، كانت في بداياتها، رغم عدم الاهتمام بها من كل الحكومات المتعاقبة على الدولة العراقية، لأن الأنظمة الحاكمة آنذاك تعدها، مصادر للعدالة، ومصاديق لحرية التعبير عن الرأي، إلا وهي السياحة الدينية في العراق، حيث أرض الأنبياء، والأولياء، والصالحين، وهي موارد تزيد من الناتج الوطني، فلماذا لا تكون رافداً حيوياً، يضيف لميزانية الدولة ملايين من الدولارات، على مدار سنوات طويلة الى يوم يبعثون، وهذا يحتاج لتوفير إستراتيجية سياحية متكاملة سنتناولها قريباً.
ختاماً: كفانا الاعتماد على النفط، ولنفكر في حلول كثيرة، ففي أرض العراق هبات طبيعية، منحها الباريء عز وجل، ولا يوجد مثلها في العالم، فالهواء، والماء، والأرض، كلها في خدمة العراقيين، فلمَ لا ننعم بخيراتنا بعيداً عن النفط، الذي أصبح السيف الذي ينحر رقابنا، ويتحكم بنسب الفقر والبلاء في عراقنا الجريح.
مقالات اخرى للكاتب