Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
لمحات من تاريخ صناعة الحرف في العراق..الحلقة الأولى
الجمعة, شباط 24, 2017
يعقوب زامل الربيعي


......
عندما نتفحص كتاب الأوائل المعنيين الذين أرخوا للطباعة والصحافة في العراق، نلاحظ أن بداياتها الأولى كانت فردية وذات طابع حماسي يتخذ من الرواية المجردة في تتبعها للأثر الخطأ الشائع، الذي يفتقر لصحة الخبر والمعلومة الحقيقية. وبعضها يأتي نقلا عن أخبار استعرضت الأمر بشكل مقتطف دون أن إضافات تفيد الواقعة لينسجم مع متطلبات روح البحث والاستقصاء ووضوح الرؤية لتحديد مسار البحث ما دفع بعضها إلى دوامة المعلول جراء الرأي المبتسر، أو للمعلومة غير الدقيقة التي يندفع إليها البعض على أنها حقائق ثابتة.
من هنا لابد علينا أن نستقصي بعض الحقائق من أولئك الذين قطعوا شوطاً منسجماً في مجال تاريخ الصحافة العراقية وعلاقتها بعالم الطباعة، والذين تركوا أثراً حميداً في مجال تخصصهم، مما أعطى رأيهم نتاجا بحثيا في غاية الموضوعية والمهنية أغنى مكتبة المعارف والعلوم الإنسانيين. نذكر منهم على سبيل التخصص والريادة، كلا من الاساتذة ( روفائيل بطي، ورزوق عيسى ويعقوب سركيس ). أولئك وغيرهم بدأت الكتابة المتخصصة على أيديهم تتحول إلى موضوعات ذات شمولية واسعة واستقصاء عميق متواصل في مجال من التخصص البحثي أرسى من خلال محاولاتهم الجادة قواعد أساسية لتاريخ الطباعة والصحافة في العراق، بدأت بواكير نضوجها في اربعينيات القرن الماضي. أولئك الذين تركوا خلفهم مثابات واضحة لأي محاولة مستقبلية لتعين الخلف على ما خلفه السلف من جهد واتر.
الاجماع الذي يقف عنده الباحثون في مجال الطباعة هو أن أصل اختراع آلة الطبع الحديثة يعود لمدينة ( سترسبورج ) الالمانية وإلى مخترعها ( جون غوتنبرغ ) الألماني ليس غير. على أن بعضا آخر ، لكنه قليل ، من الباحثين، يفيد بأن الصينيين هم أول من عرفوا الطباعة المتفرقة، وذلك في أواسط القرن الحادي عشر للميلاد. هذا البعض كان يتشبث بذيل المعلومة التي يحس بفتورها معقباً: ومع أن الصينيين هم أعرق الشعوب خبرة وتمرساً بصناعة الورق وصناعة الأحبار، ولكون أنهم صناع أوائل الزخرفة على الفخار. إلا أن ترجيح هذا الرأي يبقى في عداد الحادث الذي يعقبه الأثر. خلافاً لما تتركه قصة غوتنبرغ من آثار كثيرة وانتشار واسع النطاق.
على أن من المفيد الإشارة إلى أن واحدة من المهام من خصائص حضارة وادي الرافدين، هي أن العراقيين هم أول من عرفوا وسائل الطباعة الأولى والمتمثلة في اختراعهم للختم الاسطواني الحجري لينقشوا ما يريدون النقش عليه من كتابات ورسوم منذ ب-اية حاجتهم لتمجيد الإلهة مستخدمين هذه الأختام، فيما بعد، لطباعة النظم والقوانين والتراتيب الاجتماعية والإدارية الأخرى على ألواح طينية " رَقُمْ " كانت تحفظ كما تحفظ الصحائف اليوم. ذلك النوع من التجسيم كان يتعقب إثر ما تخلفه الدلالة الاجتماعية في الحياة، والذي ظهر أولا في عهد ( جمدة نصر ) ليتطور فيما بعد إلى ظهور فن النحت الناتئ الذي يمكن تقويمه على أنه الفتح الأول أمام العقل البشري ــ فيما بعد ــ لإيجاد بدائل لوسائل طباعية متأخرة، أكثر تطوراً، حلَ بها مشكلة التدوين وكتابة التاريخ ومنجزات البشر ولتمكين توسيع وانتشار التعامل القرائي بين البشر بشكل سريع، نشأ عنه في العصر الحديث قيام منظومة متطورة في الطباعة الحديثة بغاية الدقة والفن، قبل أن تأخذ طريقها إلى عبقرية غوتنبرغ أو لغيره بعشرات القرون.
لم تحفظ لنا التدوينات التاريخية ، بعد هذه الحقبة، شيئاً من تطور سير العملية الطباعية، إلا في نزرها اليسير والذي عُرف بمهنة الوراقة واستنساخ المخطوطات التي كانت تقوم مقام الطباعة في عصرنا . المهمة التي ازدهرت بازدهار الحضارة الاسلامية في نواحي المعرفة والعلوم والآداب والمتمثلة أولا باستنساخ المخطوطات اليونانية وترجمتها إلى العربية مما وسع دائرة مقتنيات المكتبة العربية والاسلامية. التوسع الذي وصل يوماً إلى مكتبة القاهرة التي أسسها الفاطميون وحدها، زهاء مليون وست مئة ألف مجلد. ناهيك عما احتوته مكتبة الحكمة في بغداد، والمكتبات الأخرى التي لوجودها في كل مسجد أو حتى في قاعات خاصة كبيرة منها وصغيرة أمثال ( المكتبة الوطنية في بغداد، ومكتبة المجمع العلمي العراقي ومكتبة جامع الخلاني وجامعي الإمام ابي حنيفة النعمان والكيلاني، وغيرها ) حتى وصل الحال إلى صالات بعض المستشفيات أحياناً، والتي كان وجدودها ضرورة معرفية لأبد منها.
أقول: لم يكن متيسراً أن نقرأ في التدوينات التاريخية القليلة عن نشوء وتطور الطباعة، سوى بعض عن إشارات ولمحات لم تكن تغني ـ بشكل جدي ـ أي موضوع هام في دراسة وبحث العملية الطباعية قبل سطوع فجرها العلمي المعروف في أعقاب نهاية القرن الخامس عشر الميلادي. الإنجاز الذي بدأ ، رغم أهميته وخطورته، صغيراً، كأي مولود، لكنه ما فتئ أن سطع نوره باهراً مع أنوار نهوض عصر الحضارة والمدنية في أوروبا. ذلكم العصر لم يكن بعيداً ولا منفصلاً عن مجريات وتداعيات تطور الحضارة العربية والاسلامية كما لم يكن بعيداً عن أسباب وحيثيات تعثرها، أو تدهورها فيما بعد.

نشاطات موازية

لقد رافق نشوء الطباعة في أوروبا، وتطور الصناعة فيها، نشاط مرحلة موازية، غاية في القتامة والتخلف والجهل عانته شعوب أوروبا جراء تسلط طبقات إقطاعية وسيادة عوائل استبدادية أوغلت كثيراً في العنت والثراء الفاحش والفساد، معلقة جل مصائرها على بدع فتاوى شاذة من ملاك طفيليين أكثر سوءاً، كانت ترتدي في أحلك ظلمة تاريخية ، مسوح رهبان، ابدعت لإضفاء الشرعية الدينية والقانونية على وجودها، وعلى حكم العائلات التي روجت "نيابتها " عن الله على أرضه وعباده ليقتلوا ولينهبوا ما شاء لهم من أموال وأرواح البشر، بل وعلى حرقهم وهم أحياء.
هذه الفئة المترهبنة، عمدت لإغراق أوروبا ومجتمعاتها بظلام مقيت وجهالة متعمدة من خلال حرق أو كشط مدونات الكتب والمخطوطات الفلسفية والعلمية والثقافية النفيسة، لتستنسخ بدلاً عنها فرية " صكوك الغفران " سيئة الصيت.
قبل أن تفتق ذهن غوتنبرغ بالعبقرية اللماحة، كانت الطباعة ومنذ مطلع القرن الخامس عشر الميلادي، ليست أكثر من نقوش وصور وكلمات يتم حفرها على ألواح خشبية وبعد تشذيب الفراغات منها، تظهر ناتئة، ليتم تحبيرها لطباعة الورق عليها بعناية وجهد كبيرين.
ربما بدأت قصة تطور الطباعة أولاً، وكما يذكر بعض مؤخريها، بطباعة ورق القمار المعروفة، قبل أو بعد، زمن طباعة الصور المقدسة على أحجام متنوعة من ألواح خشبية مسطحة وصقيلة، غير أن الكثير يتفق، كما قلنا، أن غوتنبرغ هو أول من كعب القطع الخشبية المنفصلة ليرسم عليها حروفاً أبجدية استعملها في طباعة الكلمات والسطور، كما هو حال ترتيب الحروف الرصاصية الذي ما يزال معروفاً حتى اليوم. ذلك الفتح الكبير الذي سجله هذا الداهية قبل أكثر من خمس مئة وخمسين عاماً.
حروف روتنبرغ الخشبية المتفرقة تلك، والتي وجدها أسوة بغيرها من الأشياء، تتعرض للانتفاخ والتمدد أو التقلص أو التلف، وجدها تتعرض أيضاً للتشقق بفعل عوامل الطبيعة، مما جعله يستبدلها أولا بالنحاس ثم بالرصاص، المادة الأولية الأكثر تيسراً وفائدة ورخصاً وسهولة في رصف الحروف ببعض وعلى توزيعها بعد الانتهاء من طبع المادة عليها، في خانات خشبية خاصة بها، يسميها مرتبو الحروف اليوم بـ " التزكَاة ".
بعد فراغ غوتنبرغ من تجاربه الأولى تلك في مدينة سترسبورج مقرراً العودة إلى ( منتزه ) مسقط رأسه وذلك عام 1445م، حيث تعاقد هناك مع ( يوحنا فوست ) الرجل الثري الذي أمده بالمال ليحول مشروع فكرة تطويع الرصاص إلى حروف صغيرة متفرقة، إلى مشروع صناعي كبير يتم فيه سباكة الأمهات (القوالب) النحاسية التي ينتج منها حروف الرصاص، وحين نجح في ذلك، طبع كتاب التوراة ذي الاثنين والاربعين سطراً، مطبوعاً بالحروف الجديدة عام 1450م. ولما كان محظوراً على مثل هذا الانجاز الخطير أن يستمر ويتطور، ناهيك أن يرى النور أساساً، بفعل قوة هيمنة الكنيسة والنظام المستبد على الدولة والمجتمع وممارساتهما المختلفة لتجهيل المجتمع وأحكام طوق التخلف عليه. فقد أندفع غوتنبرغ لحماية مشروعه ونفسه من التفسيق والحرق، وربما من الإهمال، إلى عصمة الأمر برمته من خلال العمل على طباعة كتب الديانة المسيحية والصور الخاصة بها، حتى أستحق واحداً من ألقاب الشرف الرسمية التي منحها إياه رئيس الأساقفة مجازلاً له العطاء بعد أن طلب منه أن يتجه إلى مقر رسمي خاص ليقيم هو ومطبعته فيه عن طيب خاطر، حتى وفاه الأجل سنة 1468م.
مما لا شك فيه، أن الطباعة ، مثلها مثل بقية العناصر الحية الأكثر شيوعاً، لا يمكن أن تتطور أو تتمكن من الظهور والنجاح والاستمرار، ما لم يتهيأ لها المناخ المناسب لنموها والظروف المثالية لديمومتها وتطورها. هذه العوامل المساعدة التي كان لتوفرها في نشوء وتطور الطباعة الأثر الكبير الذي لابد منه لإرضاع وليد أقام بولادته أسباب أنتشار مناخ جديد للمعرفة والثقافة وتوسيع دائرة العلوم. فمناخات مثل الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والنظرة المتفائلة للحاجة القصوى للمجتمع بغذاء الثقافة والمعرفة، كانت من أهم العناصر الحية التي أضفت على وعي الإنسان وقدراته، قابلية على استخدام آلة الطباعة وتطويرها ـ ولو بشكل متفاوت ـ في حياته اليومية.
ومع حاجة شعوب أوروبا، بدأت حاجة البلدان المجاورة لها أولاً، ومن ثم البعيدة عنها فيما بعد، لاقتناء هذه الآلة الالمانية وتلكم الحروف الرصاصية تزداد يوماً بعد آخر. فلم يمض وقت طويل حتى انتقلت بكل علومها التكاملية إلى بلدان أخرى مثل تركيا، الجارة الشمالية للعراق.
استخدمت تركيا الحروف التركية قبل العربية في طباعتها للنصوص العالمية بلغاتها المتعددة أو الحية منها. على أن أول مطبعة استخدمت الحروف العربية أولاً هي التي نشأت في إيطاليا عام 1514م، حيث طبع فيها كتاب ( صلاة السواعي )، بعد أن حمل فن طباعة الحروف المتفرقة إليها من ألمانيا عاملان كانا يعملان مع غوتنبرغ. أما كيف ومتى عرف العراقيون وبعض شعوب البلدان العربية الأخرى، الطباعة والمطابع ونشر الكتب والصحافة فيها، فمرده إلى أن هذه المنطقة الحيوية من العالم والتي كان أصل نشأة الطباعة فيها، قد تعرضت وخلال وقوعها تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية مدة تزيد على أربعة قرون، إلى أبشع وأقسى ظروف التخلف والعبودية والامتهان أدت إلى إعاقة مسيرتها بركب الحضارة الانسانية زمناً ليس بالقصير. الأمر الذي أشاع بالنتيجة في هذه البلدان وبين أبنائها جواً خانقاً أفسد به منابع الفكر والثقافة والأصول الوطنية والقومية. عانت منها جميع شعوب المنطقة بالتساوي، حتى لم يسلم من أذاها شعوب تركيا نفسها التي كانت تتجرع الأمرين من فساد وبطش آل عثمان. 
هكذا وبعد كل ما حصل من تردي الاوضاع بكل مفاصلها وشيوع التخلف في دول السلطنة، نجد أنه لم تعد في هذه البلدان العربية الشهيرة بقوة ماضيها الاجتماعي وابداعاتها المميزة في مجال الجدل والثقافة والأدب والشعر إلا أن تنشغل وبإصرار، على الحاق ثانية بركب الحضارة، ومن خلال امتلاك آلة الطباعة حيث لا مناص ولا خيار آخر يمكنها لتأكيد صدق تطلعها نحو الحياة الجديدة.
مرجعية ثقافية

وحيث تتفاعل إرادة المشروع في التغيير والتعبير، مع أصول المرجعية الثقافية للمجتمع، فأن من الخطأ التعامل مع أية دراسة في الأصول والفروع بعيداً عن معرفة أحوال المجتمع وعلاقاته بعضه ببعض، وبينه وبين السلطة الحاكمة فيه من جهة، وبين هذين والظروف المحيطة بهما على السواء من جهة أخرى.
ففي أخريات حكم السلطان عبد الحميد بما عرف عنه من الحكم المطلق وتردي الاوضاع في أعقاب إخفاق فئة من المصلحين عرفوا بـ ( رجال التنظيمات ) الذين اصطدمت جهودهم المبذولة بعراقيل كثيرة ومتنوعة أهمها نزوات السلاطين واستبدادهم، علاوة على فساد رجال الحاشية من حولهم، وجدوا أن معالجة تلك الأوضاع لا يكون إلا بتنظيم دستوري يكفل مشروعاتهم الاصلاحية صفة القانونية وقوة الدولة. غير أن نجاح محاولات المصلحين أمثال مدحت باشا وزملائه في إعلان الدستور الأول سنة 1876م، الذي عرف بالقانون الأساسي لم يدم طويلاً.
وبما أن الطباعة بما تحمله من " شرور" ، كما يصفها سلاطين الدولة العثمانية، كانت من بدع واعاجيب الحضارة الأوروبية التي لم تطمئن الدولة العثمانية إليها، ولم تسمح بانتشارها إلا بحدود ضيقة جداً، وفي المجال الذي يؤكد سلطتها وقوة تأثيرها على البلدان الخاضعة لها من ناحية، وإلى ما يجنبها، بأي شكل من الأشكال، من حقيقة أفول شمسها التي بدت تذوي سريعاً في انحدار مريع نحو المغيب الذي لابد منه.
كل هذا مكن الشعوب العربية، التي منها العراقيون، من امتلاك آلة الطباعة مع مستلزماتها وفنونها، لتدارك أوضاعها الحالية وتبديلها بأوضاع أحسن منها ، ساعة ادركت بأن يوم الخلاص من آل عثمان واستعمارهم آت بلا ريب.
أختلف المؤرخون العرب والعراقيون في تدوين الميلاد الحقيقي لدخول أول ماكنة طباعة وميلاد أول صحيفة في أي من البلدان العربية. في حين ذهب بعضهم إلى تسجيل عام 1828 لميلاد أول صحيفة هو في مصر، حينما أنشأ محمد علب باشا أول جريدة عربية سنة 1828م باسم ( الوقائع المصرية ). غير أن مؤرخي الصحافة يذكرون بأن أول صحيفة صدرت في مصر هي صحيفة (جورنال الخديوي ) وحينما تبين لمحمد علي أن الصحيفة لا تخدم اغراضه فكر في إنشاء ( الوقائع المصرية ). في الوقت الذي وردت في أسفار رحالة الافرنج ومنهم الانكليز، تلميحات وإشارات إلى أن أول صحيفة ظهرت في بغداد، كانت تعرف باسم ( جورنال العراق). انشأها داود باشا، الوالي الشهير عندما تسلم الولاية سنة 1816م.
أن ما يعنينا بهذا الصدد ليس الصحف المختلف على أولوية صدورها، هنا أو هناك، بقدر ما يعنينا أن هذه الصحف كانت تطبع في مطابع محلية. يقول الباحث ( رزوق عيسى ) في معرض إفادته عن تاريخ تأسيس جريدة ( جورنال العراق ) انها كانت تطبع في مطبعة حجرية في بغداد. وكما لم يحسم أمر أول بلد عربي أمتلك بعد تركيا أول مطبعة إن كانت حجرية أو آلية، لم يحسم أمر أول الولايات في العراق التي عرفت هذه المطبعة، مثلما اختلفوا بأمر أول صحيفة صدرت عنها. وأول سنة انشائها.
ففي مقالات متسلسلة كتبها المرحوم ( روفائيل بطي ) نشرها في مجلة ( لغة العرب) تحت عنوان: ( تاريخ الطباعة العراقية ) في أيلول عام 1926. كرس ألتماسه للتاريخ لتدوين بداية رحلة العراق في عالم الطباعة، حين أشار في جزء من مقالاته تلك حول مطبعة ( الدومينيكان ) المؤسسة في الموصل، عاداً إياها بداية لهذه الرحلة. فما كان من ( رزوق عيسى ) إلا أن يعقب، في المجلة ذاتها حول دلالات عديدة وردت في مقالات بطي، بالقول: " الذي لفت نظري قول الكاتب أنه وفي السنة عينها 1856، جلب إلى كربلاء أحد أكابر الفرس مطبعة حجرية، لا يذكر الناس من إنتاجها إلا سفراً بقي بكراً وحيداً (...) وقد فاته ذكر أول مطبعة حجرية تأسست في الكاظمية وطبع فيها ( دوحة الوزراء في تاريخ وقائع الزوراء ) تأليف الشيخ رسول أفندي الكركوكلي ــ نسبة إلى كركوك ــ ، وقد تولى طبع هذا الكتاب ( مرزا محمد باقر التفليسي ) بخطه عام 1237هـ 1821م.

بعثة برئاسة محمد باقر التغلبي

في حين يذكر آخر بأن اول ماكنة طباعية كانت انكليزية الصنع شبيهة بأول مطبعة حديدية صنعت في أوائل القن التاسع عشر، ذات الجهاز اللولبي، التي شاع استعمالها حتى نهاية القرن المذكور. وقد تم شراؤها عن شركة الهند الشرقية، إذ كان داود باشا يطلب المعدات والتجهيزات بصورة مباشرة من بومبي، أو أنه يتم التعاقد مع احد وكلاء الشركة المذكورة للمتواجدين في بغداد. ولهذا فأن أرسال محمد باقر التغلبي إلى ايران على رأس بعثة تعلمت الفنون المطبعية هناك، ليست ظاهرة تقليدية لما فعل محمد علي باشا والي مصر بإرسال بعثة إلى بريطانيا برئاسة نيقولا المسابيكي، بل لها مغزى آخر، إذ كان التغلبي يجيد اللغة الفارسية، وأنه من المماليك الذين تجمعهم بداود باشا رابطة الدم التفليسي، أحدى مدن جورجيا الروسية. 


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.47079
Total : 101