الحاجة الى سيادة الدستور والقانون وتعزيزهما من خلال الإنتخابات
هل من حل للغز الحالة الأمنية في العراق
قراءة للواقع العراقي.. ( واقع مؤلم ومشاكل ومعالجات ).. وتطلعات
مشاكل الواقع العراقي
كثيرة هي المشاكل التي تواجه العراق منها ( داخلية ) ومنها ( خارجية ).. إلاّ أننا سنسلط الضوء على بعض النقاط التي تخص الواقع السياسي المرير في العراق، وأسباب تداعياته، وسبل معالجته ونشير الى العوامل التي أرهقت أمن العراق وإقتصاده:
فمنها:
أولاً:
كثرة الكتل السياسية داخل البرلمان العراقي خصوصاً تلك الكتل التي لاتستحق المشاركة بسبب إما أنها أنانية ليس لها غِيرة على الشعب أوالوطن أو أنها تريد الإستئثار بالقرار داخل البرلمان ومن ثم التحكم بالسلطة.
إذ يمر العراق بظروف عسيرة بسبب الخلافات السياسية العميقة بين الشركاء الأمر الذي سمح لعديد من الدول التدخل في وطن مستهدف كالعراق ذو طابع إستراتيجي وأمني وإقتصادي خاص حرك الى تعريض العراق الى الإنقسامات والأخطار الجسيمة.
ثانياً:
كثرة الكتل الطامعة في المال والمنصب والتي لاتستحق التمثيل الشعبي كونها إنتهازية عَبَرَتْ الى البرلمان في غفلة من الزمن السئ الذي شهد إنهياراً للدكتاتورية، في الوقت الذي كثرت فيه الزعامات والكتل المتصارعة التي أتاحت الفرصة لصغار السياسة المتاجرين بدماء وأموال الشعب ومراهقيها الصغار من التسلق الى البرلمان والحصول على مقاعد تَدُرّ عليهم الربح الفاحش.
فهناك الكثير من الكتل التي شغلها المنصب والمال لكنهم وبالتالي شكلت هذه الكتل واجهات مهمتها القيام بحملات عدائية كبيرة إنصبت في التنكيل والتجريح والتشويه لكل ماهو ناصح وجميل.
ثالثاً:
كثرة الفضائيات التي شغلت مساحات اعلامية واسعة بعد أن مَدَّتْها قوى ظلامية مروجة للفتن بالمال وبمختلف أنواع الدعم المادي والمعنوي مما هيأ الى إعلام حقير غير منضبط لايستحق الإحترام يسعى لتنفيذ ماتمليه عليه الجهات الممولة التي تفتقد للمبادئ والقيم العالية وللروح الوطنية والإنسانية.
فلقد باشر الإعلام البعثي الطائفي منذ البداية متمثلاً بالأجهزة والقنوات الإعلامية التابعة لدول الخليج ومنها دولة قطر واشباهها من الحكومات المشبوهة التي حان وقت تغييرها وتشكيل حكومات شعبية ديمقراطية نابعة من إرادة الشعوب سواء إتخذت النظام الملكي الدستوري أو غيره من أنظمة الحكم الشعبية.. وفي تقديرنا فأن الدول العظمى قد أدركت هذه الحقيقة.. فمواضع الإرهاب ومواقعه نابع من هذه الدول التي لاتفهم معنى الإنسانية ولاتفهم معنى التعايش والحوار بين الشعوب، واليوم هو يوم إنتصار الشعوب على الأنظمة القبلية ولابد للدول الكبرى أن تلجأ الى تحديث العالم المتخلف والأخذ بمبادئ الديمقراطية الحديثة بلا حروب ولاإرهاب.
وعلى الدول الكبرى التعاون مع الديمقراطيات الناشئة في المنطقة من أجل ترسيخ مبدأ الديمقراطية وتخليص الحكومات من عناصر الإرهاب المندسة في قيادة المجتمع الديمقراطي ومن أجل العمل بالدستور.
رابعاً:
أشباه رجال ولارجال
كثر المشتغلون في السياسة من أشباه الرجال الذين سقطوا في وحل الإعلام الفاسد الذي يصب في مصلحة أعداء العراق التقليدين من أنماط الرجعية وذوي الأفكار الطائفية وذيول القوى المناهضة للشعوب الحرة في المنطقة.
ولقد ولَّد نظام صدام وحزبه جيشاً من المجرمين لم يشهد له الناريخ مثيلاً فنموذج البعث كان من أشد النماذج إستهتاراً بمقدرات الشعوب ولقد فاق هذا الحزب في غيه كل الدكتاتوريات الحاكمة عبر التاريخ الحديث، فالدكتاتورية البعثية كانت هي الأشد على الشعب والوطن من مثيلاتها في العصر الحديث.
إن أمثال هؤلاء ومن رضي بقولهم وفعلهم لهم أشباه الرجال بل هم الأخس والأردئ في عالم يشتاق الى الحياة الحرة الكريمة.
خامساً:
حيل وخداع وغدر وطمع وإنحراف
وظهور حالات من الغدر والخداع والتحايل في السلوك السياسي والطائفي المنحرف، وكل هذه العوامل تحتاج الى التخطيط والعمل الجدي للحد من هذه الظواهر والمظاهر الفاسدة ولأجل ذلك سنأتي على ذكر بعض المقترحات المهمة لمعالجة الوضع السياسي القائم.
لقد جندت بعض الكتل وأعدت بعض الشخصيات من النسوة والرجال للوقوف أمام الميكروفون تسب وتشتم وتكيل التهم والأقاويل بدلاً عن تقديم ماينفع للناس والشعب.. ولقد أعدت مجموعات من المتخصصيين في التشويه وقلب الحقائق ورغم كل ذلك فالشعب أصبح أكثر وعياً مما مضى وهو في كل مرة يختار الأمين الذي يقف الى جانب الفقراء والمظلومين من الشهداء والسجناء الأحرار، ومن المنتظر أن يقف كل الجنود الأبطال والشرطة الأحرار والشعب كله الى جانب المختار الذي سينتخبونه ويقولون له إنا معك.
الإنتخابات
وفي هذا الوقت العصيب الذي تتجه فيه الأنظار الى الإنتخابات التي ستجري في وقت لاحق لايعدو أكثر من شهر نصحت فيه المرجعية بالتوجه الى صناديق الإقتراع لممارسة الحق الديمقراطي وإختيار النبلاء من نواب الشعب والعمل على رفع النخبة المختارة من أصحاب الكفاءة والنزاهة والإبتعاد عن الإختيارات العشوائية فالعقل والمنطق هو السبيل للخيار الصائب الذي يصب في مصلحة الشعب والوطن.
كما نرفع ندائنا الى كافة الزعامات الدينية والسياسية وندعوها الى العمل من أجل وحدة الصف وإحترام الخيار الشعبي والعمل على نبذ الحملات الإعلامية التي تخدم الأشخاص ولاتخدم الشعب.
وإن على هذه الجميع أن لايتركوا الفرصة امام أصحاب النوايا السيئة، فالأعداء عند غدرهم والشعوب عند التنظيم، وفي نفس الوقت فإننا نحث كافة أبناء الشعب الى حسن الإختيار الحر والعمل سوية مع الأخيار من أبناء الوطن والسير يداً بيد من أجل بناء دولة العدل والمساواة والعيش تحت سقف واحد بلا تمييز ولاظلم ولا جور بين أبناء البلد الواحد.
مقترحات لمعالجة الوضع السياسي
ولأجل معالجة الوضع السياسي بشكل جذري نرى أهمية مايلي وعلى شكل نقاط:
المقترح الأول:
العمل على إلغاء التعددية الحزبية المفرطة والوصول الى الحد الأدنى منها.
المقترح الثاني:
العمل على التخلص من التعدد المفرط في عدد الكتل والوصول الى الحد الأدنى منها.
المقترح الثالث:
العمل على إيقاف السلوك الإعلامي الخاطئ والحد من الممارسات الإعلامية السيئة خصوصاً من قبل المشاركين في السلطتين التشريعية والتنفيذية وبالأخص الصفوف المتقدمة من أعضاء كل من البرلمان والحكومة.
المقترح الرابع:
الحد من التنافس الحزبي والشخصي غير المشروع الذي يعتمد على عملية التسقيط على حساب المصالح الوطنية العليا.
المقترح الخامس:
العمل على إبعاد أصحاب النوايا السيئة من الشركاء، وبالأخص من خلال عملية إختيار المرشحين في عملية الإنتخاب وأن تعمل الفرق والكتل على إبعاد كل العناصر التي تتجاوز على وحدة الكلمة ووتدفع الى تمزيق الصف الوطني.. وأن تكون مهمة الكتل هي الوعي الكامل لعملية إختيار قياداتها، وأن تحرص على تغيير أية قيادة لاترعى الإحترام الكامل للشركاء داخل المنظومتين التشريعية والتنفيذية.
المقترح السادس:
أن تبذل القيادات السياسية الوطنية وسعها لأجل التخلص من عناصرها السيئة االتي تعيق الشراكة الوطنية والتي تعمل على تعميق الخصومات والعداء بين الشركاء.
تفصيل
أولاً:
التعدد الحزبي المفرط:
إن من اسباب التردي الذي طال العملية السياسية في العراق والذي أخل بمبادئ الديمقراطية هو فرط التعدد الحزبي، ولابد للحياة الحزبية في هذه الحالة أن تتجسد في خيارات صائبة لمهمة إختيار النخبة رعاية للقانون والدستور الذي يحمي الشعب من ولادة أية دكتاتورية جديدة تعتمد على مبدأ القوة والهيمنة سواء تلك التي تعتمد الانقلابات العسكرية أو التي تسعى لتشكيل عصابات داخل المؤسسات الحاكمة.
ثانياً:
التعدد المفرط في عدد الكتل:
و تعتبر هذه الحالة عنصر هدم وتخريب للحياة الديمقراطية بإعتبارها تزيد من الخلافات والخصومات كما تعتبر مصدراً مقلقاً للحالة السياسية التي من الممكن أن تشكل خطراً على مستقبل الشعوب التي تحب النظام وتكره الفوضى، وهنا ينبغي التوقف عند أقل عدد ممكن من الكتل والأحزاب كما هو عليه الحال في أكبر الدول ذات الطابع الديمقراطي.
ثالثاً:
السلوك الإعلامي الخاطئ لإعضاء الحكومة والبرلمان
يعد السلوك الاعلامي لإعضاء البرلمان وأعضاء الحكومة في الوقت الحاضر إعلام تخريب وتشويه للحياة الديمقراطية وهو اقرب مايكون الى السلوك الشيطاني منه الى خيارات الحياة السياسية البناءة.
ويعتبر البعض هؤلاء أصحاب ضلالة وانحراف، ثقافي وفكري لايهمهم سوى المصالح الشخصية والفئوية وهم أشبه في سلوكهم هذا بالمراهقين الذين يمارسون هواية اللعب بالنار.
رابعاً:
التنافس الحزبي والشخصي غير المشروع إعتماداً على عملية التسقيط:
ويشكل التنافس الحزبي في الحياة السياسية نوعاً من الحرب النفسية التي لاتعتمد على مايقدمه العضو البرلماني من برامج بل بحسب مايقدمه من السباب والشتائم في عمليات التسقيط الممنهج لغرض تفريغ الساحة السياسية من المنافسين وإرضاءاً لحزبه وكتلته على حساب مصالح الشعب ومستقبل الوطن من دون النظر الى ماينتظره المجتمع من بناء وتأسيس لنجاحات مطلوبة يخدم بها شعبه ووطنه.
خامساً:
سوء النوايا لدى الشركاء:
فمادامت الشراكة بين إخوة وأحبة فهي تدعو الى الخير، وأما شراكة الأشرار فزائفة وهي بمثابة إدخال الجسم الغريب في الجسم الصحيح، وحتى الشراكة بين الإخوة إذا لم تكن على أساس التقوى فهي شراكة فاسدة.. فالشراكة بمعناها النبيل هي التعاون والتشارك في المهام والهموم وتطبيق الشريعة والعمل من أجل خدمة الإنسان والمواطن والسعي لإسعاد الشعب وتلبية مطاليبه المشروعة وحسن الظن بالإخوة على أساس الإحترام المتبادل والعمل سوية على إنجاز المهام الكبرى التي ينتظرها الناس من أجل حياة آمنة مستقرة.
سادساً:
الشراكة السيئة القائمة على الغدر:
إن الشراكة مع العدو المبغض هي شراكة سيئة لاينتظر منها أي خير فهي قائمة على باطل ولاينتظر منها إلاّ الغدر والخيانة والدسائس والمؤامرات.
خاتمة
وأخيراً ندعوا أبناء شعبنا العظيم الى التمسك بالديمقراطية وممارسة حق الإنتخاب والتحري عن العناصر الكفوءة لإنتخابها وسد الأبواب أمام المريدين للعراق السوء، كما ندعو الساسة جميعاً الى التحلي بالإنضباط الأخلاقي وإنتهاج السلوك السياسي اللائق بأعضاء البرلمان ونأمل أن تكون النخبة المنتظرة عامل بناء وأمن وإستقرار وسعادة من أجل سيادة العدل والقانون وإحترام الدستور.
مقالات اخرى للكاتب