اوربا السياسية في الحكم هل هي فعلا تريد حلا فعليا للإرهاب الذي يدك ديارها؟ اليس فظيعا ان تموت في محطة ميترو و انت متجه الى القاء محاضرة في التـنوير الأوربي او الى عـقد صفـقة او مساعـدة صديق، او بكل بساطة متجه للعمل او حتى النزهة او حتى الى لـقاء صديقـتـك لممارسة الحب؟
طبعا هذا الامر مؤلم. لكن اليس الحل الفعلي ينطلق مبدئيا من تعـقـل الواقع الجديد و هي ان العربي في طور الفعل التاريخي و كره خنوعه و خوفه و النـظرة الاحتـقارية اليه و الى دينه و رسوله و رموزه السياسية في مقاومة الامبريالية و إسرائيل
اليس الواقع العربي بثورة الحرية للشعوب و في مقابلها الداعشية هي حركة التاريخ المخاتـلة. هو انتـفاضة الذات نحو اثبات وجودها و استحقـاق احـقيتها في وجود عزيز بدل المذلة و قوي بدل الضعف وحر بدل الاهانة. طبعا نحن هنا امام العناوين العامة في نفـس الخندق و لكن الامر لا ينـفي الصراع العربي داخل هذه العناوين. الصراع بين الثورة و الثورة المضادة و ان كانت الاخيرة تستـند الى طلب العزة و الكرامة بما هي المطلب الاساسي للشعوب العربية..
فأوربا السياسية الحاكمة منافـقـة بامتياز و لعلها تدرك انها تسير بذلك عكس خط مصالحها الحقيقية. كلهم يدركون بل متأكدون و واثـقون من خلال تـقارير مخابراتهم مصدر هذا الارهاب و مموليه و مسيريه الذي هو تعبير عن تحالف الثورة المضادة لثورة الحرية العربية. الامر كذلك حتى بالنسبة للمتصارعين اللذين هم من هذه الزاوية متحالفون. الم يترك المالكي في العراق داعش تسيطر على الموصل ليسد الطريق امام المطالب الوطنية في ازاحته و تغيـير مجريات العملية السياسية في الحكم ما بعد "بريمر"؟
الم يترك النظام السوري "داعش" يسيطر على المدينة التاريخية "تدمر" بل انه سحب قواته منها قبل يومين من تاريخ احتلالها من داعش. هذه الاخيرة سارت في الطريق البري من الرقة الى "تـدمر" في منطقـة عارية شبه منبـسطة لمسافة تـقارب المئـتي كيلومتر دون ان تـقـصفها الطائرات السورية و لو برصاصة واحدة..
الم يشهد العراقيون ان امريكا تـنـزل من طائراتها الغـذاء الى المناطق التي سيطر عليها داعش في الفلوجة و الرمادي و تكريت؟
و اوربا هذه صدعوا رؤوسنا بدعمهم لتونس كـتجربة ديمقراطية استـثـنائية في المنطـقة العربية. طبعا هناك اختلاف بين دلالة هذه الكلمات عـندنا و بين دلالتها عندهم. انها تـنبع من موقـف احتـقاري للعرب باعتبارهم همج، و هو من ناحية اخرى تـنكر لما اقره عديد مؤرخيهم و مفكريهم من ان العرب حضارة كبرى و تـقـدم انساني في عـصور الظلام الاوربي. اما نحن فنؤمن بهذه الاستـثـنائية كمقـدمة لديمقراطيات عربية في كل بلد عربي حر عزيز مقـتـدر ، و نحو العودة الى القيام بالدور العربي في انـشاء حضارة جديدة مناقـضة لمنـطق تسليع الانسان و تجريده من انسانيته..
فحسب اتـفاق عديد الخبراء الاقـتصاديـين فان تونس تحتاج الى نحو 30 مليار دولار لبناء وضع اقـتصادي مطمئن. هل هذا المبلغ كبير بالنسبة لأوربا او أمريكا طبعا لا، و لكنهم بنظرتهم الاستعمارية الاستغلالية الامبريالية ينظرون الى الامر بمنطق المساومة حسب ما يرونه من متطلباتهم الآنية. انهم يريدون الحفاظ بل الايغال في احتكار البلد و قـتل ثورتها و تحويلها قدر الامكان الى الوضع الذي يخدم مصالحهم فقط..
و نحن نقول ان مصلحتهم الحقيقية هي في تـنمية حقيقية و ديمقراطية حقيقية و سياسة ثـقافية و تعليمية تخـدم تطلع الشعب نحو نهـضة حضارية شاملة حقيقية. هذا في تونس و في ليبيا و مصر و كل الدول العربية. ساعتها فقط يمكنهم الاطمئـنان من خطر الارهاب...
مقالات اخرى للكاتب