مثل كل العراقيين، لاتربطني بالسياسيين، كتلا وأحزابا وشخصيات، سوى خيوط متينة من الشك والريبة. شك بنواياهم التي غالبا ما ترتهن الى مصالحهم الشخصية الضيقة، وريبة من تحركاتهم التي تؤجج الصراعات والنزاعات الطائفية من أجل إمتطائها، والغوص أعمق فأعمق في بحر الدم الذي تخلفه المفخخات والاحزمة الناسفة التي بات في علم اليقين إنها من صنع هذا الطرف أو ذاك من أطراف العملية السياسية ذاتها.
إعتصامات البرلمانيين لا تبتعد كثيرا عن هذه الخيوط. بعضهم شعر ان ثقب سفينة العملية السياسية بدأ يتسع، وإن غرقها بات وشيكا، فآثر النأي بنفسه عنها واختار البقاء في رصيف البرلمان "معتصما"، مدججا بما متاح لديه من شعارات الوحدة الوطنية وبغض الطائفية ومحاربة الفساد، فيما إستعان بعضهم الآخر بورش السفارات، الامريكية والإيرانية والسعودية وغيرها، لإصلاح العطب الذي لا يمكن إصلاحه.
بين البعضين، تتناثر الاتهامات والشعارات التي أصبحت قيحا مقززا أوصل الغضب الشعبي المتصاعد الى حد نصب المشانق في ساحة التحرير، وهي رسالة خطيرة قد تقود البلاد الى حرائق لايمكن إطفائها، خصوصا بعد أن انكشفت بشكل واضح خيوط اللعبة التي مارستها واشنطن والعواصم الإقليمية باستمراء حالة الفرقة والتشرذم والتخندق الطائفي والاثني، بإعتباره الطريق السالكة نحو شفط ثروات العراق.
وسط هذا التجاذب، صار من الصعب أن يحظى أي من البرلمانين، برلمان المعتصمين وبرلمان الجبوري بالنصاب الذي تستمر على سكته الكوميديا البرلمانية، وما يقال عن مبادرات "العقلاء" لردم الهوة بين البرلمانين أو تجسير مسافة الخلاف بينهما، هو ليس سوى محاولة للعودة الى المربع الأول حيث سترفع الستارة مجددا عن إستمرار عرض الكوميديا البرلمانية.
الحكومة مستمرة بقيادة مسيرة الفشل وسط بحبوحة من الاسترخاء نتيجة تعطيل الضغط على العبادي لتقديم وزارة التكنوقراط التي تعسرت ولادتها. اللصوص والقراصنة مستمرون بالسلب والنهب مع سبق الإصرار والترصد. السلطة القضائية متنعمة بسباتها الذي أصبح أحد أبرز سماتها. والمواطن غارق في لجج الضياع والفوضى بانتظار مآلات الوضع الغامض، والذي زاده انسحاب كتلة الاحرار من إعتصام البرلمانيين غموضا.
ودون محاكمة النوايا، تطفو على السطح إدعاءات الخلاف بين رؤساء الكتل والبرلمانيين المعتصمين الساعين الى الخروج من عباءة أولئك الرؤساء. وقد يبدو أهم فصول الكوميديا
البرلمانية إضحاكا خروج النائبة حنان الفتلاوي عن محور نوري المالكي رغم انها بذاتها رئيسة كتلة إرادة. ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للأسماء الأخرى، ولا سيما أولئك الذين صعدوا الى البرلمان بالاصوات الفائضة لرئيس الكتلة أو وفق قاعدة المقاعد التعويضية، مع انهم خارج هذه السياقات الانتخابية المشوهة لم يحلموا بزيارة البرلمان لكون عدد الأصوات التي حصلوا عليها لم تتعدى عدد أصوات عوائلهم وبعض المتفضلين من الجيران والاقارب. ولازالة الشك والريبة والغموض أمام الشعب الذي يدعي الجميع الدفاع عنه وعن حقوقه، على هؤلاء تشكيل جبهة إنقاذ وطني عابرة للاثنية والطائفية، وفي الحد الأدنى ستمثل هذه الجبهة الثلث المعطل داخل قبة البرلمان، شريطة ان تعلن برنامجها السياسي ونظامها الداخلي ورؤيتها السياسية أمام الرأي العام.
في أحد مشاهد تلك الكوميديا البرلمانية يتفجر سؤال وسط حشد المتفرجين، لماذا يصر فرسان المدنية، مثال الآلوسي وفائق الشيخ علي وشروق العبايجي، على الانزواء خلف الكواليس ولا يشاركون في فصول عرض الكوميديا. سؤال ليس بريئا.الكوميديا البرلمانية
علي الجفال
مثل كل العراقيين، لاتربطني بالسياسيين، كتلا وأحزابا وشخصيات، سوى خيوط متينة من الشك والريبة. شك بنواياهم التي غالبا ما ترتهن الى مصالحهم الشخصية الضيقة، وريبة من تحركاتهم التي تؤجج الصراعات والنزاعات الطائفية من أجل إمتطائها، والغوص أعمق فأعمق في بحر الدم الذي تخلفه المفخخات والاحزمة الناسفة التي بات في علم اليقين إنها من صنع هذا الطرف أو ذاك من أطراف العملية السياسية ذاتها.
إعتصامات البرلمانيين لا تبتعد كثيرا عن هذه الخيوط. بعضهم شعر ان ثقب سفينة العملية السياسية بدأ يتسع، وإن غرقها بات وشيكا، فآثر النأي بنفسه عنها واختار البقاء في رصيف البرلمان "معتصما"، مدججا بما متاح لديه من شعارات الوحدة الوطنية وبغض الطائفية ومحاربة الفساد، فيما إستعان بعضهم الآخر بورش السفارات، الامريكية والإيرانية والسعودية وغيرها، لإصلاح العطب الذي لا يمكن إصلاحه.
بين البعضين، تتناثر الاتهامات والشعارات التي أصبحت قيحا مقززا أوصل الغضب الشعبي المتصاعد الى حد نصب المشانق في ساحة التحرير، وهي رسالة خطيرة قد تقود البلاد الى حرائق لايمكن إطفائها، خصوصا بعد أن انكشفت بشكل واضح خيوط اللعبة التي مارستها واشنطن والعواصم الإقليمية باستمراء حالة الفرقة والتشرذم والتخندق الطائفي والاثني، بإعتباره الطريق السالكة نحو شفط ثروات العراق.
وسط هذا التجاذب، صار من الصعب أن يحظى أي من البرلمانين، برلمان المعتصمين وبرلمان الجبوري بالنصاب الذي تستمر على سكته الكوميديا البرلمانية، وما يقال عن مبادرات "العقلاء" لردم الهوة بين البرلمانين أو تجسير مسافة الخلاف بينهما، هو ليس سوى محاولة للعودة الى المربع الأول حيث سترفع الستارة مجددا عن إستمرار عرض الكوميديا البرلمانية.
الحكومة مستمرة بقيادة مسيرة الفشل وسط بحبوحة من الاسترخاء نتيجة تعطيل الضغط على العبادي لتقديم وزارة التكنوقراط التي تعسرت ولادتها. اللصوص والقراصنة مستمرون بالسلب والنهب مع سبق الإصرار والترصد. السلطة القضائية متنعمة بسباتها الذي أصبح أحد أبرز سماتها. والمواطن غارق في لجج الضياع والفوضى بانتظار مآلات الوضع الغامض، والذي زاده انسحاب كتلة الاحرار من إعتصام البرلمانيين غموضا.
ودون محاكمة النوايا، تطفو على السطح إدعاءات الخلاف بين رؤساء الكتل والبرلمانيين المعتصمين الساعين الى الخروج من عباءة أولئك الرؤساء. وقد يبدو أهم فصول الكوميديا
البرلمانية إضحاكا خروج النائبة حنان الفتلاوي عن محور نوري المالكي رغم انها بذاتها رئيسة كتلة إرادة. ولا يختلف الامر كثيرا بالنسبة للأسماء الأخرى، ولا سيما أولئك الذين صعدوا الى البرلمان بالاصوات الفائضة لرئيس الكتلة أو وفق قاعدة المقاعد التعويضية، مع انهم خارج هذه السياقات الانتخابية المشوهة لم يحلموا بزيارة البرلمان لكون عدد الأصوات التي حصلوا عليها لم تتعدى عدد أصوات عوائلهم وبعض المتفضلين من الجيران والاقارب. ولازالة الشك والريبة والغموض أمام الشعب الذي يدعي الجميع الدفاع عنه وعن حقوقه، على هؤلاء تشكيل جبهة إنقاذ وطني عابرة للاثنية والطائفية، وفي الحد الأدنى ستمثل هذه الجبهة الثلث المعطل داخل قبة البرلمان، شريطة ان تعلن برنامجها السياسي ونظامها الداخلي ورؤيتها السياسية أمام الرأي العام.
في أحد مشاهد تلك الكوميديا البرلمانية يتفجر سؤال وسط حشد المتفرجين، لماذا يصر فرسان المدنية، مثال الآلوسي وفائق الشيخ علي وشروق العبايجي، على الانزواء خلف الكواليس ولا يشاركون في فصول عرض الكوميديا. سؤال ليس بريئا.
مقالات اخرى للكاتب