أكثر ما يلفت النظر في الأيّام الأخيرة هو ازدياد نسبة التشدّد والصلّف الصهيوني ، هذا الوجه الصهيوني الذي كان متخفيّاً مترقّباً في الفترة الماضية ولم يظهر إلّإ بشكل خجلٍ ومساند من وراء الكواليس في مناسباتٍ عدّة من خلال الدعم والإسناد الواضح والكبير لما سمي في حينه “الثورة السورية ” ، وفي مناسباتٍ أخرى أتى بشكل تدخلٍّ واضح وصريح لدعم هذه الجماعات المتطرفة حينما كانت تدعو الحاجة دعماً ميدانياً على الأرض السورية ، بدأ يظهر الآن وبشكلٍ واضح وعلني وذلك عبر محاولات الاستثمار الكبيرة لهذه ” الثورة ” المشبوهة الولادة والأهداف !
مراقب واع
لم يكن غريباً أبداً لكلّ مراقبٍ واعٍ وموضوعي أن يرى اجتماع ما يسمّى ب “الحكومة الإسرائيلية ” ولأولّ مرّةٍ في التاريخ في منطقة الجولان السوري المحتلّ كما لم تكن مفاجأةً لأحد الإعلان الإسرائيلي الوقح والمستفز للعرب ، كلّ العرب ، وفي هذا الوقت بالذات عن التصميم الإسرائيلي على الإستمرار في احتلال منطقة الجولان السوري ” إلى الأبد” !..
هذا التعنّت الصهيوني الوقح والمستفز لكل العرب من المحيط إلى الخليج ما كان ليكون لولا الوضع الذي أضحى عليه العرب بعد استهداف الدولة السورية الممنهج ومنذ سنواتٍ عدة من قبل أزلام الصهاينة في المنطقة وذلك بدعمٍ صهيوني وأمريكي واضح بل وعلني في غالبية الأحيان .
فبعد سنوات عدة من شحن المقاتلين و المرتزقة الإرهابيين ودفعهم بالآلاف إلى الداخل السوري تحت عنوان دعم ” الثورة السورية ” والوقوف في وجه الحاكم الظالم ” !! ” ، وبعد الفشل الذريع في تجميع وتلميع صورة واضحة لوفد المعارضة السورية الى المفاوضات الجارية في جنيف وبعد ظهور الأطراف المحرّكة والمستفيدة فعلاً من هذه الجماعات الإرهابية التي دمّرت كيان الدولة السورية ومزّقتها شرّ ممزّق ، الآن وبعد كل فصول المؤامرة يعتبر الصهاينة أنّه قد آن أوان استثمار فصول هذه الفتنة والمؤامرة الكبرى .
وبالنسبة للصهاينة المعروفين تاريخياً برسم المخططات والستراتيجيات الطويلة الأمد والعمل عليها بهدوء من أجل إنجاحها فلم تأخذ منهم هذه المؤامرة الفتنة لتمزيق الدول العربية المحيطة بهم أي جهد ، بل لم تأخذ منهم أي وقت أيضاً وذلك بسبب المساعدات الكبيرة والقيّمة التي تبرّع بها الكبير والصغير من الجهّال في منطقتنا لتحريك النعرات الطائفية والمذهبية وتوطين الغرائز التكفيرية والانتقامية لدى الشباب المتحفّز دوماً بدل استثارة الأمّة في وجه العدو الغاصب لفلسطين ولبيت المقدس . لقد أدرك العدو الصهيوني وبعد علمٍ اكتسبه مدى انغماس هذه الأمّة في الجهل والتخلّف وأنّه يسيطر على الأبواق المحركة لها اعلامياً وعلمائياً فجاء بكلّ صلافة وعنجهية واستصغار لما لدى الآخر ليعلن أنّه لقد أتى اليوم الذي يجب فيه حصاد ما زرع مع عملائه في المنطقة من فتنة مذهبيةٍ قاتلة ومن مؤامرات هدّامة في سعيٍ واضح لاستثمار ما يمكن استثماره ولوضع النقاط على الحروف أن ” نحن هنا ” .
ها هو الوجه الصهيوني يطلّ بشكلٍ علني ليعلن نيّته بالاستمرار في احتلال الجولان السوري ولن يكتفي بذلك بالطبع بل ستكون الخطوة التالية هي فلسطين المحتلّة والقدس والأقصى الشريف ، والعمل على القضاء بالكامل على ” حق العودة ” للفلسطينيين في دول الشتات ، ومن ذلك الضغط على الدول الإقليمية المحيطة وفي مقدّمتها سورية ولبنان لأجل توطين الفلسطينيين فيها .لقد بات واضحاً الاستثمار الكبير والعلني لهذه الحرب التدميرية الدائرة في المنطقة من خلال ميليشيات إرهابية تحت مسمّيات عدة لم يتم إنشاؤها وتدريبها ودعمها بالمال والسلاح من الأساس إلا لهذا الهدف التخريبي المدمّر لبنيان وجيوش الدول العربية وتحديداً لخدمة اسرائيل والحركة الصهيونية في المنطقة .
وجه صهيوني
لقد بدأ يتكشّف وبشكلٍ واضح الوجه الصهيوني المستفيد من هذه الحرب العشوائية الدائرة في منطقتنا من خلال أعوان إسرائيل فيها .
إنّ ما يجري في المنطقة من تسليمٍ عربي رسمي وعلى أعلى المستويات ومن محاولات استهداف ومحاصرة لمصادر القوة والمقاومة والممانعة في هذه الأمة وفرض منهج الاستسلام والمستسلمين وليس آخره التسليم المصري للمملكة السعودية والتنازل العلني المفاجئ الأخير عن الجزر المصرية وذلك بموافقةٍ إسرائيلية إنّما يدلّ وبشكلٍ لا يقبل الشك بأنّ هذا الطرف الصهيوني بدأ يشعر بأنّه قد حان وقت حصاد الإنجازات والإستسلامات العربية لمصلحة الكيان الصهيوني ، وبالتالي فلن يكون الخاسر الأكبر أو المستهدف الأكبر في المنطقة سوى فلسطين والشعب الفلسطيني وهذا هو تحديداً ما ستظهره الأيّام الآتية وبوضوح ما بعده وضوح .
مقالات اخرى للكاتب