كثيراً ما يتم الحديث عن تغيير في الخطط الأمنية ، بعد كل موجة موت مفرطة تضرب أبناء شعبنا المظلوم وأعتقد بأننا قد قمنا مئآت المرات بتغيير تلك الخطط العجيبة التي لم تأتي بنفع مهما كان التغيير ، ولا أعلم متى تم تغيير الخطط الأمنية آخر مرة إلا أني أرى أنها لم تكن مجدية بالمرة ، والدليل على ذلك تلك الموجة القوية من تسونامي الموت الذي فرّت منه عقولنا ، صباحية ومسائية ، تفجيرات أبدعت بها التنظيمات الإرهابية لتطال كل شيء في بغداد وبعض المحافظات ، شوارع ، جوامع ، حسينيات ، أسواق ، ساحات بيع المواشي .. وليس بآخرها تلك العبوات الطائرة العجيبة التي صرحت عنها تلك المجاميع لتزيد في موتنا وقد يأتي يومياً ليظهر صاروخ أرض - أرض في سماء المدينة أو صاروخ كروز حتى !
نرى أن كل تغيير في تلك الخطط يقابله فعل أكثر عنفاً من المجاميع الإرهابية المختلفة وكأنها تحاول أن تتحدى تلك التغييرات التي تحدثها المؤسسات الأمنية في إعادة توزيع سيطراتها الأمنية أو تغيير في بعض ضباطها ، أو حتى في إعادة توزيع قطع الميكانو تلك ، الكتل الكونكريتية ، لتغلق شوارع كان قد أعلن عن فتحها سابقاً وشوارع داخلية مهمة أغلقت على حين غرة وجعلت مئآت السيارات تعيد تنظيم طريق سيرها لتدخلنا يومياً في تلك الفوضى الكبيرة من جراء تلك الحركة.
وحتى تلك اللحظة لا نرى سبيلاً أمام أيقاف تلك الهجمات المميتة التي أصبحنا معها لا نكترث إذا كان عدد الشهداء قليل على إعتبار اننا تعودنا على سقوطهم ويومياً تقريباً ولم نعد نكترث للكواتم أو العبوات اللاصقة على إعتبار أنها ، زلاطة ، كما يقال وخوفنا الأكبر من تلك الهجمات الكبيرة التي تفوق نتائجها الخمسون شهيداً كما حدث في بعض الأسواق أو المساجد في الفترة الأخيرة.
ومع هذا العقم الشديد في إيجاد الخطة المثالية المتكاملة لإحباط تلك الهجمات ووءدها في مهدها نرى أننا بحاجة الى الإستعانة بالدول ذات الخبرات الكبيرة في المجال وبحاجة الى تدريب ضباطنا على أحدث التكنولوجيات المعتمدة في مكافحة تلك الهجمات التي تستنزف أرواحنا قبل ممتلكاتنا وتحيل المستقبل أمامنا الى صفحة مجهولة المعالم غير قادرين معها على استنباط شكل حياتنا وما ستكون عليه بعد شهر أو اسبوع حتى .
فالكاميرات الحديثة وأجهزة السونار وأجهزة كشف المتفجرات ومناطيد المراقبة والكلاب البوليسية والتدريب العلمي الحديث والتوجيه المعنوي لقواتنا المسلحة كلها تدخل في مجال الحرب على الإرهاب وأغلبها غائب عن المشهد الأمني فعلى الرغم من أهميتها إلا أنها وبعد عشر سنوات لا زالت تعاني من القصور في تهيئتها وتفعيلها بالطريقة التي تجعل منها على مستوى عالي من الفعالية لتخدم واقعنا الأمني المتردي .
حتى يومنا هذا لم نبذل كامل جهدنا في استيراد الأجهزة التي تتناسب وحجم المواجهة الدامية ، أجهزة تجمع بين الكفاءة والسرعة ، تتمتع بالقابلية على كشف أكبر حزمة من انواع المتفجرات وفي ذات الوقت لها من السرعة الكفيلة بعدم التتسبب بأزمات مرورية خانقة ، وفي مجال التدريب فلا مناص من الإعتماد على الأكاديميات العالمية المتخصصة في مكافحة الإرهاب أو إستقدام المدربين المتخصصين في هذا المجال ممن يساعدوا بشكل كبير على تحفيز الحس الأمني بشكل أكبر لضباطنا ومراتبنا .
إن تأكيدنا المستمر على وجود توجيه معنوي عال المستوى لتعريف منتسبي القوات الأمنية بأهمية دورهم المشرف في الحفاظ على أرواح أبناء شعبهم ؛ قد نعتبره من أهم مقومات نجاح الخطط الأمنية التي لا يمكن أن تكون عبارة عن حركة قطاعات أو تغيير مواقع مرابطاتها الأمنية وما يعنى من كل ذلك بأنهم الوحدة الأساسية في بناء الهيكل الأمني السليم وهم المنتسبون الأبطال الذين وضعوا أنفسهم في خط المواجهة الأول عند الحجابات القاتلة درءً للموت عن أبناء شعبهم وعلينا أن نشحذ هممهم بكل الوسائل المتاحة أملاً بالوصول الى الهدف المنشود في غسل شوارعنا وأرصفتها .. من دماء أبناءنا . حفظ الله شعب العراق.
مقالات اخرى للكاتب