تعرف الجودة الشخصية بأنها الدرجة التي يعبر عندها الفرد عن سمات شخصية إيجابية ، ويمارس علاقات إنسانية جيدة ويظهر أداء متميزاً في العمل. وعن ملاحظتنا لتعريف الجودة الشخصية نجد أنها أساس جودة العمل ، وهذا يؤكد لنا بأن القناعات الشخصية والاعتقادات العميقة في أعماقنا هي المحرك الأولي لسلوكياتنا والتي تؤثر وبلاشك على جودة أدءنا في العمل اليومي ، وما لم نغيير من قناعاتنا الشخصية فاننا لن نحصل على الجودة في أداء أعمالنا لسبب بسيط وهو أننا حين نحمل قناعات ذاتية بأهمية الجودة فاننا سنكون مراقبين ذاتيين لأنفسنا ، أما اذا لم تكن لدينا تلك القناعات الشخصية فاننا سنعمل فقط أمام الآخرين لكي نتجنب النقد ، أو لكي نكسب بعض الثناء وبمجرد غياب الرقابة الخارجية فأننا سنعود لممارساتنا البعيدة عن الجودة.
وكما نلاحظ فأن المتغير الأساسي في معادلة الجودة هو الانسان. فالانسان في نهاية المطاف هو من يصنع المنتجات ويبتكر الخدمات الجيدة ، وليست التكنولوجيا أو اجراءات الجودة الرسمية. فالانسان هو الذي يدير العمليات ويجعل الأنظمة تعمل؛ الاجراءات لا تؤدي العمل أما الانسان فيؤديها ، وباختصار ، الجودة تعبير عن تميز الانسان.
تبدأ الجودة بالفرد ، لكن الدراسات تشير إلى أن 50% من الموظفين لا يبذلون في عملهم جهداً أكبر مما هو ضرري من أجل الاحتفاظ بوظائفهم وأن 84% من الموظفين قالوا إن بإمكانهم أن يؤدوا بشكل أفضل اذا هم أرادوا ذلك. هذا يشير إلى أن الانسان ينبغي أن يتم تعزيزه داخلياً كي يؤدي عملاً يتسم بالجودة.
يذكر الأستاذ رانجيت مالهي في كتابة تعزيز الجودة الشخصية لنا خمسة عشر صفة من الصفات الشخصية التي تسهم في تعزيز الجودة الشخصية والعملية أيضا وهي :
.1 التمتع بتقدير عالٍ للذات.
.2ممارسة المسؤولية الشخصية.
3. أن تكون موجهاً بالإجراءات.
4. الانضباط الذاتي.
5. المثابرة.
6. التنفيذ العملي لما تدعو إليه.
7. الاحتفاظ بقدر عالٍ من الصدق و الأمانة.
8. قبول النقد البناء.
.9 المرونة و القدرة على التكيف مع التغيير.
.10 إدارة الوقت بنجاح.
.11 التواصل بشكل جيد.
.12 الأناقة و حسن المظهر.
13. اللياقة البدنية و التمتع بصحة جيدة.
14. التمتع بحياة متوازنة.
.15 السعي المتواصل لتحسين الذات.
لذا فأن الجودة الشخصية متعددة الأبعاد ، إنها تشمل ثلاثة أبعاد رئيسية و هي السمات الشخصية الإيجابية و العلاقات الإنسانية الجيدة و الأداء الفائق في العمل. كما أن الجودة الشخصية عملية لا تنتهي أبداً من التحسين المستمر للذات.
وهنا يمكن القول أن الجودة الشخصية هي أساس الجودة المؤسسية. فالجودة الشخصية تؤدي إلى سلسلة من تحسينات الجودة المترتبة على بعضها البعض داخل الفريق أو المؤسسة. فالمستويات المتزايدة من الجودة الشخصية تؤدي إلى ارتفاع مستويات الجودة بالأقسام وبالمؤسسات ككل. و ارتفاع مستويات الجودة بالادارة يؤدي بدوره إلى إنتاج منتجات و تقديم خدمات عالية الجودة. و هذا يؤدي في النهاية إلى إرضاء أكبر للعملاء، و زيادة الإنتاجية، و زيادة الأرباح، و شيوع ثقافة عمل إيجابية.
و على مستوى الفرد، تؤدي الجودة الشخصية العالية إلى تحسين أدائه في العمل، و تحسين علاقاته بالآخرين، و زيادة شعوره بالإشباع الوظيفي.
أما خطوات تحقيق الجودة الشخصية:
فأن طرق تحقيق الجودة الشخصية تعتمد على أربع خطوات تتمثل أولها في استطاعة العاملين على تعزيز تقدير الذات ويقصد به شعورهم عموما بكفاءة الذات وقيمتها.
وهناك خمس استراتيجيات يستطيع العاملين من خلالها الوصول إلى تعزيز تقدير الذات بسهولة، الأولى تتمثل في اكتساب الوعي الذاتي وتعلم قبول الذات وتحمل المسؤولية في الحياة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ما نريد ، إضافة إلى رصد مدى التقدم في الحياة العملية والخاصة.
فيما تكون معرفة الذات الحقيقية هي الخطوة الثانية من الخطوات المفترض تحقيقها من قبل العاملين الراغبين في الإبداع والتميز في عملهم ، وهي العملية التي يصبح من خلالها العاملين واعين بجوانب ذاتهم وتتضمن التحرر من الأفكار والمعتقدات السلبية ، التي تقلل من تقديرهم لذاتهم.
وتتمثل الخطوة الثالثة في القدرة على الاحتفاظ بضبط الذات من خلال قدرة العاملين على التركيز على الأنشطة المهمة في العمل ، دون تشتت، والسيطرة التامة على العقل والانفعالات والعادات عند مواجهة الأمور، إضافة إلى تركيز الجهود على تحقيق الأهداف المرجو تحقيقها ووضعها في مكان مرئي والتدريب المنتظم على التخطيط بشكل يومي.
وتعد خطوة (تعزيز الذكاء العاطفي ) الخطوة الرابعة من الخطوات الموضوعة أمام العاملين الراغبين في الوصول إلى درجة عالية من الجودة الشخصية حيث يرى علماء النفس أن النجاح في الحياة يرجع إلى الذكاء العاطفي الذي يعبر عنه بأنه القدرة على التعرف على مشاعرنا ومشاعر الآخرين, إضافة إلى إدارة الانفعالات بشكل جيد ومتوازن.
هناك ثلاثة عناصر أساسية لمجالات الذكاء العاطفي، يتمثل أولها في الوعي الذاتي وهو إدراك الفرد ذاته ومشاعره، فيما يعد إدراك العواطف والانفعالات ثاني عناصر مكونة للذكاء العاطفي، ويتحقق بالتحكم في الانفعالات وتحمل المسؤولية، أما إدارة العلاقات فتتحقق من خلال التعامل مع انفعالات الآخرين ويكون ذلك بتطبيق قواعد أساسية ومحددة.
مقالات اخرى للكاتب