مشكلات زوجية وحالات طلاق بسبب “الفيسبوك والواتساب”، ظهرت مؤخرا بصفحات الحوادث ، فعلى سبيل المثال تم طلاق زوجة لانشغالها بالموبايل عن الأولاد بالديوانية واخرى بالسليمانية لعدم الرد على رسالة “واتساب مهمة” لزوجها بل أكدت دراسة أن 70 %من النساء يعتبرن “الموبايلات الذكية” أهم من أزواجهن، وتجعل كل زوج منفصل مع نفسه في عالمه الإلكتروني.
واثارت هذه الحالات التساؤل عن تأثير “الموبايلات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعى كفيسبوك وتويتر ” على العلاقات الأسرية في العراق وما اذا كانت ساهمت فى تحويل الأسرة الى جزر منعزلة أم ساعدت على تواصلها عن بعد وتقاربها أكثر ؟ وهل حقا إدمان أزرار الموبايلات وراء حالة الصمت الأسري وغيرة الأزواج ؟،وهل حظر المواقع الاباحية الذي أقر مؤخرا في البرلمان يمكن أن يحد من هذه المشكلات ؟.
"بغداد الاخبارية" حاولت استطلاع آراء عينة من أفراد الأسر والأزواج والخبراء بحثا عن وصفة عاجلة للتعامل مع ” النيو ميديا ” خاصة داخل المنزل.
فادي نصار مهندس كمبيوتر، يقول “للأسف ..علمت زوجتي التعامل مع الفيسبوك وتويتر ونزلت لها برامج الهواتف الذكية وليتنى مافعلت، لأني كنت أول ضحاياها،ويضيف فادي في حديثه لـ"بغداد الاخبارية"،أول شىء فعلته زوجتي بعد معرفتها طريقة الاستخدام أنها دخلت على صفحتى على الفيسبوك وتويتر وبدأت تفتش وتسأل عن خصوصياتي ومرة نسيت الموبايل فى البيت وبعد عودتى وجدتها حذفتني من “جروب على الواتساب” لمجرد انه باسم إمرأة، رغم انها مديرتي وسببت لى مشكلة فى العمل وافتعلت خلافات فى البيت ومن يومها وضعت رقما سريا للجهاز، فزاد شكها أكثر ولم تقتنع أني فعلت ذلك للخصوصية ليس أكثر.”
غيرة.. زوجية
بينما فضفضت هدى يعقوب ، صحفية قائلة ” زوجى يتهمني بأني أسرح مع الفيسبوك وأنسى البيت والاولاد، ومرة نسيت فعلا ميعاد دواء القلب الخاص به، وكانت مشكلة عائلية، لكن رغم ذلك أنا متمسكة بمطالعة مواقع النت عبر الموبايل لأنها تجعلني متصلة بالعالم وبأولادي وتنقذني بالمطبخ حين أبحث عن وصفة لأكلة جديدة وأخيرا وجدت فرصة عمل عبر الانترنت ومنعا للمشاكل حددت أيام وأوقات فراغي للعملاء”.
وأكملت ” ولكني لاأنكر شعوري بغيرة من إدمان زوجي للواتساب وأحيانا أسأله مع من يتكلّم، فيرد بهدوء يغيظ : ليش تسألي انا لم أسألك ماذا تعملين على موبايلك ومع من تتكلّمين “.
بينما قالت سها حسين مترجمة ” الموبايلات الذكية مهمة ومسلية ولكنها تثير غيرة زوجي وتجعله يتهمني بتفضيلها عن رعاية أسرتي وأحيانا يصر على إغلاقي الموبايل عندما يتحدث معي لأنه لايطيق الرنات ولايتقبل الردعليه أثناء كتابة رسالة لأحد أو الرد على رنة أو عمل لايك على الفيسبوك وأحيانا يتركني ويخرج فجأة لأني ضحكت أثناء النظر للموبايل دون مبالاة بكونه مشغولا أو مهموما ؟”.
وتضيف سها : حقيقة الانشغال بالفيسبوك يسبب الصمت الأسري أحيانا ، وتحدث مشاكل عندما يحدثني زوجي أو إبني ولا أستطيع التركيز معه بسبب الموبايل ، أو أهمل طلبه حتى أفرغ من متابعة الرسائل ، وكأني أفضل النت عليهم ، فيتهموني بالتقصير .
مشاكل ..عائلية
وتستطرد، بل قد يتطور المزاح الى مشكلة ، فمثلا مرة ابنتي استقبلت رسالة من رجل يريد التعرف عليها عبرالبلوتوث ، فطاوعته حتى طلب صورتها ، فأرسلت إليه صورة رجل على الإنترنت، لترى رد فعله ، والمشكلة أنها حكت القصة على الفيسبوك لأصحابها وبالصدفة دخل والدها على صفحتها وعرف واشتعلت مشكلة معي ومع ابنته مدعيا أنني لا أراقبها وأتركها تفعل مايحلو لها على الانترنت والموبايل “.بينما غضبت ابنتي لأنها شعرت أنها تحت المراقبة وفي الوقت نفسه لم تجرأ على حذف والدها من قائمة أصدقائها “.
جروبات أسرية أقوى
وتبرر مي سعد، ربة بيت إدمانها بأن إيجابياته أكبر من السلبيات، مثل سهولة استخدامه في التواصل مع الآخرين ومشاهدة الأفلام وتصفح الإنترنت ومتابعة ما يحدث حول العالم لحظة وقوع الحدث،قائلة :علاقتي بأخواتي أصبحت أقوى نتيجة تواصلنا المستمر عبر الجروبات الالكترونية، ونستغرق ساعات طويلة في الحديث ونحن خارج منازلنا ونطمئن على بعض .
وترى أن استبدال أفراد الأسرة بالأجهزة ليس جديدا وانما الكلام نفسه تردد عن الفضائيات والتلفزيون وقبله الاذاعة ولم تتفكك الأسر بسببها إلا بنسب ضعيفة .
رسائل .. جافة
رسالة عزاء أون لاين كادت تكدر علاقتى بأخي الطبيب المقيم بعمان لأنه اكتفي بالتعزية على “الواتساب” فى وفاة حماتي رغم انها خالتنا وشعرت بالأسى أنا وزوجتي لأنه لم يكلف نفسه حتى الاتصال بنا..هكذا بدأ روضان المختار حديثه ، وتابع “وطبعا لم أرد على الرسالة وبعد اسبوع وجدته يتصل تليفونيا بي وبزوجتي بالحاح وعندما رددت عليه اعتذر وأكد ان تليفوناتنا كانت مغلقة ولم يكن بامكانه الحصول على اجازة والسفر الى العراق ومن حينها لم يعد يكتفي بالرسائل الالكترونية فى المناسبات المهمة أوعند أداء الواجب الأسرى “.
وأكد أنه من مخاطر الموبايلات الذكية فقدان التواصل الحي بين أفراد الأسرة والأصدقاء، خاصة في المناسبات الإجتماعية والدينية، ففي العيد مثلاً أنشأت مجموعة على برنامج «واتساب»، لتهنئة أصدقائى الموجودين على قائمة الموبايل ، ففوجئت بغضب المقربين جدا لأن رسالة الموبايل لا تكفى ولاتحمل مشاعر الود والبهجة .”
فن استخدام التكنولوجيا
وتعقيبا على مزايا ومخاطر هذه الأجهزة على الأسرة ، قالت د. فهيمة كريم أستاذة علم الاجتماع لجريدة "بغداد الاخبارية" إن تأثير وسائل الاتصال الحديثة يتوقف على طريقة استخدامها ومدى وعى المستخدم بكيفية الاستفادة من الايجابيات وتلافى المخاطر و السلبيات وبالتالى يمكن أن تقرب أفراد الأسرة ويمكن فى أحيان اخرى أن تفرقها وتحولها الى جزر منعزلة .
وأشارت الى أن بعض الدراسات كشفت أن إدمان الفيسبوك والواتس آب تسبب في انتشار الشائعات والفضائح ومشاكل وقصور بالحقوق والواجبات بين الزوجين.
وأضافت د.فهيمة، أن الدراسات نفسها لو أجريت فى مجتمعات متقدمة لديها ثقافة أوسع ستختلف النتائج وربما تتجه أكثر الى تدعيم الأسرة والعلاقات الاجتماعية أما فى مجتمعنا العراقي وكثير من المجتمعات العربية، عادة يساء استعمال النيو ميديا، فنجد الأبناء يهدرون الوقت والصحة أمامها وقد يدخلون على مواقع مخلة مما يسبب مشاكل أسرية مع الأباء وكذلك قد نجد الزوج منهمكا على الموبايل والواتساب ولايستمع لزوجته أو كل من الزوج والزوجة فى حجرة منفصلة ويتحدثان على الفيسبوك أو الفايبر مما يثير خلافات أو يجعل بينهما فجوة وجفاء رغم التواجد فى بيت واحد وأيضا قد تشك الزوجة فى المواقع التى تخطف زوجها منها وتفتش وراءه وتفتعل مشاجرات تهدد علاقتها الزوجية .
وتتابع أن الحكم بحظر المواقع الاباحية وفقا لقرار مجلس النواب الأخير، قد يقلل من المشاكل والجرائم التى تفتك بالأسرة كما فى أكثر من بلد في العالم، ولكنها لن تمنع الدخول عليها لأن من يبحث عنها سيتعلق بها أكثر ويبتكر طرقا لاقتحامها أو الدخول بفلوس لأن الممنوع مرغوب ولكن يمكن التقنين باستعمال فاير فوكس للتشويش على المواقع المخلة فى البيوت وأماكن العلم والمساجد وتحديد ما يمكن تركه وما يجب حظره .
وتنصح الآباء بحسن استخدام الأجهزة الجديدة للتواصل الأسرى وعدم منعها عن الأبناء أو محاولة مراقبتهم ولكن المهم تنشئتهم على تنظيم وقتهم وتخصيص وقت للتواصل المباشر الى جانب الاتصال عن بعد مع توعيتهم بالمزايا والمخاطر دون التفتيش فى مواقعهم لأن ذلك سيدفعهم الى الهروب لمقاهي الانترنت بعيدا عن أية رقابة .
البحث عن المشاعر الدافئة
ويرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور محمد السوداني في حديثه لـ"بغداد الاخبارية" ، أن تمضية ساعات طويلة أمام شاشات الموبايلات الذكية تستغرق الفكر والتركيز وتستهلك الوقت لأنها تحمل الجديد والمثيركل ثانية ، مما جعل الأسرة تتحول الى جزر منعزلة فى عصر الانترنت والسموات المفتوحة وصارت تفتقد الدفء والود وسخونة المشاعر حتى فى أوقات الفراغ والاجازات .
وحذر من ارتفاع نسب الطلاق في العراق لعدة أسباب منها أن إدمان الانترنت قد يثير اثارة شك وغيرة الأزواج فضلا عن أن الطموحات والتطلعات فاقت الامكانيات وتراجعت قيم التضحية والصبر .
وأوضح الدكتور السوداني ، أنّ العلاقات الأسرية والعاطفية تحتاج الى تواصل حى لتبادل المشاعر والأحاسيس والأفكاروالتقارب والنقاش واذا كانت الأجهزة والشبكات الالكترونية تيسر التواصل عن بعد ، فلاتصنع علاقة دافئة ولاتغني عن التواصل المباشر ثم ان هناك قضايا ومشاكل تتطلب الحوار وجها لوجه حتى تصل الرسالة أسرع وأكثر وضوحاً وتأثيراً بل ربما تفتح الباب للخيانة الإلكترونية كما أنها تزيد تفكك الأسرة المعرّضة للصمت أو الخرس الزوجي.
فيما ينصح د. صباح ميخائيل بتوعية الشباب والأزواج بمزايا هذه الوسائل والوسائط الجديدة من البحث عن المعلومات والأخبار وسرعة الاتصال والتنبيه لمخاطرها كالأدمان واختراق الخصوصية فضلاً عن إدمان الأطفال للألعاب الإلكترونية أو انحرافهم إلى المواقع الإباحية، مع مراعاة تخصيص وقت لاستخدامها بشكل متوازن دون انتهاك المحاذير أوتجاهل صلة الأرحام و التواصل مع العائلة .
وينبه الى أن الممنوع مرغوب ومنع المواقع الاباحية أو مراقبة حسابات الأزواج أو الأولاد سيجعلهم يتعلقون بها أكثر وربما يبحثون عنها ويحاولون اختراقها داخل الغرف المغلقة أو خارج المنزل .
ودعا ميخائيل في حديثه مع "بغداد الاخبارية" الى تفعيل دور الأسرة في الرقابة على الأبناء في حالات امتلاك الموبايلات النقالة خاصة طلاب المدارس، وتوجيههم لفن استعمالها مع تخصيص وقت لاغلاقها أثناء المذاكرة أو الأنشطة أو الحديث الأسرى وتفعيل لغة الحوار والتفاهم بين الآباء والأبناء .
وأخيرا ..لا غنى عن مواكبة التكنولوجيا الحديثة ولكن العبرة بفن استخدامها وتوظيف ايجابياتها وتجنب سلبياتها سواء على الأسرة أو المجتمع كله .
مقالات اخرى للكاتب