ان ما قام به السيد العبادي على ارض الواقع لحد الان، هو مجموعة من الاجراءات التقشفية و الترقيعات الصغيرة جدا لامور السلطة محاولة تنظيف و تعديل السكة التي يسير عليها فقط ، وهذه الخطوات التي اتخذها ليست بمستوى ان ندعي بانها الاصلاحات التي خرج و نادى بها الشعب خلال الاحتجاجات الكبيرة . و على الرغم من ارغامه على التراجع شيئاما حتى على تلك الخطوات، الا ان ما تروج من الانباء عن مشاريع تُقدم الى البرلمان لتنفيذ ما مرره البرلمان خلال حزمة حول اقالة نواب الرئيس الثلاثة و نواب رئيس الوزراء، يُعَد خطوة الى الوراء و تراجعا في وضح النهار و لكن بماء الوجه عن ما اقدم عليه و خضوعا لاوامر و نصائح داخلية و خارجية قوية فرضت عليه التريث و عدم التوغل فيما بعد التقشف الذي استغل في لحظة الاحتاجات الوضع السياسي العام و بدعم المرجعية لهذه الخطوات البسيطة جدا لو قورنت مع ما تتطلبه الاصلاحات في البلد الذي اغرق في تراكمات الفساد طوال هذه المدة مما بعد سقوط البعث .
لقد تسرب انباء عن محاولات فاشلة لاغتيال العبادي و من تصدى لها من القوى الخارجية . يثير الموضوع عدة تساؤلات حول من يكون وراء تلك المحاولات واهدافهم رغم سهولة التوقع و التحليل، و ان علَم البعض بمجريات الامور الدقيقية و الخلافات القوية بين هذه المجموعة التي تسيطر على زمام الامور و ما تفرضه مصالحهم الضيقة ضمن حتى الحزب الواحد الذي لم يبق على اصالته شيء، و هو مجرد قشرة و اسم لما كان عليه ايام الدكتاتورية، و هم سائرون على ضمان تلك المصالح الضيقة بعيدا عن المصالح العليا للشعب .
هناك تساؤلات عديدة و منها؛ لماذا لم يستقل العبادي من حزب الدعوة الذي يقوده المالكي رغم الخلافات و التكتلات، ليقود بنفسه مسار سياسي يجمع حوله ما يضمن تقويته و يدفع مسيرته الى الامام من رفاقه و حتى اصدقائه من خارج هذا الحزب . لماذا لم يكلف نفسه ولو لمرة ان يلمح الى ما سائر في صفوف حزبه من محاولات عرقلته لاسباب شخصية، لماذا لم ينفذ ما افتى به المرجعية حول القضاء و ما اكدته الاحتجاجات ، لماذا لم يتحرك بالسرعة المطلوبة لقطع الطريق امام القوى الخارجية في عرقلة مسار العملية التي استهلها بتقشف مواقع اكثريتها من خصومه سواء الحزبية او في السلطة، لماذا سحب العبادي تقرير لجنة اقصاء حقائق سقوط الموصل من الادعاء العام الذي كان يحتوي على اسماء المتورطين او المتهمين و استبعد بذلك احالة المتهمين الى القضاء . ان كان لايران راي واضح و صريح وهو منع اي اخلال في توازن القوى الذي لازال في المسار الذي تميل كفته بشكل قوى لصالحه، فكيف لهاان تسمح لتوجيه التهمة لخادمها المطيع المالكي في تهمة تكلفه حياته السياسية، و ربما هناك دقائق اخرى سرية تصل شرارة التهمة لتصيب حد باب ايران المخابراتية التي ستكتشف يوما، كما اكتشفت و طفت الى السطح علاقات ايران المخابراتية مع القاعدة و قياداته و كيف تعاملت معهم .
اذا، لن يستطيع العبادي من تمرير اية خطوة اصلاحية بمعنى الكلمة فيما بعد، لان الحليمة عادت الى عادتها القديمة و لن يكون العبادي الا المالكي بوجه و جسم اخر مهما حاول الترقيعات و المحاولات للخروج من بين زخم النفايات التي تجمعت حوله و فرضته الظروف السياسية مابعد السقوط و تدخلات الاقليمية و العالمية و ما رتبتها المصالح العديدة التي وقعت جميعا على حساب الشعب العراقي، اي يعود الى المساحة الضيقة التي عينته له المعادلات السياسية و المصالح لممارسة عمله .
لذلك يمكن ان نقول ان العراق لا يمكن اصلاحه بالتقشف و الترقيعات و هو يحتاج لثورة عصرية تقدمية تزيح الحثالى و المتخلفين من السلطة و تحطم العراقيل، و يجب ان تكون من صنع الجيل الجديد الواعي المثقف الذي انبثق من مابعد سقوط الدكتاتورية، و العراق ليس بدول اخرى ليتفرغ منهم و انما الزمن هو الضامن لانبثاق تلك القوة الضرورية للاصلاحات الجذرية من خلال ثورة بيضاء .
مقالات اخرى للكاتب