ماذا يعني أن تردّ حكومة بلسان وزير دعايتها على معتوه؟ .. لابدّ أنها مثله وعلى شاكلته، فالطيور على أشكالها تقع.
أما الحكومة فحكومتنا، وأما "المعتوه" فشخص اسمه واثق البطاط. شخصياً لست على معرفة بالرجل، وصفة "المعتوه" ليست مني وإنما أطلقها عليه رئيس الحكومة، التي هي حكومتنا، في مؤتمر صحفي منقول ببثّ حيّ ومباشر. وافترض ان السيد نوري المالكي يعرف السيد البطاط حق المعرفة، ليس فقط لأنه رئيس الحكومة وإنما أيضاً لأن الاثنين ينتميان الى تيار سياسي واحد (الإسلام السياسي – الشيعي).
المعتوه المُفترض كان قد تحوّل الى ظاهرة، فيها من الجدّ بقدر ما فيها من الهزل، بعد سلسلة من التصريحات التي أعلن فيها عن قيام ميليشيا يقول انه يقودها، هي: "كتائب حزب الله – جيش المختار"، بعمليات مسلحة تجاوز بعضها حدود البلاد الى أراضي الجارتين الكويت والسعودية. ولمّا سُئل عنه رئيس الحكومة قال في حقه كلمته المشهودة "معتوه"، وأضاف انه، بصفته رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة، أمر القوات الأمنية أن تلقي القبض على هذا "المعتوه". وقد عجبنا أشدّ العجب عندما ظهر البطاط في مقابلة تلفزيونية وأدلى بأكثر من تصريح، بعد إعلان رئيس الحكومة انه أمر قواته بمطاردته .. عجبنا كيف تعجز قوات السيد المالكي شديدة البأس والتي كانت قد "أبلت بلاء حسناً"(!) مع المتظاهرين في بغداد والمدن الأخرى .. كيف تعجز هذه القوات عن اعتقال "معتوه"!
العجب ازداد عندما أُعلن عن ان قوات الأمن ألقت القبض أخيراٌ على البطاط، وان ذلك قد حدث بعد اعتقال النائب احمد العلواني وبعد ان ارتفعت أصوات مستفهمة عن السبب في نجاح قوات المالكي في اعتقال العلواني وفشلها في اعتقال البطاط!
لكن العجب الأكبر جاء بعد أن نشرت وكالة رويترز، وهي من الوكالات العالمية الرصينة وذات المصداقية العالية، تصريحات للسيد البطاط وهو في محبسه المفترض، مؤكدة أنها تحدثت اليه عبر تلفون محمول (محبس خمس نجوم!).
وبلغ العجب ذروته عندما هدد البطاط من محبسه المفترض أيضا بقتل زعماء ائتلاف دولة القانون (زعيمه المالكي) ما لم يُطلق سراحه في غضون ساعات (نِزل ويدبك على السطح!). ثم تجاوز العجب الذروة بتصريح المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة للرد على تهديدات "المعتوه"، قائلاً "ان هذه التهديدات عملية جرمية وليست مجرد تصريحات"(شفق نيوز)، وداعياً القضاء الى التدخل في هذه القضية!!
ماذا يعني أن تجنّد الحكومة وزير دعايتها للرد على "معتوه" يتحدث من داخل محبسه. هل هو في الحبس فعلاً؟ كيف إذاً تُوضع أحدث وسائل الاتصال بتصرفه؟
اللهم سترك وعفوك ولطفك ورحمتك وصفحك وغفرانك! .. احفظ لنا عقولنا ولا تحشرنا مع فرقة المعتوهين، حكومة وبطاطاً .. آمين!
مقالات اخرى للكاتب