إن أهم أسباب تراجع حظوظ المكونات الاجتماعية والسياسية على مدى التاريخ, إصابتها باختلاف المستدام فيما بينها, ما يجعلها عرضة للتشتت والفرقة, وضياع الرأي الحكيم, بين ضجيج الاخرين, ما يفتح الابواب عليها, لأن يكون تحت وطئت حكم السفهاء والجهلة, وتاريخ العراق المعاصر فيه الكثير من الامثلة, التي ضاع فيها مستقبل الوطن.
ليس في موضع الدفاع عن مشروع التسوية, التي يتبناه التحالف الوطني, بقدر ما أريد التذكير, بأن الذين رفضوها بدون الاطلاع عليه, سيواجهون مشاريع اخرى, تكون أكثر تأثير على مستقبل العراق, مما تم رفضه بدون معرفة ودراية, فبعد إن هدأت الرياح العاصفة ضد التسوية الوطنية, واتهموها بالمصالحة مع البعثيين والارهابيين, وانها مساومة على دماء العراقيين, وتنازل عن حقوق الاكثرية في العراق.
سيواجهون مشروع السنة العرب؛ وتسويتهم المسماة بالتاريخية, لأنها حسب قولهم ستنقل العراق في حقبة تاريخية مهمة, الاهم إن الاصوات الرافضة للتسوية الوطنية, لم يتفوهوا بأي كلمة ضد التسوية الجديدة, هذا سيعطي انطباع للمنظمات الاممية, والسياسية الدولية التضامن معها, لان فيها حسب ما تتضمنه, انصاف للحقوق, تحت شعار "هذا لك وهذا لي" ما يعني أنها محاصصة, ولكن بطريقة احترافية متفق عليها.
التسوية السنية تدعو؛ لتجميد القضايا الخلافية, وعلى سبيل المثال (قانون الحشد الشعبي), والتي "بحسبها" تحتاج لتوافق بين المكونات, وهذه أهم نقطة جوهرية, تدل على عدم وجود نكران ذات لدى الاخر, اتجاه القوى القتالية التي أرجعتهم لديارهم, وحفظت العراق من دمار داعش, وتشكل لجنة بعدد متساوا من كلاي طرفي التسوية, تعمل على دمج ورقتي الطرفين, وهذا دليل عدم الاعتراف بحقوق الاكثرية.
مسترسلة الجهات العادة للتسوية؛ بالمطالبة التي قطعاً ستؤيد من إطراف شيعية أخرى, والمتضمنة "وسيتم عرض وثيقة التسوية والملاحق المرافقة لها, على مجلس النواب العراقي لغرض اقرارها كقانون, ومن ثم يطرح قانون التسوية على الاستفتاء الشعبي العام, وبإشراف الامم المتحدة, ومجموعة الدول الضامنة للاتفاق", وفي هذه الفقرة إقرار تام على الدعوة, لعودة العراق للبند السابع, ضاربين سيادة العراق واستقلاله عرض الحائط.
فيما تركز التسوية السنية, على فقرة الغلبة بتوزيع المناصب والمغانم, فأنها تنتقد التوزيع الحالي, وتريده أن يكون بطريقة جديدة, ما بعد المكونات تدعو لتوزيع الحصص بين القوى المؤتلفة, والالتزام بقواعد التداول السلمي للسلطة وترسيخها, ومنع التفرد بالسلطة, وعدم احتكار المناصب القيادية؛ على جهات أو حركات سياسية أو اجتماعية معينة, ما يعني أن تسويتهم؛ خرجت من المبادئ ورسم المسارات الى الجزئيات.
لا أريد التوسع بدراسة المسودة السنية, باعتبارها مشروع مستهلك, ولكن لابد أن نقول إن كل محاولات عدم التفاهم, والتعامل بطرق النفاق السياسي, الذي يمارس داخل قوى الاكثرية في البلاد, لا يجني منه العراق, سوى ضياع الحقوق, وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية, فإذا لم يكن هناك تقسم للعراق, فالمصير الى المجهول.
مقالات اخرى للكاتب