الانتخابات تفتح شهية التهريج، بل ان بعض المتنافسين يعتقدون ان صناعة التهريج، حتى وإن كانت هابطة المستوى، تضمن لهم حصد الاصوات والمناصرين، ولهذا فاننا كلما نقترب الى موعد الاقتراع سنتعرف على الوان من التهريج، وابطال من المهرجين، ولا نستبعد ان يدخل في هذه الصناعة ساسة واعلاميون ومسؤولون، باعتبار ان الموسم هو موسم الشطارة، او كما كان الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران يقول عنه انه “موسم الثعالب” وكان يعلق على تقرير مدسوس عن ادائه في مناظرة تلفزيونية العام 1977 بمواجهة منافسه ريمون بار، وقد الحق بسمعته ضررا كبيرا.. انذاك كان ميتران يشير ايضا الى سلسلة من حوادث غامضة يقف وراءها سياسيون “ينطبق عليهم دهاء الثعالب” كما يقول جان نويل مؤلف كتاب الشائعات.
ولا تُعرف الثعالب بصفة الدهاء فقط، بل وايضا بصفة الخبث، ففي حكاية صينية تعود الى القرن الثالث قبل الميلاد ثمة رجل اضاع فاسه، فاستدل بواسطة ثعلب (مارس الخديعة) الى ابن جار له ليشك ان يكون قد سرق تلك الفاس وشرع في مراقبته، وبدت له هيئة الصبي وسلوكه انه سارق نموذجي ومحترف، وان الفاس لا محالة عنده، حتى ان العبارات التي كان ينطق بها لا يمكن ان تصدر إلا عن سارق فاس، وبدا للرجل، وبمرور الايام التي احكم فيها مراقبته للصبي ان الاخير يخفي الفاس في مكان ما. لكن ما حدث على نحو غير متوقع هو ان الرجل، إذ كان يستدل بالثعلب، عثر فجأة على فاسه عندما كان يحرث ارضه. وفي اليوم التالي، عاد الرجل الى مراقبة الصبي، فلم يلحظ عليه أي سلوك يوحي، حقيقة، انه سارق فؤوس.
ويقول اللغويون “تثعلب الرجل” اذا ما جَبُن وراوغ. ولاحظ الجاحظ في الثعلب: “إذا طارده الصيادون، تماوت، وزكر بطنه ونفخه، حتى يتوهم من يراه انه قد مات من يوم او يومين، حتى إذا تعداه، وشمّ رائحة الكلاب، وثب وثبة ونجا.”.
وفي مدونات الظرفاء ثمة الكثير من الروايات عن سفالة الثعلب حتى يخجل الناس من قول “عضني ثعلب” ومرة، عضّ ثعلبٌ شيخا، فاتى راقيا (صيدلي ذلك الزمان) فقال له الراقي: ما عضّك؟ قال الشيخ: كلب (واستحى ان يقول ثعلب) فلما ابتدأ الراقي الرقية (تحضير الدواء) همس الشيخ الى الراقي: واخلط بها شيئا من رقية الثعالب.
“” إذا لم تسأل ، فلن تحصل على إجابة “.
غاندي
مقالات اخرى للكاتب