سمعتم كما سمعنا أنَ وزيرا الداخلية والعدل في بلجيكا قد قَدَما أستقالتهما على خلفية الخرق الأمني الذي حصل في بلدهما وأدى الى تفجيرات ارهابية في مطار بروكسل ومحطة للمترو . هذان الوزيران ينتميان الى مجتمع متحضر يحترم الأنسان وكل مسؤول فيه عندما يشعر انه مقصر يبدأ بأن يحاسب نفسه قبل أن يحاول أحد أن يحاسبه فنجده وقد قدم أستقالته أعترافاً منه بفشله في جانب من جوانب عمله . هذا يحصل في بلدان يتهمها البعض بالكفر والألحاد ومعادات الأسلام .
المتتبع البسيط المنصف لسير عمل حكومات هذه الدول سيجد أن روح الأسلام قد عشعشت فيهم دون أن يعرفوا ! فهم يحترمون الأنسان أيما احترام وقد أسسوا لتقاليد رائعة جميعها تصب في راحة الأنسان فهم على سبيل المثال لايلجأون لعقوبة سالبة للحرية أِلا في حالات نادرة جداً وبعد أن هيئوا متطلبات العيش الكريم لكل مواطن نجدهم يتعاملون مع من يخالف على أنه غير متعمد فيفرضون عليه غرامة مالية يدفعها ومعها شكر للأجهزة التي تحاسبه . لم نسمع ان لديهم سجون ومعتقلات نتنة لايسكن فيها حتى الحيوانات . ولم نسمع ان شخصاً سرق حمامة وقد حُكِمَ عليه 30 سنة سجن مع عدم وجود اي احتمالية لهكذا جرائم لديهم فهم لايعرفون الجوع وقد حاربوه بالأنسانية والعدل وتأمين حقوق الناس .
المواطن في تلك المجتمعات كأنه بالنسبة الينا مَلِك ويعيش حياة الملوك وعندما تؤمن له الحكومة السكن اللائق والسيارة والماء والكهرباء فهي ليست متفضلة عليه لأنها تعتقد انها قد نفذت واجباتها وأن ماوفرته لمواطنها انما هي حقوق له ينبغي عدم التعدي عليها
كما انها ترعى المواطن الذي ليس لديه عمل وتؤمن له راتباً شهرياً محترماً الى حين تهيئة فرصة عمل له . وأن تجاوز المواطن سن ال50 سنة يصبح ذو رعاية خاصة من قبل الحكومة فهو ان لايستطيع ان يعمل فتكون ملزمة بتأمين حياة كريمة له مع تأمين صحي ورعاية خاصة وأذا اشتكى من مرض ما فان الحكومة تتابعه وهو في بيته الى ان تؤمن له علاجاً ينهي مرضه ويجعله مشافى . كل هذا الذي ذكرنا يشكل فعلاً انسانياً واضحاً أكد عليه الأسلام وطالب به . لكن بلاد الأسلام قد أنتهكت كل هذه الأعراف والثوابت وأتجهت لظلم الناس من خلال حُكام يَدّعون الأسلام وهم بعيدين عنه .
منذ اكثر من 13 عام ونحن نعيش في بلد يقال ان حكامه مسلمون ولكم أن تفسروا الأسلام الحقيقي في تصرفاتهم وتجاوزاتهم التي فاقت التصور ! بل أَن مايجري في العراق من قبل حكامه يسمح لنا ان نقول أن البلد بدون قيادة وبدون حكومة وأن مافيه انما هي مجاميع استولت على السلطة بمساعدة الأجنبي وأنشغلت في الظلم والتسلط والسلب والنهب وتواصل عملها بشكل متوازي مع انهيار مؤسسات الدولة وغياب تام للأمن وللخدمات حتى تحول البلد الثري الى بلد فقير مفلس من فرط المعاول التي تهاوت عليه من كل حزب شارك في السلطة ! الأنسان في العراق يهان كل يوم والسلطة تدعي الأسلام ! الأنسان هنا يقمع ويزج في السجون لتوافه الأخطاء بينما الحيتان التي تنهب وتسرق تتجول مع حماياتها وقد ضربت عرض الحائط كل القوانين السماوية ! المواطن البسيط يتعرض الى ضغط نفسي وعائلي نتيجة ضيق ذات اليد وشح الموارد المالية وتوقف عجلة الحياة وهو قد يتعرض الى أعتقال لأي خطأ ويتعرض لحكم قضائي بينما المتهمين بالأرهاب من المسؤولين يطلق سراحهم بواسطة عفو خاص من رئاسة الجمهوري فضلاً عن تهريب منظم جرى ويجري لأرهابيون ومختلسون من اجل ان لاينالهم الجزاء العادل بينما السجون والمعتقلات مكتضة بالبسطاء من الناس دون أن يهتم بهم أحد .. بعد هذا بربك هل لدينا حكومة ؟ وهل حالة الظلم التي نعيشها تختلف عن ظلم ( يزيد بن معاوية ) أم انها اليوم أشد قساوة ؟ أذاً نحن ليس لدينا حكومة ومن يقولون عكس ذلك أقول لهم هذه حكوماتكم فخذوا منها مايستبيح كراماتكم . والله من وراء القصد !
مقالات اخرى للكاتب