الايام الدامية التي شهدتها بغداد العاصمة والمدن العراقية الاخرى خلال الايام القليلة الماضية فتحت الابواب على الكثير من التساؤلات التي تشغل الشارع العراقي، لايوجد في الافق مؤشر انتهاء مثل هذه الاعمال الارهابية التي تستهدف الابرياء من العراقيين، ومع كل عنوان دامي تاتي التبريرات والاتها مات، وكلها لاتضع حدا لما يجري، حملت الاخبار التغييرات التي طالت القيادات الامنية، والتي ستؤدي حتما الى تغيير الخطط الامنية، والجميع بانتظار نتائج هذه التغييرات وسط هاجس القلق المشروع في الشارع العراقي والخشية من تزايد وتيرة العنف التي نتائجها مخيفة في الشارع لان الثمن غالي جدا في ارواح العراقيين، هذه التغييرات في القيادات الامنية تفرز تساؤلات كثيرة فهل هي اجراء روتيني ام انها جاءت نتيجة الاخفاقات الامنية؟ وان كان احدهم فاشلا في قاطع مسؤوليته هل بالامكان ان ينجح في قاطع آخر؟ في الوقت كان الجميع بانتظار دراسة اسباب الخروقات الامنية التي شهدتها بغداد وتكرارها، ووضع السبل الكفيلة لانهاء الازمة السياسية التي تعتبر سببا رئيسا للتدهور الامني ووسط غياب اي مسعى لحلحلة العقد الخلافية، برز سجال وخطاب اعلامي بين رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، على خلفية دعوة رئاسة مجلس النواب لجلسة استثنائية لدراسة تدهور الملف الامني ورفض رئيس مجلس الوزراء لتلك الدعوة وتبريرات الجانبين للرفض والدعوة، ودفع بالبلاد الى تفاقم الازمة بين هاتين الرئاسستين، والتي يفترض ان تكون العلاقة والتعاون فيما بينهما على اعلى المستويات وبما تقتضيها المصلحة العامة للبلاد، الخلافات بين رئاستي هذه المؤسسات في هيكيلية الدولة العراقية، لايمكن ان تاتي بنتائج ايجابية بل العكس، تصبح المؤسسة الرقابية والتشريعية غير قادرة على اداء دورها المرسوم دستوريا ويترتب على ذلك الكثير.
الازمة بين رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ليست وليدة اليوم، وانما تمتد لفترة غير قصيرة دون ايجاد الحلول لها، واهتزاز العلاقة بينهما لايؤدي الى شلل مفاصل الدولة فقط، بل يؤدي الى زعزعة ثقة الشارع بهما وهذا الحاصل الان. في مثل هذه السجالات تغيب روح الدستور الذي يعتبر المرجعية السياسية لكل الاطراف، والغريب ان كل الاطراف تتمسك به خلال التصريحات، وكل طرف يتهم الاخر بخرقه والحقيقة الجميع قام بخرق الدستور بشكل او باخر ودليل ذلك الاوضاع الحالية والازمة العراقية التي تعيشها الساحة العراقية.
حقيقة القول ان الدعوة لمقاطعة جلسات مجلس النواب لم تكن صائبة، ورد رئيس مجلس النواب ايضا لم يكن موفقا، ومعها تحول الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الى خلاف شخصي رغم انكارهما لذلك، لان كلا منهما يمثل راي حزبه ومعها تنتفي الحيادية، ومن جانب اخر هذه الخلافات التنفيذية والتشريعية اثرت وبشكل سلبي على علاقات العراق الدولية.
التفكير في مصلحة العراق وابنائه افضل بكثير من التفكير في الاطر الحزبية الضيقة، والبلد مقبل على الكثير والمجهول العنوان الرئيس لذلك كيف يمكن تجاوز ذلك للوصول الى شاطئ الامان؟ الاجابة سلبية حتما في ظل تفاقم الازمة السياسية وفي هذه المرحلة تحديدا .
مقالات اخرى للكاتب