
كظم الغيظ صفة أخلاقية هامة تحدث عنها القرآن الكريم: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
حينما يواجه الإنسان إساءة تزعجه، أو تصرفاً يؤذيه أذى بالغاً من جهة ما، فينفعل نفسياً، ويمتلأ قلبه ألماً وغضبا، لكنه يسيطر على انفعالاته، ويكتم مشاعره الثائرة، فلا يبدي ولا يظهر أي رد فعل انتقامي، بل ولا ينعكس غضبه حتى على قسمات وجهه، أو ألفاظ لسانة. هذا المستوى من الإرادة والتحكم وضبط الأعصاب، يطلق عليه كظم الغيظ.
ولا يصل الإنسان إلى هذه القمة الأخلاقية السامقة، إلا بدرجة متقدمة من الوعي، والنضج والتهذيب النفسي. حيث أن الطبيعة الأولية للإنسان تستجيب للمثيرات، وتندفع للانتقام، وتقع تحت تأثير الغضب والانفعال.
لذلك استحق الكاظم لغيظه من الله تعالى الثواب العظيم والتقدير الكبير، جاء في الحديث عن ابن عمر عن رسول الله "ص" أنه قال:« من كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة»
وفي حديث آخر عن ابن عمر أيضا عنه "ص" أنه قال: «ما من جرعة أعظم أجراً عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله»
إن كظم الغيظ يدل على قوة الإرادة، وقدرة السيطرة على النفس،وتلك أهم من قوة العضلات، وكظم الغيظ لا يتحقق من قبل الإنسان الضعيف أو الجبان، الذي لا يمتلك قوة الردّ، ولا شجاعة المواجهة، وإنما يصدق من المقتدر الجريء، الذي يقرر باختياره عدم الاستجابة للانفعال، مع قدرته على ذلك، وهذا ما تشير إليه النصوص الواردة: « لو شاء أن يمضيه أمضاه».
إن من يُساءُ إليه، ويعتدى على شيء من حقوقه، فينزعج ويُستفز ويغضب وهو يملك شجاعة المجابهة، لكنه يقرر لجم غضبه، وكبح جماح غيظه، لهدف أسمى، ومصلحة أهم، فهو الذي يتصف بهذه الصفة العظيمة: كظم الغيظ، وهو المستحق لثواب الله تعالى وثنائه، والجدير بالتقدير والإكبار.
فسلام الله على امامنا الكاظم عليه السلام في يوم شهادته ورزقنا الله في الدنيا زيارته وفي الاخرة شفاعته.