صار أکثر من واضح أن موضوع تنحي نوري المالکي رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته، عن الحکم، قد صار حديث الاوساط السياسية العراقية و الاقليمية و الدولية، بل وحتى أن الحمى وصلت الى طهران(عرين دعم و اسناد المالکي) حيث هنالك إنقسام في المؤسسة الحاکمة في إيران بشأن دعم او عدم دعم المالکي، لکن الذي يثير الکثير من الدهشة هو أن المالکي يتصرف وکأن الامر لايعنيه لامن قريب او بعيد.
لئن سعت اوساط مقربة او تابعة للمالکي تصوير لاأبالية و عد إکتراث المالکي لمايدور من حديث ساخن بشأن ضرورة مغادرته للسلطة بأنه دليل على إحساسه بالقوة و ثقته بالنفس، لکن الحقيقة غير ذلك تماما، إذ أن کل الذين يستبدون و يتفردون بالحکم، فإنهم يتصرفون الى آخر لحظة وکأنهم أقوياء و لاشئ بإمکانه أن يزحزحهم، وان المالکي الذي دارت به الدوائر و جاءت أحداث نينوى و صلاح الدين لتحسب البساط من تحت أقدامه و تسحب زمام المبادرة أيضا من يديه، وان الرفض الدولي و الاقليمي لماطرحه المالکي من تبريرات بشأن تلك الاحداث أکدت بأن المساحات التي کان يلعب فيها ضد خصومه و مناوئيه قد تم إغلاقها بوجهه بل وانها صارت تستخدم ضده وهذا ماأثر کثيرا في موقف و وضع المالکي و جعله يشعر بالدوار و الترنح الذي يسبق السقوط و الانهيار.
عدم إستسلام المالکي و رضوخه للأمر الواقع يعود لعدة أسباب من أهمها:
ـ ينتظر أن يتمکن من حسم الموقف عسکريا و تحقيق إنتصار عسکري کبير يعيد إليه الثقة مرة أخرى، لکن کل الادلة و الشواهد لاتبعث على الامل و الثقة بهذا الخصوص سيما بعد الهزيمة التي تکبدها في تلعفر و أماکن أخرى و هروب أفضل قادته من ساحة المواجهة.
ـ ينتظر أن تسفر الاتصالات و المشاورات الدولية و الاقليمية التي يدخل النظام الايراني طرفا فيها عن نتيجة إيجابية تمنحه البطاقة الخضراء لولاية ثالثة.
ـ من الممکن أن يبادر المالکي الى تقدهم تنازلات کبيرة الى أکثر من طرف عراقي على أمل أن يقود ذلك الى موقف إيجابي من جانب تك الاطراف العراقية فتبقيه في الحکم.
الذي حدث في نينوى، ولاسيما ترحيب الاهالي بالمهاجمين، أعطت إنطباعا عميقا جدا للمنطقة و العالم بمدى التباعد بين المالکي و الاهالي وهو يثبت أيضا بأن المالکي قد إرتکب خطئا کبيرا جدا لايمکن معالجته أبدا، وهو أن الاهالي قد فقدوا ثقتهم به، ولهذا فإن ليس هنالك ماينتظره المالکي سوى إضاعة الوقت و الانتظار الملل الذي لن تکون له أية نهاية أخرى غير تنحيه عن الحکم.
مقالات اخرى للكاتب