بغداد – رغم حالة السكون السياسي الذي عاشه العراق طوال الأيام الماضية بسبب فترة عيد الفطر المبارك، ومغادرة اغلب السياسيين البلاد لقضاء عطلة العيد بين عائلاتهم، إلا أن ملف التوافق السياسي بقي عصيا عن الحل وسط الكثير من المؤشرات والتصريحات الي صدرت خلال فترة عطلة العيد، فيما بشر رئيس الجمهورية العراقيين والقوى السياسية من مقر إقامته في المانيا بحلول توافقية شاملة بعد عطلة العيد.
فقد فشلت الكتل السياسية في التوافق حول ورقة الإصلاح التي قدمها التحالف الوطني الحاكم، وسط تفاقم الوضع الأمني والاقتصادي في العراق وتأثره بالأزمات الإقليمية المحيطة به.
واعتبر التحالف الكردستاني العراقي أن ورقة الإصلاح، ليست كافية لحل الأزمة السياسية المندلعة من نحو 8 أشهر. وعدت القائمة العراقية أن الحديث عن ورقة الإصلاح "مضيعة للوقت" مطالبة بتطبيق اتفاقات أربيل، فيما أبدى التحالف الوطني تفاولا بالورقة، وأكد أن الحوارات كفيلة بحل الإشكالات، داعيا الفرقاء السياسيين إلى عدم التصعيد الإعلامي.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان إن الحوارات السياسية الحالية غير حاسمة ولم تصل إلى المستوى المطلوب من الجدية. وأضاف أن "الأطراف السياسية لم تحسم أمرها بشكل نهائي من العملية السياسية الحالية، حيث لا تزال بعض الأطراف تلوح بالاستجواب وأطراف أخرى تنادي بالإصلاح السياسي".
وبين أن "الخيارين لا يزالان مطروحين للنقاش ولم تتمكن الكتل من توحيد مواقفها بهذا الشأن للذهاب إما للإصلاح أو للاستجواب". وطالب عثمان القادة السياسيين بعقد لقاءات مثمرة وليست روتينية أو لأغراض المجاملة من أجل معرفة الحقائق وكشفها أمام المجتمع العراقي.
من ناحيته اعتبر النائب عن القائمة العراقية خالد العلواني أن قائمته "قدمت المزيد من الفرص الخاصة بالحوار الوطني من أجل إصلاح حقيقي"، مبينا أن "شرط الإصلاح هو تنفيذ اتفاقيات أربيل والبدء ببناء شراكة حقيقية". وقال إن "العراقية قدمت المزيد من الفرص الخاصة بالحوار الوطني من أجل إصلاح حقيقي لكنها لا تزال تصطدم بالمزيد من محاولات كسب الوقت"، مشيرا إلى أنه "بصرف النظر عن مستوى وطبيعة الحوارات الجارية فإن الشرط الأهم لتحقيق الإصلاح هو تنفيذ اتفاقيات أربيل".
وأضاف أن "هناك أمورا ذات صلة بالجانب التنفيذي ولا تحتاج انتظار ورقة الإصلاح كحسم ملف وزارة الدفاع، إذ سبق للعراقية أن قدمت العديد من المرشحين، فضلا عن مسألة التوازن في مؤسسات الدولة وهي أمور كان ينبغي أن تتحقق قبل هذا الوقت".
وقال عضو دولة القانون المنضوية في التحالف الوطني سعد المطلبي إن ورقة الإصلاح والمتضمنة 70 نقطة هي خلاصة الأزمات القائمة في البلد، مشيرا إلى أن "الباب مفتوح لإضافة أي نقطة تثير المخاوف والشكوك لدى الكتل السياسية الأخرى". وقال إن "الآليات التي ستتبع في تشكيل اللجان التي سيكون لها سقوف زمنية وآليات حقيقية لمتابعة الإنجاز والإصلاح، ستكون كفيلة بإيجاد حلولا تتناسب مع حجم المشكلة".
يأتي ذلك في وقت أعلن الرئيس جلال الطالباني خلال لقائه الخميس الماضي رئيس كتلة الوسط البرلمانية إياد السامرائي "أن اللقاءات والاتصالات التي يجريها من ألمانيا تبشر باحتمالات التوصل إلى انفراج في الأزمة بغية الوصول إلى حلول توافقية. ونقل بيان رئاسي عن الطالباني انه أكد سيواصل جهوده لتقريب وجهات النظر حال عودته إلى أرض الوطن قريباً.
وتوقّع النائب عن القائمة العراقية فارس السنجري ظهور أزمات جديدة في حال عدم توفر النوايا الصادقة من قبل الكتل السياسية لحل الأزمة السياسية الراهنة، مبينا انه "ستظهر مصداقية جميع الكتل السياسية في ورقة الإصلاحات وفي تطبيق الاتفاقيات السابقة بعد عطلة العيد مباشرة".
وقال السنجري انه "لا يوجد اتفاق بين أطراف التحالف الوطني حول ورقة الإصلاحات السياسة وجميع ذلك سيظهر ما بعد عطلة العيد"، مستبعداً ان يكون هناك اجتماع لقوى تحالف أربيل والنجف لأنه لغاية الآن لم يتم الاجتماع على ورقة الإصلاحات السياسية.
واضاف ان "المقترحات موجودة ومثبتة في ورقة اربيل عن تشكيل الحكومة وكانت هناك فقرات متفق عليها وبعد هذه الاتفاقية هناك اجتماعات سبق وان عقدت بين الكتل السياسية في أربيل والنجف".
وأوضح السنجري ان "التحالف الكردستاني لديه مشاكل حول قانون النفط والغاز وقوات البيشمركة والمناطق المتنازع عليها وهذه المشاكل قد طرحت في وقت سابق"، مشيرا الى ان "جميع الأمور واضحة وليست بحاجة إلى ترتيب نقاط من جديد".
ودعا رئيس الجمهورية جلال الطالباني في كلمة متلفزة في أول ظهور له بعد إجرائه عملية جراحية في ركبته في المانيا إلى عقد المؤتمر الوطني ووقف حملات الاعلام والابتعاد عن الخطابات المتشنجة، كما دعا الى ان يكون الدستور واتفاقية اربيل، والنقاط الثمانية التي خرج بها اجتماع اربيل – النجف، الاساس بحل الأزمة السياسية مشيرا الى ضرورة عقد الاجتماع الوطني بعد عودته من رحلة العلاج.
فيما دعا النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان القوى السياسية المتخاصمة فيما بينها للجلوس على طاولة الحوار بهدف حل الأزمة السياسية الحالية في البلاد والمستمرة منذ أشهر.
وقال عثمان "على القوى السياسية جمعاء وخاصة المتخاصمة فيما بينها الجلوس على طاولة الحوار من اجل حلحلة جميع المشاكل الموجودة في البلاد"، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الإسراع في إكمال إجراءات عقد الحوار الوطني لانه الحل الوحيد لإنهاء الأزمة لا غير".
وأوضح أن "جميع الكتل السياسية الحاكمة وغير الحاكمة باتت تعتبر مصالحها أهم من مصلحة المواطن، لأنه ولو كانوا يدركون أن مصلحة المواطن فوق مصالحهم الضيقة لما تصرفوا بهذه التصرفات وقادوا البلاد للازمة الموجودة اليوم ولذا هم يفضلون مصالحهم على مصالحة البلاد".
من جانب آخر قال رئيس مجلس النواب الأسبق محمود المشهداني "ان الظروف الحالية التي يعيشها البلد مناسبة تماما لإنهاء الخلافات السياسية من خلال أجراء إصلاحات سياسية ترضى بمقبولية من قبل الفرقاء السياسيين".
ودعا في بيان صحفي الكتل السياسية الى "إنهاء خلافاتها من خلال الجلوس على طاولة الحوار والشروع بالإصلاحات السياسية"، مضيفا "ينبغي ان تدرك القوى السياسية حجم الظروف التي تعيشها دول الجوار والتي تستوجب الوصول الى توافقات مشتركة تحافظ على وحدة الصف الوطني وتحصن وحدة البلاد".
وكان رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري اكد خلال ترؤسه اجتماعا سابقا للتحالف ان مشروع الاصلاح بدأ يتحرك عملياً من خلال التركيز على السلة الاولى من الملفات والقضايا العالقة، وان اللقاءات الاخيرة مع قيادات الكتل اظهرت دعماً لعمل لجنة الاصلاح، مع الاخذ بنظر الاعتبار السقوف الزمنية والاجراءات التطبيقية.
الى ذلك توقع عضو العراقية رشيد العزاوي، أن تبقى المشاكل العالقة الى حين انتهاء عمر مجلس النواب والحكومة ، مشيراً الى أن عمر المجلس والحكومة سوف ينتهي بعد (15) شهر. وقال العزاوي إن القائمة العراقية عندما جلست مع رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري لم تكن هناك ورقة اصلاحات مقدمة من قبله وإنما مجرد مجموعة أفكار قدمها وطالب العراقية بتقديم ما لديها من أفكار.
وأضاف أن الافكار التي قدمها الجعفري كانت ايجابية لحل المشاكل العالقة وخاصة وأن العملية السياسية تحتاج الى الكثير من الاصلاحات. واشار الى أن الخلافات السياسية سوف تستمر الى نهاية الدورة الانتخابية، خاصة أنه لم يبقى من عمر الحكومة سوى (15) شهر ولم يرى المواطن أي خدمات واستقرار للوضع السياسي والأمني سوى المماحكات السياسية.
فيما اكد عضو ائتلاف دولة القانون النائب عن التحالف الوطني فالح الزيادي، بأن الاجتماع الوطني سوف يحدد انعقاده بعد استئناف جلسات البرلمان، مشيراً الى وجود رغبة لدى جميع الكتل السياسية بالجلوس على طاولة المفاوضات. وقال الزيادي إن الاجتماعات الثنائية بين الكتل السياسية مستمرة لكن لم يتم تحديد موعد انعقاد الاجتماع الوطني بعد، مشيراً الى انه سيتم تحديد الموعد بعد استئناف جلسات البرلمان.
وأضاف أن الاسبوع المقبل سوف يشهد حراكاً سياسياً خاصة بعد ان أعطت الكتل السياسية مؤشرات ايجابية لتقبل ورقة الاصلاحات والرغبة بالجلوس على طاولة المفاوضات التي كانت ترفضه بعض الكتل. وبين النائب عن ائتلاف دولة القانون أن ورقة الاصلاحات سوف تطرح في الاجتماع الوطني لمناقشتها والتوصل الى صيغة نهائية تكون كفيلة بحل الخلافات العالقة بين الفرقاء السياسيين.
وتضمنت ورقة الإصلاح ثلاث نقاط تتمثل بدعوة جميع الأطراف السياسية الى مراجعة الأوضاع في ضوء الأزمة السياسية التي مر بها البلد ودعوة الأطراف السياسية الى التعامل مع الحوار بايجابية وطرح جميع الملفات على أساس الالتزام بالدستور. فضلا عن دعوة الشركاء للتباحث في الملفات المهمة وإيجاد حلول وفق سقوف زمنية بالإضافة الى التزام التهدئة الإعلامية.