بغداد – على الرغم من عودة رئيس الجمهورية جلال الطالباني من رحلة العلاج لألمانيا التي أستغرقت أكثر من ثلاثة أشهر، راجت فيها الكثير من الأحاديث والإشاعات والتصريحات عن قرب مغادرة الطالباني لمنصبه بسبب كبر عمره ومرضه وعدم قدرته على تأديه دوره السياسي بصورة جيدة، إلا أن الحديث عن ترك الطالباني لمنصبه وتجهيز بديل عنه لم يغب عن سطح الحدث السياسي العراقي، وتكهنات المحللين والمراقبين السياسيين.
ويرى المراقبون أن رئيس وزراء إقليم كردستان السابق ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الإتحادية السابق برهم صالح، يعمل منذ فترة للحصول على الدعم الأمريكي لخلافة الطالباني في رئاسة الجمهورية العراقية، مشيرين أنه يحظى بمساندة ومقبولية من قبل رئيس أقليم كردستان مسعود البارزاني في مسعاه، كما انه الآن مرشح لتولي منصب نائب الامين العام في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، في وقت دعا عضو في المكتب السياسي للديمقراطي الكردستاني الى مراجعة الاتفاقية الاستراتيجية المبرمة بين الحزبين الرئيسين في العام 2007.
ويلفت المراقبون والمحللون السياسيون ان البنية الهشة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني تشهد مرحلة تحول في سلسلة قيادتها ومؤسساتها الرامية الى التعامل مع الظروف الجديدة وحل مشكلات التنظيم طويلة الامد.
وأشاروا إلى أن تكهنات تفيد بأن مغادرة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، قبل يوم واحد من عودة جلال الطالباني إلى كردستان بعد قضائه 3 شهور في المانيا لتلقي العلاج، ترجع الى حقيقة انه على خلاف مع الطالباني الذي يحمله البارزاني المسؤولية المباشرة عن اخفاقه في مواجهة نوري المالكي، والوقوف ضد طلب سحب الثقة البرلمانية عن المالكي وأستبدالها بعقد الإجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية في البلاد.
وقال المراقبون ان حزب الاتحاد الوطني الكردستاني يحاول الان اعادة تنظيم نفسه في اعقاب نكسة ثقيلة في معقله بالسليمانية في الانتخابات العامة الماضية. وحان الوقت الآن لاجراء هذه العملية مع اقتراب موعد الانتخابات، مبينين أن من المقر به على نطاق واسع ان اي حزب سياسي كردي يريد الحصول على السلطة يجب عليه ان يحكم قبضته على اربيل.
ويرى المراقبون أن إعاد التنظيم في داخل الأتحاد الوطني من شأنه إيصال كوسرت رسول نائب الامين العام الحالي للحزب ونائب رئيس اقليم كردستان، محل الطالباني في منصب الامين العام للحزب. والسيدة الاولى، هيرو ابراهيم احمد وبرهم صالح، نائب الامين العام للحزب ورئيس الوزراء السابق في حكومة اقليم كردستان من المتوقع ان يشغلا منصبي نائبي الامين العام الجديد.
وأضافوا أن رؤى برهم صالح قد تكون "جائزة سياسية أخرى". لافتين ان الغرض الرئيس من زيارة برهم صالح الى واشنطن في اواخر آب الماضي ومطلع ايلول الحالي كانت من اجل تحشيد الولايات المتحدة لمساندته في خلافته منصب الطالباني كرئيس للجمهورية العراقية. وان معلومات أمريكية تفيد أن برهم صالح، وخلال اجتماعه بمسؤولين من وزارة الخارجية الامريكية ومجلس الامن الوطني الامريكي، أكد أن مسعود البارزاني يدعمه في هذا التوجه. في حين لم يتأكد ما اذا التقى برهم صالح ايضا ديفيد بيتريوس، مدير وكالة المخابرات المركزية، سي اي أي.
الى جانب ذلك، رات مصادر سياسية كردية واسعة الإطلاع أن صالح أثار الموضوع نفسه خلال زيارته الاخيرة الى ايران. واشارت الى انه اثار غضب الطالباني عندما التقى في العام 2007 مسؤولين ايرانيين وناقش اهدافه في اي خلافة للرئيس العراقي، وكان الطالباني وقتها في رحلة علاجية عاجلة الى الاردن.
وفي صعيد العلاقات بين الحزبين الكرديين الرئيسين، اجرت صحيفة روداو الكردية المقربة من البارزاني، لقاء مع محمود محمد، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتوعمه مسعود البارزاني، تناول المواقف بين الحزبين. وقال محمود محمد ان موقف الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني "هو في نهاية المطاف نفسه بشأن قضية المالكي، وموقف غوران شيء آخر". وقال ان "الاتحاد الوطني الكردستاني حليفنا ومنذ توقيع اتفاقنا الاستراتيجي في تموز 2007، اتفقنا على عدد من النقاط، عليه فان اي مسألة تظهر، تناقش وينتهى منها في اجتماعات عالية المستوى بين الديمقراطي والاتحاد الوطني".
وتابع ان "لدينا لجنة مشتركة في مستوى المكتب السياسي لمناقشة قضايا سواء تلك التي تتعلق ببغداد او الإقليم، لذلك هناك اختلاف بين سياسات الاتحاد الوطني وغوران". وسألته الصحيفة عن رأيه بما قاله محمد توفيق رحيم، احد ابرز قادة غوران بأن الديمقراطي الكردستاني هو اللاعب الرئيس في كردستان في حين ان الاتحاد الوطني لا يتمتع بتلك السلطة الكبيرة، أجاب عضو المكتب السياسي في الديمقراطي الكردستاني بأن "لدينا اتفاقية مع الاتحاد الوطني الكردستاني ونحن نتصرف ونضع الخطط على اساس تلك الاتفاقية، وكلام رحيم يهدف الى اثارة اعضاء الاتحاد الوطني ضد الديمقراطي، فهو بهذا الكلام يريد قول شيئين. اولهما انه يريد ان يقول للاتحاد الوطني واعضائه انهم خسروا الكثير. وثانيهما يريد ان يبرر كل النقد والهجوم ضد الديمقراطي الكردستاني. وللأسف، بعض مسؤولي الاتحاد الوطني الكبار بدؤوا ايضا ركوب الموجة التي خلقتها غوران. فهم يقولون ان الاتحاد الوطني الطرف الخاسر في الاتفاقية الاستراتيجية مع الديمقراطي".
وقال عضو المكتب السياسي في حزب البارزاني ان "الاتفاقية وقعت في العام 2007 وجرت احداث كبيرة في العراق والمنطقة الكردية منذ ذلك الحين. وربما تكون فكرة جيدة اذا اجري تقييم حديث للاتفاقية بطريقة من شأنها ان تناسب كردستان اليوم والعالم. لكن مبدأ تلك الاتفاقية يبقى راسخا بين الاتحاد الوطني والديمقراطي".
واكد "من جهتنا في الديمقراطي الكردستاني نحن مع تنقيح تلك الاتفاقية وربما حتى وضعنا آلية لاجراء التنقيح".
وعن المواد التي ينبغي تعديلها في الاتفاقية، قال محمود محمد ان "الاتفاقية كلها تتكون من 4 الى 5 صفحات فقط. والبنود التي نفذت حتى الآن ليس من الضروري الابقاء عليها في الاتفاقية. ايضا المواد التي لا يمكن تنفيذها تزال. مثلا، دمج الوزارات أمر قد حدث وهذا الشرط يجب ان يزال. واذا كان هناك شيئا ما يطلب سن قانون يمكن ازالته اذا تم سن القانون. وتشكيل الحكومة من جانب حزب واحد كل سنتين امر غير موجود في الاتفاقية، لأن هذا تم الاتفاق عليه في العام 2005، قبل التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية".