العراق تايمز: فراس الكرباسي - تصوير: سيف كريم
اتهم خطيب وامام جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، جهات داخلية وخارجية تعمل على اضعاف القوة الأمنية من خلال عدم السعي الجاد لتسليح القدرات العسكرية بما يتناسب وطبيعة معركتها مع الإرهابوكذلك اضعاف ثقة الشعب بقواته الأمنية وإظهارها بمظاهر المتخاذل وانكار دورها على طيلة العقد المنصرم في الدفاع عن البلد والشعب أمام الإرهاب، مؤكدا على ان المرجعية الرشيدة شخصت بان الخلل في التدهور الأمني ليس أمنيا فحسب وانما هناك اسباب اساسية وهي فساد النظام السياسي وعدم توفير بيئة اقتصادية مستقرة وحالة الجهل الثقافي التي عمت شريحة الشباب.
وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في بغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، اننا "إن من أعقد المشاكل التي يواجهها القرن الجديد هو مشكلة الإرهاب والعنف والجماعات الضالة ، إذ أصبحت محرقة للشباب ، ليس الشباب من منطقة الشرق الأوسط والمسلمين والعرب فحسب ، بل حتى العالم الغربي الذي يوصف بالمجتمع المدني والمتحضر هو الآخر أخذ يعاني من انخراط شبابهم في هذه الجماعات".
واضاف الساعدي " لذا نحتاج لمناقشة أسباب هذه الظاهرة عالميا وليس في منطقة دون غيرها ولعل المرجع الديني آية الله الشيخ محمد اليعقوبي وضع اصبعه على الأسباب الرئيسة التي أدت لنشوء الإرهاب فجوهر المشكلة يتلخص بصياغة الإنسان فحينما تخلى العالم عن الاهتمام بصياغته وفق أسسٍ سليمة وصحيحة نتجت أنساناً ضالاً لا يرى لنفسه ولا للإنسانية أية حرمة".
وتابع الساعدي " لقد شخصت المرجعية الرشيدة للقيادة العسكرية العليا في البلد أن الخلل في التدهور الأمني ليس أمنيا فحسب ، بل عدة أسباب رئيسية وأساسية وهي النظام السياسي وعدم توفير بيئة اقتصادية مستقرة وحالة الجهل الثقافي التي عمت شريحة الشباب".
وبين الساعدي ان " النظام السياسي والذي وصفه المرجع اليعقوبي بالفساد، ولا يقصد به الأشخاص ووصول أناسٍ لا يفكرون ببلدهم ولا يستشعرون وطنيتهم فحسب ، بل طريقة وصول حيتان الفساد الكبيرة للسلطة وتكرر الوجوه ذاتها من خلال نظام انتخابي فاسد أوعد من خلال قانون مفوضية الانتخابات التي تحتاج الي اعادة صيغة قانونها واختيار جهة بعيدة عن التحزب وتحظى بثقة الشعب واحترامه كالجامعات الأكاديمية، ووجود قيادات تهتم بمصالحها وولاءاتها الخارجية على حساب مصلحة البلد ، وكذلك وجود واجهات سياسية تمثل الإرهاب سياسياً أو أنها مستفيدة من الإرهاب لتحقيق مصالحها ومكتسباتها ولو لم تكن مرتبطة بالإرهاب على سبيل التأدلج والارتباط المذهبي".
واشار الساعدي ان "العامل الثاني هو العامل الاقتصادي فان عدم توفر بيئة اقتصادية مستقرة تفتح فرص العمل أمام الشباب لتأمين مستقبلهم هي التي فتحت الباب أمام الشباب للانخراط مع الجماعات الضالة التي استهوتهم بالمال ، واما بقية الشباب الآخرين إلى الهجرة خارج البلد ، ولا يستبعد أن مؤسسات الإرهاب ذات النشاط المدني ظاهرا المنتشرة في الغرب هي من ستحتضنهم أو الدوائر الاستخباراتية العالمية قد تجند بعضهم لصالحها ، ولو كانت هناك بيئة اقتصادية ناجحة ومزدهرة لما انخرط الشباب في هذه الجماعات ولضعفت قوتها في الاستقطاب".
واردف الساعدي " اما العامل الثالث فهو البناء الثقافي والفكري حيث إن حالة الجهل التي عمت الشباب عموماً ونشوء حالة التطرف المذهبي والمناطقي والتعصب القومي والقبلي كلها أسباب لتبلور ظاهرة نشوء الإرهاب ، فالمناهج التدريسية لا تبني ثقافة اسلامية تقوم على أساس التسامح وحب الآخرين بل تدفع باتجاه التمحور على الذات المذهبية وانكار الآخرين فيتولد العنف ، كما ان ضعف المناهج الوطنية التي تنمي شعور المواطنة سبب رئيسي لضعف الارتباط في الوطن وحب أبناء البلد وهذا أكثر وضوحا في بعض البلدان العربية المجاورة ذات التطرف الديني".
وشدد الساعدي " اذن فالمشكلة ليست مشكلة أمنية فحسب ، مادامت هذه العوامل مازالت موجودة وتغذي الارهاب وتموله بشرياً وفوق كل ذلك هناك من يعمل على اضعاف القوة الأمنية من خلال اسلوبين، الأول هو عدم السعي الجاد لتسليح القدرات العسكرية بما يتناسب وطبيعة معركتها مع الأرهاب وتأهيل المؤسسة العسكرية من حيث التدريب والدعم اللوجستي وبنائها بناءً مهنياً والامر الثاني هو اضعاف ثقة الشعب بقواته الأمنية وإظهارها بمظاهر المتخاذل وانكار دورها على طيلة العقد المنصرم في الدفاع عن البلد والشعب أمام الإرهاب رغم كل التضحيات التي قدمتها في سبيل ذلك، ومحاولة البعض فرض نفسه وجهته بديلا عن القوات الأمنية ، في الوقت الذي تدعو فيه المرجعية لا عدم عسكرة المجتمع وحصر السلاح بيد الدولة ، الأمر الكفيل ببناء بيئة اجتماعية مستقرة تنمو فيها روح المواطنة ويسودها التسامح وحب الآخرين".
وطالب الساعدي الحكومة "نوصي أن منظومة الإصلاح لابد أن لا تنطلق من ايجاد حلولٍ للمظاهر والنتائج ولا بتقشف الموازنة التشغيلية ، مالم تكن منظومة الاصلاح جوهرية تستهدف جذر المشكلة لا نتائجها فإن معالجة المشاكل من جذورها كفيلٌ بالقضاء على مظاهرها ونتائجها ، لذا ندعو باعادة النظر في سبل الوصول الى بناء النظام السياسي والاهتمام الجاد بتطوير وتأهيل القطاع الخاص والتعاوني لكن ليس على حساب القطاع العام".
ودعا الساعدي الحكومة الاتحادية الى "رفع وتيرة جهدها لمواجهة مرض الكوليرا وأن لا يصل التقشف لدرجة التسامح بقيمة الانسان من أجل توفير المال ليسرقه الكبار فقلة التخصيصات لشراء مطهرات الماء من الأسباب الرئيسية لانتشاره، ونشكر وزارة التربية التي أجلت دوام الابتدائية من أجل حصر هذا المرض الوبائي".
وبخصوص الوضع في العراق، كشف الساعدي ان " الاسلام ركز على التعارف كأساس في بناء المجتمعات وتلاقح المعرفة والأفكار وتدعو المجتمعات البشرية إلى إزالة الفوارق وندبت إلى التقارب بين الناس أفراداً وجماعات واعتبار أساس المواطنة الأصل الجامع للقبائل لكن ومن المؤسف جدا أننا نجد البشرية تتجه من أصلها الإنساني إلى حيزاتها الصغيرة ، كالعصبة والفئة والعشيرة والقبيلة والقومية وغيرها من الاثنيات".
وختم الساعدي خطبته بالقول " للأسف عادت الأمة تحيي من جديد معالم الجاهلية مرة أخرى وكلا يتشدق بطائفته أو حزبه أو قوميته ويدافع عن حقوق المزعومة حقا وباطلا غير آبهٍ لما يجري من تمزيق وحدة بلد وشعوب ، تجد ان هذا الشخص فرح بكسب بعض المنجزات على حساب غيره دون النظر إلى التقوى التي يريدها الله، فكسب المنجزات غير المشروعة على حساب الآخرين ووحدة الأمة وبال على صاحبها ، يوم يقف بين يدي الله ولا ناصر له وليس له منهم من شفيع يتشفع فيه".