قال الفيلسوف برنادشو مرة : كل شيء في السياسة جائز . ولكن لا أتصوره يقصد بذلك الجواز الخلقي والأدبي والمنطقي . لأن السياسة كما هو معروف عنها لغويا وفقهيا : رعاية شؤون الأمة . والحديث الشريف يقول : ما من والٍ يلي رعية المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة " البخاري" . ويفترض بسياسي الأحزاب الدينية أن يكونوا أكثر إلتزاما بإعتبار أنهم يربطون بين العمل الدنيوي والعمل الأخروي غير أن الذي نجده الآن هو العكس تماما , لقد فسدت السياسة عندما دس رجل الدين أنفه فيها , وأفقد الدين طهارته .
ويبدو الحال واضحا جدا بين حزب الدعوة والعبادي , هذا الرجل هو أحد كوادر الحزب وأحد أعمدة التحالف الوطني , وركن من أركان دولة القانون وكان بمثابة القشة التي حافظت على بقاء السلطة التنفيذية بيد حزب الدعوة بالمعنى البسيط راح رئيس وزراء من حزب الدعوة وجاء رئيس وزراء من حزب الدعوة , غير أن دولة القانون وحزب الدعوة , قلبا له ظهر المجن , وخرج الحديث من الكواليس إلى العلن , ترى لو جاء غيره ومن قائمة أو تحالف آخر ماذا ستقول دولة القانون وما سيقول الدعو تيون , ربما سيتقيؤون مصارينهم من الحقد عليه . والسؤال: أليس أنتم دولة القانون ؟. كونوا
شرفاء في التسمية على الأقل , ومدوا أيديكم للرجل الذين نتمنى أن لا يكون غطاء على نهجكم وتجاوزكم على البلد والمواطن , بملفات الفساد , وضياع البلد .
والغريب أن أول الغيث جاء من المالكي فقد رفض إخلاء الدار وكأنها من ورث أبيه , حتى أسمع محدثيه كلاما لا يليق بمسؤول قوله , وعندما قذف ما في بطنه تسلم الأمر الأبن المدلل بطل المنطقة الخضراء الذي كان أبوه بلا حياء يفتخر ببطولاته الخرقاء الورقية , هؤلاء الناس من كثرة ثمالتهم بالسلطة نسوا أنفسهم وراحوا يتعاملون مع الحالة بطريقة عشائرية عشوائية , حتى شهدت مجالس المالكي الكثير من التجني على خلفه , قال عنه أمام المجلس المحلي في بابل إن إلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة وإحالة ضباطه على التقاعد عمل غبي , وكأن مكتب القائد العام خلق
المعجزات ولا أدري هل أن الغرور أعمى بصره وبصيرته للدرجة التي ما زال غير مستوعب المأساة العراقية بإحتلال الموصل وضياع ثلت مساحة العراق بجهود هذا المكتب ؟. هل نسي أن هذا المكتب العتيد بذر من مالية العراق ما قيمته 150 مليون دولار؟ .
وإذ يتكلم المالكي بهذه اللهجة العدوانية على رفيق دربه يُشرع أبواب الكلام لحاشيته ومنتفعيه كي يوغلوا أكثر, لهذا سرعان ما تهدر الفتلاوي منزعجة من أي تصريح أو تصرف للعبادي . تقول على صفحتها في الفيس بوك بتاريخ 18 إكتوبر : نواب التحالف الوطني يصفقون للعبادي , وهو يطالبهم بإرسال أولادهم للرمادي لمقاتلة داعش , وتنزعج أكثر حين يقول أن وضع العراق الآن أفضل من السابق . يخيل لي أن هذه المرأة المغروره بنفسها حد العظم تريد منه أن يستشيرها قبل أن يتفوه بأي كلام , ولا كأنها ووليها بلعوا العراق من شماله إلى جنوبه وشفطوا من ماليته للدرجة التي
جعلتها تشتري بيتا بمليار ونصف دينار ,عدا ما كان تحت العباءة وعدا المكنوز وما وزع على الأحبة والأقرباء . ترى لو تسأل من أين جاءت بهذا المبلغ لو لم يكن سيدها قد أغدق عليها وعلى غيرها ما فيه الكفاية .
إن ما يجري في العراق غريب عجيب , وكل الذي أتصوره أن هؤلاء النابحين يريدوا أن يوهموا الرجل بقوتهم كي يقطعوا عليه طريق فتح ملفات الفساد , ولكن لو قدر له أن يسكت فإن إرادة الشعب - هذا الذي أذلتموه ثمان سنوات - سيفتح عليكم ليس أبوا ب التحقيق وإنما أبواب جهنم وإذاك سيكتشف من كان يغطي بصره بخرقة الدين والطائفة أن اللعب على الشعب قد يحصل وقد يطول لكنه لن يستمر للأبد .
مقالات اخرى للكاتب