.
"وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِين"، بتلك الأية القرأنية وقفت السيدة زينب عليها السلام في مجلس الطواغيت، أطلقت عنان ثورة تدق طبولها منذ بدء الخليقة الى يوم الدين، ذروتها بإستشهاد قائدها، صرحت للملايين أن تقتفي الأثر نحو الحرية والكرامة والإصلاح ومحاربة المفسدين.
ثورة أختزلت تاريخ الإنتفاض ضدالظلم على مرّ العصور، قمة بالتضحية والجود بالنفس.
الملايين تتجه صوب قبلة الأحرار، تهفو قلوب المعشوقين الى مجد التضحية والكرامة والإباء، إقتداء بعقلية الهاشمين وزيارتها سيد الشهداء. إعلان ثورة عارمة ضد الظلم والفساد والإنحراف والطاغوتية.
ملايين تجتمع من أقصى المعمورة في كعبة الأحرار، تضرب مثل التكافل الإجتماعي والتعاون والتضحية، صورة لا يختزلها كتاب ومقال وتعبير شاعر، قلوب تجتمع على حب منهج الإمام الحسين عليه السلام، تسعى لإنتهاج رفضه الظلم وفساد السلطات، تنطق بصوت الوحدة ونبذ التفرقة والعنصرية.
قضية لم تكن عابرة في التاريخ، ولم تتجاوزالإنسانية رسم خطواتها لإنارة طريق الحق، ملايين تقارب سكان العراق سنوياً، تسير كالسيول البشرية، تستلهم دروس الأحرارمن قائد الثوار، تستمد العزم والإباء والقيم النبيلة، هدفها أنساني واحد خلقت له البشرية الاّ من شذ عن الإنسانية.
بُعد فكري وسياسي إصلاحي للعطاء، نقلت قضية من باطن الصحراء الى عاليات السواري وأمهات الكتب ومناهج الثورات والعطاء، قمة في التصدي ترك أرث كبير، ذبحت قرابين مئات الألاف من المؤمنين السائرين الى طريق الحرية، كشف وجوه الكثير من الجلادين، وأيقن العالم أن في كل عصر حسين ذبيح ويزيد ذباح، وطبقة ظالمة وطبقة مظلومة، وشعب يبحث عن العيش وسلاطين يبحثون عن السلطة والسطوة والقوة، ومنابر للخير وكراسي للباطل.
محاكمة علنية أزاحت سِتار ملحمة إنسانية من العطاء والتعايش الاجتماعي والتعاون والتفاني، وإستلهام عِبَر دروس منهج خالد، تعبر بكل جلائها: إن الصبر مفتاح للفرج والحق لا ينتهي وإن خسر جولة.
رفض الضيم والخضوع والإستسلام يعلو صوت كربلاء الى بقاع العالم، يسمع الجبارين بصوت صريح: إن الله يمهل المفسدين ولا يهمل المحرومين.
الملايين في العراق يشاركون مسيرة الأربعين، يهتفون بصوت واحد "هيهات منا الذلة"، يرفضون منهج التفرد والتسلط والفساد، يتطلعون الى دولة عصرية عادلة، تقودها مؤوسسات لا تختزل بأشخاص، تُبعد مفاهيم المحاصصة والمنافع السلطوية، تطلب أبسط حقوق العيش الكريم، من أمن وكهرباء وخدمات، وشعور بالإنتماء الى وطن يقودة فكري إصلاحي على خطى ثورة الإمام الحسين، عبرت عنه صرخة السيدة زينب بوجه الطواغيت، حكمت بصورة علنية والقرار: من لا يخدم شعبه لايذكره التاريخ.
مقالات اخرى للكاتب