الآن يَحق لنا أن نهنئ المواطن العراقي، على بعض من هذه النخبة السياسية، التي تجاوزت بخطابها العالم المتقدم بمراحل، بل أدهشت العراقيين، باعذب الألفاظ، وأرفع الألقاب، وحلو الكلام، فليس ببعيد ذلك اليوم الذي استمتع فيه المشاهدون، بعرض بهلواني، كان أبطاله سياسيون ذووا عقولاً سبقت زماننا هذا بقرون، ومن سوء حظ هؤلاء السادة السياسيون، إنهم مازالوا يعيشون بيننا، في عالمنا المتخلف هذا!
فَرحَ العراقيون ذلك اليوم، وهم يشاهدون برنامج من الآخر، الذي يقدمه الإعلامي أحمد الملا طلال، حيث كان ضيفي البرنامج، من دعاة الوحدة والوطنية، والتي عبروا عنها بصورة جلية وواضحة، فكان حوارهم أقرب "للأكشن" من سواه، وراحوا يلقون على المشاهد كميات من الأوصاف والمفردات، التي تعج بها الطبقة السياسية، وقد برعوا في رسم صورة مشرقة، عن النخبة السياسية لهذا الشعب، الذي حتماً هو سعيد بأمثال هؤلاء.
هذا الحوار المفعم بالنظريات "الحذائية"، والمقارنات الحيوانية"، التي ربما تكون قد أساءت لحقوق الحيوان، وما أخشاه هو أن ترفع منظمات الدفاع عن حقوق الحيوان، دعاوى قضائية، للمطالبة بكشف الظلم ورفعه عن هذه التجنيات، التي لحقت بهذه الحيوانات؛ جراء تعدي هؤلاء السياسيون عليها، وتشبيهها بأوصاف لاتليق بها.
ذكر بعض من أسماء الحيوانات في البرنامج، والتي لا أريد أن أذكرها هنا حفاظاً لقيمة القارئ، ربما يكون ظلم واعتداء على هذه الكائنات الحية، تتمتع بحقوق أكثر مما يتمتع بها بعض المواطنون العراقيون، فهي تعيش في أوطان تعد من بلدان العالم المتطورة، وهي ماتسمى بالعالم الأول والثاني، أما هؤلاء المتخاصمون على الهواء مباشرة، فهم ليس سوى مواطنون من العالم الثالث، ولو كان هنالك عالما رابعاً أو خامساً أو حتى عاشرا؛ً لكان هو عالمهم.
قد يُشكل علينا أحد؛ بسبب هذا الترف الفكري والثقافي، والكم الهائل من المعلومات والنظريات، التي أغنت الحوار، وجعلته مرجعاً سياسياً لكل المنابر الإعلامية المحلية، وربما العالمية، فحقاً هؤلاء هم نخبة من سياسيونا، المدافعون عن الحرية والرأي و الرأي الآخر، وقد دافع كل منهم عن نظريته، دفاع فلسفي سياسي تكاد تخضع أمامه، كل النظريات الفلسفية والسياسية.
سادتي القراء، لا تستغربوا فنحن في العراق، نعيش في أحسن ظروف الحياة، حتى أن مشاكلنا صُفرت، وقتلنا اليومي ولى إلى غير رجعة، وطائفيتنا قضينا عليها، وجنودنا عادوا لديارهم سالمون، ونازحونا لم يبق منهم أحد في العراء، وفقرائنا صاروا أغنياء، وشبابنا العاطلون ضمنوا مستقبلهم وتم توظيفهم، فكل شي ممتاز، ويدعوا للاطمئنان، فمن حق هؤلاء المتحاورون أو "المتشاجرون"، أن يُمتعونا بطاقاتهم العلمية، ونظرياتهم السياسية، التي كان صلبها وعمودها الفقري، مختلف النظريات الحيوانية، والماركات الحذائية!
مقالات اخرى للكاتب