بلا شك ان الاعلام بجميع مسمياته يمثل رسالة سامية ويسعى الى اهداف نبيلة من أجل الارتقاء وزيادة المعرفة لدى افكار الناس بما يوازي التحول الثقافي والحضاري الذي يشهده عالمنا اليوم ,فهو يسعى جاهدا للبحث عن المعلومة والخبر والانتقال بها من مصدرها الى عامة الشعب عبر وسائله الحديثة على أن تتخللها الموضوعية والصدق والامانة في نقل اي حدث ,وقد يتعرض بعض افراد العاملين في هذه المؤسسة ذات المسؤوليات الكبيرة الى الاضطهاد والمتاعب ولايخلوا عملهم من التعرض الى الاذى الكبير وقد لحق بالعديد من الذين اوصلوا المعلومة بدقة الى تقديم حياتهم نذرا من اجل البحث عن الحقيقة ,وقد أطلقت تسميات كثيرة على هذه المهنة منها الفدائي او مؤرخ الحدث او مهنة المتاعب مع العلم ان اجرها عظيم عند الله حينما يكون الاعلامي او الصحفي حلقة الوصل بين بعض الناس الذين اصابهم الحيف والظلم من جراء امور ادارية او اجتماعية لينقلها بأمانة المسؤولية وجرأة التحدي ونكران الذات دون ان يشوه معالم الحقيقة , ولايختلف الامر هنا عن الاعلام الديني الحر الهادف الى التعامل مع كافة فئات الشعب ولمختلف الطوائف والأديان فمسؤولية هذا الاعلام تكون خطيرة جدا كون العامل الديني يشكل عاطفة متلازمة بين القلب وعقول الناس ومهامها تتجسد في تشخيص التقاليد والاعراف والافكار والبدع الدخيلة على الاسلام واظهار جوهر معالم الدين الاسلامي الحقيقي ويحتاج الى أقناع ودليل وثقافة عامة وايثار وصبر لان معطيات التحدي عميقه ولايمكن ازالت تلك الترسبات بمجرد توجيهات من الكلام او بعضا من المقالات , فالاعلام الديني برأي المتواضع ينقسم الى ثلاث اقسام الاعلام الهادف و المغرض والطائفي , لو اخذنا الاعلام المغرض فنجد أن الذي وقف معك أمس وهو يشد على يديك في محاربة الظلم واظهار مظلوميتك الى ساحة التنافس الفكري والرأي العام ستجده على الفور يتغير وينظم الى جانب عدوك او لايقف على الحياد على الاقل لاسباب ان الاسس التي يستند عليها هذا الاعلام هشة ويسعى الى اقتناص الفرص والبحث عن الازمات والربح المادي لان العقيدة والهدف تجردت منها الروح الانسانية واصبح خالي من القيم والايمان ولم يستقيم عنده الامر لان العقول أفسُدت, اما الاعلام الطائفي فالحقيقة تقول ان كل تعصب لشيىء يفقد جوهر الحقيقة ويكون عثرة حائلة أمام الانفتاح على معالم التقدم والتطور, وما تبثه اليوم القنوات الطائفية في سبيل تغذية الفكر الانساني بشحنة من الاحقاد وتحشيد مجاميع من الناس لم يترسخ الاسلام في قلوبهم واستغلال عقول البسطاء من اجل تمرير افكار وتقاليد مملوءة بالكراهية لضرب النسيج الاسلامي واحداث شرخا لربما يتحول الى صراعات طائفية لايمكن السيطرة عليها بتوجيهات من الماسونية والصهيونية كما خطط قبل مئات السنين للفكر الوهابي من قبل عناصر المخابرات البريطانية التي نجحت في استمالة اعداد كبيرة من المسلمين , ويبقى للاعلام الديني الهادف مهام ومسؤوليات كبيرة جدا لان العدو متنوع ومتعدد الافكار وهو يحٌدق بالمسلمين وأدبيات الدين ولايمكن السيطرة عليه الا من خلال اعلام هادف يرتقي بأسلوب سلس وحضاري ولدية حجة مقنعة, ورغم ان المساحة الاعلامية كبيرة لدينا متمثلة بالخطاب الديني على المنابر الحسينية والصلاة يوم الجمعة في المساجد والانتشار الهائل من الفضائيات الاسلامية وهي بتزايد يوميا , ولو استثمرت المنابر الحسينية وهي من الوسائل الرئيسة والمؤثرة في قلوب ومشاعر رواد هذه المنابر كالحث على الالتزام بالسيرة الحسينة الصحيحه والابتعاد عن الاعراف العشائرية المتخلفة والوقوف الى جانب المظلوم ومساعدة المحتاجين وزرع القيم الاصيلة والوطنية , وارشاد الناس في اضخم تظاهرة سلمية مليونية يشهدها التاريخ الانساني اثناء توجهم الى ضريح الامام الحسين عليه السلام في كل عام لزيارة الاربعين , توجها بما يناسب القيم الحضارية والمحافظة على البيئة والنظافة والالتزام بأداب المسير أكثر نفعاَ من التحدث عن وصف واقعة الطف من على المنابر برمي النابل وصليل السيوف وحرق الخيم وشق الملابس وضرب الرؤوس بالقامات , فنحن على يقين بان اهداف ثورة الامام الحسين عليه السلام قد وصلت الى مشارق الارض ومغاربها وما من شخص على الارض الا وهو على دراية واسعة بما خرج وضحى من اجله الامام الحسين عليه السلام , فالاعلام الديني الهادف يتحمل ايضا مسؤولية تنظيم التعامل الانساني بين افراد المجتمع ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف والمحاورة المبنية على احترام الرأي والابتعاد عن السلوكيات البذيئة والعمل الدؤوب من اجل التقريب وازالت الفجوات بين المذاهب وصولا لنقطة التلاقي ويتجسد ذلك من خلال وضع سبل ناجحة كأصدار بوسترات توسم بعبارات قالها الرسول محمد صلى الله عليه واله والائمة المعصومين وهي تدعو الى الوحدة الاسلامية وطلب العلم والحث على النظافة ومحاربة الفساد وان يكون للاعلام الهادف مشاركة في نقل الصورة الحقيقية عندما تقام المؤتمرات الاسلامية والاحتفال بالمناسبات الدينية وأظهارها بما ينسجم مع عظمة الرسول وأهل البيت عليهم السلام الذين جاؤا الى كل البشر بفكر وقيم وقلوب صادقه لو تمسكنا قليلا بتلك القيم لما وصل حالنا الى هذا المستوى من التدهور والضعف .
مقالات اخرى للكاتب