الإعلان عن مشروع حكومي لاستحداث محافظات جديدة جاء مُضخّماً، وبخاصة بعد استخدام رئيس مجلس الوزراء لهجة غير سياسية في تقديم المشروع إلى الرأي العام بقوله إن القرار قانوني ولا يحق لأحد الاعتراض عليه!.. لكن في المقابل كانت ردود الفعل من الجنس عينه، أي مبالغ فيها أيضاً.
ليس الشعب وقادة الرأي العام مجموعة أصفار لكي يُحظر عليهم ممارسة حقهم الدستوري في الاعتراض على القرارات الحكومية، فضلاً عن انتقادها. مجلس الوزراء، وكذا رئيسه، لم يأخذا في الاعتبار البعد السياسي والاجتماعي لقضية استحداث محافظات جديدة.
هذا من جهة الحكومة ورئيسها. أما من جهة الرافضين والمعارضين فأنهم أخذوا الأمر على محمل الجد، وهو لا يستحق ذلك في الواقع فتوقيته يفضح مراميه بوصفه مادة للدعاية الانتخابية، والأهم انه مجرد وعد يشبه تلك الوعود التي أطلقتها هذه الحكومة ورئيسها شخصياً ولم يفيا بها.
دعوني أذكّركم.. هذه الحكومة برئيسها ونائب رئيسها لشؤون الطاقة ووزيرها للكهرباء وعدوا بحل مشكلة الكهرباء جذرياً في العام الماضي، بل ان نائب الرئيس أكد اننا سنبيع الكهرباء الى الدول المجاورة بنهاية العام 2013 الذي انتهى منذ 26 يوماً، فيما لم نزل نكافح من اجل ان نحصل على 15 – 20 ساعة تجهيز في اليوم. هل النقص يعود إلى أن دولتنا تبيع الكهرباء الى الجيران من وراء ظهورنا؟
أذكّركم أيضاً بالوعود الخلابة التي أطلقها السيد المالكي وحكومته ووزراؤه بعد مظاهرات 25 شباط 2011.. في البداية اتهم المالكي المتظاهرين بان تنظيم القاعدة وحزب البعث يحركانهم، ثم من دون أن يعتذر عن اتهامه الباطل، أقرّ بان الحركة أصيلة ومطالبها صحيحة ودستورية، ووعد بتحقيق ما يتعلق منها بإصلاح النظام السياسي وتحسين الحصة التموينية وتوفير الخدمات العامة وبخاصة الكهرباء، وأعطى وزراءه مهلة 100 يوم لتجهيز وزاراتهم من أجل تحقيق الوعود.. ما الذي حصل؟ .."هذا يوم وهذاك يوم" كما يقال شعبياً، أي ان رئيس الحكومة ووزراءه مسحوها بأردان قمصانهم. الحصة التموينية على سبيل المثال، وهي الاقل كلفة بين كل المطالب، لم تزل سيئة في نوعيتها التي لا تصلح للاستهلاك البشري، أما الكمية فقد نقصت بدل أن تزيد!
أذكّركم أيضاً بوعود رئيس الحكومة منح المحافظات المنتجة للنفط حصة من عائدات النفط لمعالجة تخلفها.. و"هذا يوم وهذاك يوم" أيضاً، بل ان رئيس الحكومة يشترط الآن أن تُنفق المحافظات الأموال غير المصروفة من موازناتها قبل أن تقرر بغداد تخصيص خمسة دولارات عن كل برميل للمحافظات النفطية من عائدات نفطها.. لكن من هو الذي لم يصرف الأموال المتكدسة في هذه المحافظات؟ أليست هي الحكومات المحلية السابقة التي كان يسيطر على أغلبها ائتلاف دولة القانون أو كانت له فيها حصة معتبرة؟
شخصياً لا أرى في الإعلان الحكومي عن المحافظات الجديدة تجزئة للعراق.. انه بكل بساطة بيع للهواء في الهواء لزوم الانتخابات التي قد لا تجريها الحكومة الحالية، وربما كان الاعلان نفسه يهدف الى خلط الاوراق وإثارة المزيد من الفوضى لزوم تأجيل الانتخابات الى موعد في علم الغيب.
مقالات اخرى للكاتب