لا اعرف ما الذي يدعو النائبة حنان الفتلاوي للخروج بشكل يومي هذه الايام على الاعلام والخوض في امور تضحك الصديق عليها قبل العدو ويبدو انها تظن ان في السياسة ايضا اختصاصات كما هو الحال في الطب فأخذت على عاتقها اختصاص كل شاردة وواردة عن اقليم كردستان للرد عليها . وأنا اعزو خروجها المستمر على الاعلام لسببين ...
السبب الاول هو.. ان البرلماني العراقي يتصور ان السياسي الناجح هو من يظهر اكثر في الاعلام .
السبب الثاني .. انها ضرورة مكملة من ضرورات الحملة الانتخابية بجانب توزيع البطانيات على الناس .
وعلى كل حال فان خروجها على الاعلام امر لا يزعج كثيرا باعتبارها افضل شكلا من برلمانيين او ساسة اخرين لا يستطيع المشاهد تقبلهم لا شكلا ولا مضمونا , إلا ان تصريحها الاخير يكشف ما تعانيه الفتلاوي من قصور في فهم المصطلحات السياسية والبلاغية , فقد خرجت لترد على بيان رئاسة اقليم كردستان حول مقتل الصحفي العراقي البدوي ولتتصور بأنها في ردها قد اقضت مضاجع ساسة الاقليم .. وفعلا ادمعت عيني حينما اطلعت على تصريحها لكن من شدة الضحك ليس إلا . فقد قالت الفتلاوي بأنها لا تمانع في انفصال كردستان عن العراق وهو شان كردستاني بحت لا علاقة للمركز به . بالطبع فإنني لأول مرة اعرف بان لا علاقة للفتلاوي بانفصال كردستان ولم اكن اعلم بأنها ستوافق على استقلال كردستان بهذه السهولة وإلا كنا سوف نخطو هذه الخطوة منذ زمن بعيد , وبالتالي فسنمضي في هذا الخيار بعد ان حصلنا على موافقتها ونشكرها على ذلك .
المشكلة انني اخاف ان تأخذ النائبة كلامي هذا ايضا على محمل الجد وتتصور فعلا بأنني اعني شكرها كما فهمت اعتذاري التهكمي لها في مقالة سابقة على أنه اعتذار حقيقي , فقبل ايام كتبت مقالا انتقدت فيه موقف حكومة الاقليم وطالبتها بموقف اكثر حزما مع بغداد وأنقرة في موضوع تصدير النفط من كردستان وكتبت وبشكل تهكمي بأنني اعتذر للنائبة حنان الفتلاوي فيبدو انها تعرف مواقف حكومة الاقليم اكثر منا نحن الكورد .. فما كان منها إلا ان اخذت اعتذاري هذا على محمل الجد ونشرت نص المقالة على صفحتها في احد مواقع التواصل الاجتماعي كي يرى مؤيديها بان هناك من الكتاب في كردستان من يتفق مع توجهاتها , وطبعا فقد تركتها تتصور ما تشاء لاني لا استغرب من مستوى الفهم لدى نواب دولة القانون فهو معروف للقاصي والداني في العراق .
عموما نرجع لموضوع التصريح ... فقد اثار غضب الفتلاوي ما جاء في بيان رئاسة الاقليم من اطلاق مصطلح ( حكومة بغداد ) على حكومة المالكي ودعوة البيان لحكومة المالكي ب(المجيء الى اربيل) لمناقشة ما هو عالق من المشاكل بين الطرفين . ويظهر ان كل ما لفت انتباه النائبة في البيان هي المصطلحات الواردة فيه حالها في ذلك حال اغلب الساسة العرب الذين يهتمون بالشكليات لا بالمضمون , ولكن حتى في مجال ردها على الشكليات لم تفلح الفتلاوي فقالت في خضم ردها "بأننا والحالة هذه يمكن ان نسمي حكومة الاقليم بحكومة الجبال او حكومة شمال العراق ". وهنا اشكر النائبة مرة اخرى على هذه الهفوة السياسية فهي بهذا الكلام ومقارنتها (حكومة الشمال) بحكومة بغداد تساوي بينهما من ناحية العلاقة السياسية والإدارية بينهما وتعترف ضمنيا بان التأثير السياسي للإقليم اقوى من تأثير المركز , ثم تأتي بعد ذلك لتنتقد الاقليم على خطابه الاستعلائي الذي ينتهجه وكان الاولى بها ان تسال نفسها لماذا جعلت حكومة بغداد وحكومة الاقليم في مصاف واحد من الناحية السياسية إلا اذا كانت هي بنفسها تنظر لحكومة الاقليم من موقع اعلى من موقع المركز . الشيء الوحيد الذي لم اجد له تفسيرا في تصريحها هو ما هي العلاقة البلاغية بين مصطلح (حكومة الشمال) او (حكومة الجبال) وبين مصطلح (حكومة بغداد) الذي استعمله البيان الكردستاني؟ وهل هناك علاقة جدلية بين المصطلحين ؟ كان الاولى بالفتلاوي ان تقول حكومة اربيل بدلا من العناء الذي قاسته حتى اكتشفت مصطلح حكومة الجبال .. فعبارة حكومة الجبال يفترض ان يكون مقابله حكومة الصحراء حتى تستوي الكلمتين مع بعضهما .. عموما فهذا هو المستوى الذي عهدناه من المالكي ورفاقه , فالمالكي الذي يقول الحالقة المالقة لا يستبعد هذه الشطحات عن مريديه .
مقالات اخرى للكاتب