أن يتجاوز عدد مشاهدات مقطع على اليوتيوب ( لا نستطيع أن نطلق عليه لقب أغنية ) الثمانية عشر مليون مشاهدة في فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر يؤديه مهرج جديد لم نسمع عنه سابقا فهذا أمر جدير بالدراسة والفحص باعتباره ظاهرة جديدة ومهمة وخطيرة تعكس توجهات الشعب العراقي وتوضح ذائقته الفنية ومستواه الثقافي والإدراكي .
أنا وانتم سادتي تعرفون أن الأغنية تعتمد على ثلاثة محاور أساسية مترابطة ( الكلمات واللحن وصوت المطرب ) يكمل بعضها البعض فلا تنجح أغنية بدون هذا الترابط الوثيق .
لكن الذي حدث في ( طابخين النومي ) كسر هذه القاعدة بل حطمها فالكلمات لا تتعدى كونها ( خرط وهراء ) لا معنى له فهي تتحدث عن براءة اختراع طبخ النومي ( نومي البصرة ) وأنا كعراقي أعرف أن النومي لا يطبخ فهو أما ( تخدير أو عصير ) وفي الحقيقة أكاد اجزم أن لا احد من أبناء الشعب العراقي يعرف طريقة لطبخ النومي , لأن النومي أو ( اللومي ) وهي التسمية الصحيحة عند أهل الخليج و( ليمون بن زهير ) عند المصريين أو ( الليم ) أو ( البنزهير ) وتسميته العلمية ( citrus aurantifolla ) ليس أكثر من ثمرة مجففة من شجرة تنتمي إلى الحمضيات من الأسرة البرتقالية ويستخدم كتوابل في عموم مطابخ العالم وبالخصوص المطبخ الإيراني والمطبخ الخليجي لأن نسبة الحموضة فيه تبلغ 6% وهي ضعف حموضة الليمون الاعتيادي . ثم ما الجدوى من طبخه سادتي الكرام وكيف سيكون شكل وطعم الطبخة التي ستنتج من ذلك ؟؟ أعتقد أنها ستكون شبيهة بالذي نعيشه نحن العراقيون في ظل حكوماتنا الرشيدة فأحسن نتيجة حصل عليها الشعب الذي أنتخب وسينتخب الفاسدين هي ( أحترك زردومه ) حاله حال المغني الذي حاول أن يتذوق طبيخ النومي .
يسترسل المغني ليمجد بأحد بيوتات البصرة التي لم نسمع عنها سابقا فرغم إني أبن الجنوب العراقي إلا إني لم أسمع ببيت كطيو قبل هذا المقطع فمن هم بيت كطيو الذين ( من لا يعرفهم لا يعرف شيء ) وماهو دورهم وتأثيرهم في المجتمع العراقي ( أنا هنا لا أنتقص أو أذم أحد فكل الناس عندي محترمون ) وماهي إنجازاتهم على المستوى المجتمعي أو الثقافي في البصرة أو في العراق ؟؟؟
أعتقد أن إنجازاتهم كإنجازات برلماننا الموقر وساستنا الأفاضل فالكل سادتي ( تطبخ نومي ) وعلى الشعب أن يتحمل ( حرقة البلعوم ) رغما عنه فهم أهل الغيرة وهم شيوخ الديرة والماعرفهم هذا كلشي ما عرف .
الأغنية سادتي هي أبلغ وسائل التعبير عند الناس عامة وصدق من قال ( كما تكونوا يولى عليكم ) .
لن يتغير الحال إذا لم نضع حد لهذا الهراء الذي نعيشه بشكل يومي ونتخلص من هذه التفاهات التي تغمرنا ونضع حد لهذا التلوث الفكري الذي وضعنا أنفسنا فيه وصدقوني سادتي لن نتخلص من الفاسدين وأذواقنا فاسدة
كارثتنا بدأت من ( البرتقالة ) لتصل إلى ( طابخين النومي ) فنحقق القول ( بال حمار فإستبال أحمرة ) وسنصل إذا بقي الحال على ما هو عليه إلى ( شرب الدارسين ) وعندها أقم على البلاد والعباد مأتما وعويلا
مقالات اخرى للكاتب