ثلاثة تحديات واجهت اقامة احتفالية يوم الاعلام العربي التي اقيمت يوم الخميس الماضي 21 نيسان 2016 في المجمع الثقافي بساحة الاحتفالات وحققت نجاحاً بشهادة وسائل الاعلام التي غطت الحدث بشكل جيد ، وشهادة كثير من الحضور ايضا.
التحدي الاول انها اقيمت في المجمع الثقافي بساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء والذي يتكون من مسرح المنصور وصالة السينما وقاعة العروض الفنية للاعمال التشكيلية اضافة الى مجموعة حدائق تحيط بالمجمع والنافورات المتوقفة عن العمل .. والتحدي يكمن في ان المكان يحتاج الى اعادة تأهيل ورعاية استثنائية .. وهناك حاجة لجهود كبيرة من اجل التأهيل وجعل المكان صالحاً لاقامة الاحتفالية .. كيف .. ومتى ؟ اللجنة التحضيرية والجهات الساندة في امانة بغداد قبلت هذا التحدي وبدأت منذ شباط الماضي بعمل دؤوب وتكلل الجهد بالنجاح بما شاهده من حضر الاحتفالية.
التحدي الثاني التمويل .. الكل يعلم ان الميزانية العامة للدولة لم تقر اية فقرة صرف لاقامة الاحتفاليات والفعاليات .. بل انها قلصت بعض التخصيصات وألغت اخرى كثيرة ، حيث ان التخصيصات (صفر) احيانا . وكما يعلم الجميع ان اية فعالية لايمكن ان تتم وتنجح دون تخصيص مالي .. كيف يمكن انجاز اعمال التأهيل وكيف يتم طباعة (الفولدرات) وبطاقات الدعوة والمنهج و(الفلكسات) ومتطلبات الضيافة .. كيف تتم هذه الاعمال دون تخصيصات مالية .. وتم معالجة هذا الامر بالتعاون مع شركة البطاقة الذكية (كي كارد) ونقابة الصحفيين العراقيين.
التحدي الثالث كان أمنيا ويتعلق بالوضع السياسي العام للبلاد والتغيير الوزاري والتظاهرات والاعتصامات والاجراءات الامنية المشددة حساباً للطوارئ مع غلق بعض البوابات المؤدية الى المنطقة الخضراء حيث تقام الاحتفالية وهذا يعني صعوبة الحركة ونقل المعدات والاجهزة الخاصة بالاحتفالية فضلاً عن حركة الاشخاص المكلفين بالاعداد لها ، وهذا التحدي تعاظم في الايام الاخيرة حتى ان عشية الاحتفالية كانت مقلقة للقائمين عليها .. كيف سيصل المدعوون ؟ وكيف يحضر المشاركون بالفعاليات الفنية من الفرقة السمفونية العراقية وفرقة عرض الازياء الفولكلورية وفرقة الفنون الشعبية ؟.. وحتى لحظات بدء الفعالية كان التحدي قائماً ، وكانت الايدي تسند القلوب خوفاً من الفشل بعد ثلاثة اشهر من الجهود المستمرة .. مع صعوبة تأجيل الاحتفالية لانها مرتبطة بمناسبة وبتأريخ محدد كذلك ، صعوبة تغيير المكان لان الاستعدادات كافة رتبت ونظمت ونسقت على اساس المكان الاول وهو مسرح المنصور بساحة الاحتفالات ، وقد حالف المنظمين التوفيق ونجحت الجهود الاضافية في تسهيل دخول الضيوف والمشاركين واقيمت الاحتفالية وعزف السلام الجمهوري وتمتع الحضور بالفقرات المعدة والقيت كلمات مهمة للسيد رئيس مجلس الوزراء راعي الاحتفالية والسيد مدير مكتب رئيس الوزراء المكلف بالاشراف على الامانة العامة لمجلس الوزراء وكلمة لنقابة الصحفيين العراقيين واخرى للجنة البرلمانية المعنية .
العراقيون تعودوا على التحدي .. في يوم السبت من الاسبوع الماضي وفي الوقت ذاته الذي اقيمت فيه احتفالية يوم الاعلام العربي افتتح المعرض الشامل للصورة الفوتوغرافية الذي اقامته الجمعية العراقية للمصورين الفوتوغرافيين في قاعة كولبنكيان في ساحة الطيران .. يومها كانت اعتصامات وتظاهرات والطرق المؤدية الى الباب الشرقي وساحة الطيران مغلقة ، الا ان الفنانين المشاركين والضيوف اتوا سيراً على الاقدام واقيمت الفعالية ونجحت ووزعت الجوائز على الفائزين باجمل صورة والمشاركين.
احتفالية بغداد بيوم الاعلام العربي الموافق في 21 نيسان 2016 لم تكن الوحيدة بل رافقتها احتفالات في عواصم عربية اخرى فضلاً عن الاحتفالية المركزية التي اقيمت في مقر الجامعة العربية بالقاهرة . الا اني أزعم وأجزم ان احتفالية بغداد كانت الاجمل والابهى والاكثر ألقاً ، ولعل الصدى الذي انعكس على وسائل الاعلام المحلية دليل ومؤشر مهم على نوعية الاحتفالية وتميزها لما تضمنته من فقرات فنية اضافت اليها جمالا وبهجة ، ما دلل مجدداً على ان الثقافة والاعلام صنوان لا يفترقان كون الاعلاميون مثقفين ، والثقافة لاتصل الى المتلقين الا عن طريق الاعلام ووسائله ..
نجاح اخر حققه العراقيون وقبلوا التحدي فيه حتى كللت جهودهم بالنجاح لذلك ليس عبثاً عندما اختار العالم بغداد واحدة من مدن الابداع لعام 2016 فهذه المدينة قادرة على انجاب المبدعين وخلق الابداع وابهار العالم حتى وان كانت تتلوى ألما من شدة وقع جرائم الارهاب وتنظيماته المتطرفة على حياتها اليومية.
مقالات اخرى للكاتب