لم اتفاجأ كثيرا وانا اسمع بدعوة السيد مقتدى الصدر للنواب بالانسحاب من الاعتصام من داخل قبة البرلمان . كون الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر ، عودنا دائما على المفاجأة واتخاذ القرارات الصعبة في احلك الظروف . واما لماذا هذا القرار الان وقبل يوم من انعقاد جلسة البرلمان ، فالاجابة ستتوقف على نواب كتلته وردة فعلهم ومدى استجابتهم لدعوته ؟
فان استجابوا وخرجوا من الاعتصام فان هذا معناه ان السيد الصدر يريد ارجاع الدكتور سليم الى منصة الرئاسة او تقديم استقالته على اقل تقدير على ان يطرح اسمه للترشيح مرة اخرى او اي من حزبه وبصفقه ربما تكون بقبول جميع الاسماء التي طرحها الزعيم الصدري كوزراء تكنوقراط الى السيد العبادي ، وربما ايضا حصوله على مكاسب سياسية ستكشف بعد حين ، هذا رأي ..
وهناك رأي اخر وفيما لم يستجب نوابه لدعوته بفض الاعتصام . . فان رفضوا تلك الدعوة من دون اتفاق معه فان مصيرهم سيكون عزلهم وفصلهم من كتلة الاحرار ، ونعتقدان هذا الامر بعيد المنال .
واما لا اي انه متفق كان معهم . فسيبقون معتصمين ومجمدين فقط ، وحتى الوصول الى الهدف المنشود .
بقي ان نشير الى مفردة ” الثورة الشعبية ” التي ضمتها جمل بيان السيد الصدر اليوم . ومطالباته بالتغيير والغاء المحاصصة وانهاء وتغيير نمطية العملية السياسية الحالية الى اخرى جديدة بعيدة عن المحاصصة الحزبية والطائفية حيث كشف الصدر عن ما اسماه بالسعي الحثيث لتشكيل ائتلاف شعبي موحد يضم حتى البرلمانيين وذوي النيات الوطنية الحقيقية ، بعيدا عن ذوي المأرب الفئوية والانتقامية الضيقة ، وحسب قوله .
كذلك اكد على السعي نحو عراق موحد وعملية سياسية جديدة بعيدة عن المحاصصة والطائفية ليحل التكنوقراط المستقل بدل المتحزبين السراق .
ففحوى بيانه ان هناك ثورة قائمة الان . وهي ثورة شعبية كما اسماها ، وهنا دق السيد مقتدى الصدر ناقوس الخطر امام رؤساء الكتل جميعا.
كذلك اشار من خلال بيانه لاصحاب المأرب الفئوية والانتقامية الضيقة من انه كان يومي الى السيد المالكي حيث ان الاطاحة بغريمه التقليدي سيعطي للصدر قوة ونفوذاً سياسياً اكبر ، حيث انه العقبة الوحيدة الان امامه من اجل انتزاع رئاسة الوزراء من الدعوة .
كذلك ما اثار حفيظة الصدر بازمة البرلمان القائمة حاليا هو ما قامت به بعض الاحزاب من دق اسفين الاعتصام وركب موجته من قبل المالكي بحيث اقنعوا الصدريين بذلك مع ان الامر ربما لايرقى الى هكذا توجه لدى المالكي وان وجد فلا يستطيع من ركب الموجه وبالكيفية التي اثاروا من خلالها مخاوف السيد الصدر الذي راح يصرح بعبارات قاسية عن الولاية الثالثة وحكومة المالكي السابقة .
لابد لنا ايضا من تسليط الضوء على تصريح النائب احمد الجبوري حول دعوة الصدر . حيث وصف دعوة الانسحاب بـ (التكتيكي) كي يلتئم شكل البرلمان في الجلسة القادمة . وهذا التصريح ربما ينبئ عن وجود اتفاق من قبل الاحرار مع بقية النواب المعتصمين. او لا اراد الجبوري من ان تبقى كتلة النواب المعتصمون ثابتة ولا تتشرذم وحتى بعد انسحاب الصدريين منها ..
اخـــــــيرا نقول لا توجد هناك من ضغوطات بالمعنى الحقيقي على السيد الصــــــــدر من الولايات المتحدة او ايران مع تحركاتهم الكبيرة الا انها لم تكن معه مبــــاشرة بل مع اطراف اخرى في العملية السياسية .
فهذا ستيوارت حونز سفير الولايات المتحدة في بغداد يصرح بالفم المليان انه لم تك لديهم اية اتصالات مع السفارة الايرانية بشأن السيد سليم الجــــبوري والدكتور العبادي لابقائهم في مناصبهم وحسب قولـه.
ويبقى المراقبون والمحللون السياسيون ينظرون لتلك الدعوة انها احد الخياريين فاما هي مؤامرة وهذا ما سوف تدور بخلد بقية النواب المعتصمين من غير كتلة الصدر .
او لا هي عبارة عن خديعة ، خدع بها زعيم التيار الصدري المعسكر المقابل الذي يصر على مبدأ المحاصصة الطائفية والابقاء على الاحزاب المتحكمة بتشكيل الحكومات ، وهذا الامر سيدور بخلد هذا المعسكر فيما بقي نواب الصدر ولم ينسحبوا من الاعتصام . وبين هذا وذاك سننتظر حتى الخميس القادم موعد انعقاد الجلسة والتي من المقرر ان يتم ازاؤها اختيار رئيس جديد لمجلس النواب .
او لا سيصار الى ان يقدم الدكتور سليم الجبوري استقالته وطرح اسمه مرة اخرى ليفوز بعد ذلك ، وان لم يتوافق عليه فسيصار الى ترشيح اخر من نفس حزبه .
هذا السيناريو من جانب ومن جانب اخر فانه ربما ان اصر النواب على موقفهم سيصار الى فض النزاع عن طريق المحكمة الاتحادية العليا للبت بشان الخلاف الدستوري او النظام الداخلي للمجلس .
وبكلتا الحالتين فان العبادي ضمن البقاء في رئاسة الوزراء وبات استجوابه بعيدا جدا عن متناول النواب المنتفضين ومن غير المنتفضين .
مقالات اخرى للكاتب