قبل أيام لم أعد أعدّها منذ سنين، ظهر أحد السياسيين من مفكري آخر زمن على صفحات التواصل الاجتماعي قائلاً: كلهم لصوص، وكل يسرق على قدر ما يسمح به كرسيّه، أنا أيضا من ضمنهم!
ليس غريبا ابدا أن يسرقونا فقد اعدتنا الأمر، وصار الأمر سخيفا حين نذكره، ونردده بيننا ونسب ونلعن، لم أتعجب أيضا لأن هذا اللص الأصلع اعترف بسرقاته وسرقات زملاءه اللصوص الآخرين، فالآبار صارت لهم، والقصور لأولادهم، ونصف أوروبا لأحفادهم الملاعين. ولكن ما أثار دهشتي التي صارت لا تُستفز مؤخراً إلا قليلا، أن يمتلك هذه الجرأة في أن يعترف هكذا فيسبوكيّاً على نطاق أوسع من العلن، ليس أنه لم يخجل، فهم لا يخجلون، ليس أنه لم يخف، مع أنهم جبناء ولكن لا يخافون المحاسبة، ولكن أي استخفاف بنا هذا الذي وصلوا إليه؟ هذا الذي لم يحدث في أي تاريخ وفي أي بلد آخر، أن يعترف اللص بجريمته دون أن يخاف من أن يعاقبه أحد، دون أن يخاف من ضميره، ومن دعاء الثكالى والأيتام. هل من المعقول أن نكون أجبن من كل البشر على وجه الأرض؟ أفكر دوما! ما الذي أوصلنا إلى حال كهذه؟ هذا الذي يحكم هو ابن البلد، شئنا أم أبينا، أنكرنا ذلك على أنفسنا أم اعترفنا، هذا.. أو ليس هذا، هو ظلم بحق الكلمة، (هؤلاء) الجمع الغفير من اللصوص، هم أبناء البلد شئنا أم لم نشأ، ليسوا محتلين أو مستعمرين، لم يأتوا من الفضاء مع أنهم ضمنيا فضائيون مضرون بصحة الأرض التي تدوسها أقدامهم. مئات الأحزاب تشكّلت وتشكّلت معها مئات العصابات المسلحة، مئات المافيات تحكم ضربا بآلاف اللصوص يسرقون الملايين كل يوم، وماذا عن الشعب؟ سيقولون أيضا: أنتم انتخبتونا، وأنتم أجلستمونا على كرسيّنا، وأنتم من أردتم أن نتحكم بكم. هذا الذي يُمثّل اولئك، لم يكذب ربما للمرة الأولى في حياته، لكنه حين صدق: كفر بحق الشعب!
مقالات اخرى للكاتب