(الدستور هو الفيصل في معاجلة المشاكل القائمة بين الاقليم والمركز ) ... عبارة لا يزال المالكي يرددها في الحديث عن الازمات المتعاقبة بين اقليم كوردستان وحكومة المنطقة الخضراء في بغداد . نعم الدستور هو الفيصل في كل العملية السياسية في العراق ولكن ...من الذي يخرق الدستور ؟
في ازمة تصدير نفط كوردستان الاخيرة تعالت الاصوات في بغداد متهمة الاقليم بخرق الدستور في تصديره للنفط وانه يعتبر سرقة لأموال العراق ونهبا لثرواتها , وان كان الامر يتعلق بتصريحات المالكي او الشهرستاني فقط لكان الامر مفهوما , فالرجلان معروفان بضحالة مستوى الادراك لديهما , و بالأكاذيب التي يروجوها على الشعب العراقي طيلة الثمان سنوات الماضية , إلا انه وللأسف فقد عم هذا الوباء الفكري بين الكثير ممن يوصفون بأنهم خبراء قانونيين واخذوا يطلقون هذه الاتهامات الببغائية دون سند قانوني حقيقي .
ونرى انفسنا مضطرين لإعادة الفقرات الدستورية التي تخص حيثيات مشكلة تصدير النفط بين المركز والإقليم لإثبات اكاذيب هذه الشرذمة القابعة في المنطقة الخضراء .
في الباب الرابع ( اختصاصات السلطة الاتحادية )
المادة 111 تنص على ان النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات .
ان توجه اقليم كوردستان في تصدير نفطه الى الاسواق العالمية لا يتنافى مع هذه المادة حيث انه وكما يصرح الساسة الكورد دائما فان واردات النفط الكوردستاني ستحول للخزينة المركزية وقد تقطع منها حصة الاقليم من الميزانية العراقية فقط فيما اذا لم تدفع بغداد حصة الاقليم منها .
الباب الرابع ( اختصاصات السلطة الاتحادية )
المادة 112
اولا .. تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول ( الحالية) (اي التي كانت تنتج قبل الالفين وثلاثة ) مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة ... الى اخر الفقرة .
ثانيا .. تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة (معا) برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز , بما يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي .. الى اخر الفقرة هذه .
الباب الرابع ( اختصاصات السلطة الاتحادية )
المادة 115 تنص على ان ( كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات الغير المنتظمة في اقليم , والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم , تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات الغير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما .
وبذلك فان للإقليم الحق في التصرف وفق ما يمليه عليه مصلحة الاقليم الاقتصادية والسياسية في هذا الملف اعتمادا على المادة 115 من صلاحيات السلطة الاتحادية السالفة الذكر .
ليس هذا فحسب بل ان هناك فقرة في الباب الخامس
( سلطات الاقاليم ) الفصل الاول المادة 121
ثانيا .. يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقاليم في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقاليم بخصوص مسالة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية . وبما ان كل ما يتعلق بالحقول الجديدة لا يدخل في صلاحيات السلطة الاتحادية فهذا يعني ان للأقاليم الحرية المطلقة بالتصرف وفق ما يراه مناسبا .
هذه هي البنود المتعلقة بموضوع النفط والغاز في كل الدستور العراقي , وهي تتعلق وكما رأينا بالحقول المنتجة دون اي ذكر للحقول المتكشفة حديثا لا من حيث الاستكشاف ولا من حيث الانتاج ولا من حيث التطوير والتصدير فأين النقطة التي خرقها الاقليم من هذا الدستور العتيد ؟
في الواقع فانه لا توجد دولة منتجة للنفط ( محترمة او حتى غير محترمة ) لا تمتلك قانونا للنفط والغاز تتحرك على ضوئه لوضع الخطط والستراتيجيات النفطية باستثناء العراق , الذي يعتمد في ملفه النفطي على قوانين ارتجالية لمسئوليه , مما يجعل اقليم كوردستان في حل من الانصياع للفتاوى النفطية لوزارة النفط العراقية وينسف اي حديث دستوري عن ملف النفط .
رغم ذلك فان كوردستان تتصرف حسب وازعها الوطني ومسئولياته ليس تجاه سكان الاقليم فقط بل تجاه سكان العراق ككل .
وهنا نريد ان نسال ثانية ما هي النقاط التي يعتمد عليها المالكي وبهلول السياسة النفطية العراقية الشهرستاني في وصفهما لخطوات كوردستان النفطية بأنها غير دستورية ؟ ومن الذي يخرق الدستور في هذا الملف هل هو الاقليم ام الحكومة القابعة في المنطقة الخضراء ؟
مقالات اخرى للكاتب