هذا ما نعاتب به ولدنا (( نبونيدوس)) فلذة كبدي، كبير مجلس الامناء ذا الاذن الصَّماء في بلاد الرافدين العجباء ، فان العتاب خير من كتمان الازدراء، وانه النصح المهذَّب والكلام المُشَذَّب، واني على تمام اليقين انكم قد عُمّيت ابصاركم وتورَّمت (( براطمكم )) ولكن ماحيلتي ياولدي وانا صاير(( خردة)) في لحدي؟ فلعلَّ نُصحي لكم سيكون ردءاً لكم ومعونة ..او عِبرة تغنيك وماهي الا نُذرٌ لك ولغيرك ، فلا يخفى عليك انه قد دهمني ذات يوم داءُ العظمة، بعدما بَطِشتُ بالناس ، ونفخوني ، كما حالكم اليوم مع ثلة من اصفيائك المنتفعين ، وصدّقت نفسي تلك الاكذوبة المزعومة، ولكني سرعان ما استوعبت انذاراً من الرب بعاقبة فعلي ((المصخم)) ، فهرعت الى الاعتكاف بغابة نائية مبتعدا عن العرش حتى تاب الرب علي وتبت انا وعدت الى رشدي .
ثم اعلم ((يانبونيدوس)) سوف لا اعاتبك بفرائض ربي وربك التي ضيعتها وجَحَدتَّ بها ومن معك من اللصوص وقطّاعي الطرق بل في نفسك الجامحة في سلوكها ،وسيرتك السافلة فاصبح الناس لا يرونك الا وقحاً ، ولا ترى نفسك الا حَورساً بابلياً (( حورس احد آلهة مصر القديمة)) ذلك انما يستدل على الباغي ما يشاع من سيرته بين رعيته ، تلك الرعية التي جرت عليها نوائبٌ ودواهي حتى امتلكت عينا بصيرة، واصبحتم لها كمثل كعكةٍ على ((الجاي)) في كوبٍ جليٍّ ، ولقد عجبت كل العجب حينما رايتك من على شاشات القنوات الفضائية، والوسائل الاعلامية ،وانت كبير الامناء تحتمي خلف الكلاب البوليسية، كالحية الرقطاء التي احكمت ذيلها على قطة عمياء ، فما كلابك بالتي تقربك الى الشعب زلفى ، وانها لبدعة ((سَلوقّية )) سيكون اثر بعرها مبغوضا ورائحة بولها وبالاً عليكم ، ودع عنك رداء ((البوخة)) وزيف العظمة، فكم من ذي أبَّهةٍ جعلته اقدام شعبكم مَداساٍ تحت نعالاتهم وكم من ذي تَكَبّرٍ وتَجَبّر صار كومة من المُطّال واعلم ان عاقبة السلطنة رماد مطّالة باذن الله وحوبة الرعية .
ولدنا الغالي ، أيها المعتوه ، لقد ركنتم الى الغرب وامَروكم فاطعْتُمُوهمْ، فاحتقروكمْ وأمِنتم بالشرق الغادِر فاسَتوجَبتم الخيبة والحقارة وكان ذلك طعما بالجاه والثروة وفضحا للعورة ، وداء ابْتُلِيَت به شعوبكم، ولذا فان اعراضك عن الاصغاء لرعيَّتكَ وميلك لأسْيادك من ذوي السوابق السيئة بمثابة خضوع وخنوع وخيانة للعهد، وزعمتم انكم تملكون حق الشرعية، فتضعون السمَّ في الدَسَم ، وما ان تختلفون في توزيع المغانم ، او تشعرون بِبُغض الرعية لكم وحَنِقَها عليكم حتى ينتشرالبلاء، وتُمزَّق الاشلاء ، بلى والله فلقد انكشفت سرائركم وبانت لنا طِماحَكم وفضحتها دماء الابرياء التي اهرقها جندك وحزبك، الا سحقا لغايتكم وبئسا لوسيلتكم .
فانظر مافعل الغرب في بيوتكم فلقد استحالت الى بيوت ذخيرة من البارود، وملاذا آمنا لشبكات المخبرين، واصبحتم لهم سوقا رائجة يبيعونكم آلات الدمار والقتل ، واما ((قمبيز)) الذي كنت تعشقه وتهواه فقد دخل بلادكم بمباركة منكم وحَطَّم امبراطوريتكم فاسقطتم هيبة بلاد الرافدين ومددتم يد العون لجيوشهم لتُسرَقَ كنوزها وهكذا غابت الشمس عن دولتكم وضاعت فسحة الامل .
المجد ياولدي هو احرازك الحب في قلوب الفقراء وانتصارك للمظلـــــــوم ، واعلم ايها الاحمق ان اثمن الطيور تموت جوعا بمحض ارادتها، مقابل شراء حريتها ، وان الحرة تموت ولا تاكل بعرضها وثدييها.
مقالات اخرى للكاتب