يزداد عدد الاميين في مجتمعنا ازدياداً مضطرداً دون ان ينتبه الى ذلك أحد، الاطفال يتسربون من المدارس، تجبرهم على ذلك ظروف وصروف الحياة.
ايتام ليس لهم من معيل فيضطرون الى العمل قرب السيطرات لكي يبيعون لاصحاب المركبات علب المناديل الورقية وقناني الماء.
الاف منهم يتجمهرون في اماكن معلومة لكي يصبحوا معيلين لأمهاتهم الارامل حيث يشق عليهم الحصول على سكن لائق ولقمة سائغةَ
ومن غير الاطفال هناك الاف مؤلفة اخرى من الخريجين الجامعيين الذين لم يجدوا فرصة عمل منذ سنوات فنسوا كل ما تعلموه في جامعاتهم ومعاهدهم ومدارسهم وصاروا يفترشون الارصفة اما عاطين عن العمل او بائعين لحاجات استهلاكية سريعة، مما تعارفنا على تسميتهم ببائعي البسطيات.
انها امية اذن، وهي امية تستفحل في عروق المجتمع لكي تؤدي دوراً سلبياً على النقيض من الامل بالتقدم والتمدن والعيش الرغيد. ففي وقت ما وفي عهد ليس بالبعيد اعلن العراق نظافته من الامية، اثر حملات كبرى للقضاء على هذه الافة والوباء الاجتماعي ولقد كان يسرنا كثيراً رؤية الشيوخ والنساء وهم يذهبون الى مراكز محو الامية يحملون دفاترهم وكتبهم لكي يتعلموا القراءة والكتابة وجدول الضرب، بل ولقد كانت الدولة تحاسب الاباء حساباً عسيراً اذا لم يرسلوا ابناءهم الى المدارس حين يبلغون السن المخصصة للتعليم في المراحل الابتدائية.
ولقد كان شعار التعليم الالزامي ومحو الامية من اكبر الشعارات الحضارية التي تدعو الى مجتمع متعلم وابناء يساهمون في بناء الوطن كل حسب اختصاصه وتوجهاته، ولم تعط الى الادارات المسؤولة عن ذلك عذراً لاحد كي يختلف عن الركب، ولقد ساهمت وسائل الاعالم في ذلك مساهمة فاعلة، على الرغم من محدوديتها انذاك، في نشر الوعي الضروري للتعليم.
الان، نحن نستبدل شعار محو الامية بشعار من نوع اخر هو شعار نحو الامية! فهؤلاء الصبية تركوا مقاعد الدراسة سوف يكبرون وهم لا يجيدون كتابة اسمائهم او قراءة ارقام باصات مصلحة نقل الركاب وسيشيع بين ظهرانينا جيل من الاميين يشكل افة وعالة اجتماعية يصعب حينذاك الفكاك منها والتخلص من سطوتها.
مقالات اخرى للكاتب