يذكر لنا التاريخ حادثة غريبة حصلت في معركة صفين حينما خرج للمبارزة الامام علي ابن ابي طالب (ع ) و عمرو ابن العاص الرجل الثاني في معسكر معاوية ابن ابي سفيان و كانت نتيجة المبارزة كفيلة بحسم المعركة لصالح احد الطرفين و لكن بمجرد اقدام الامام علي ابن ابي طالب على عمرو ابن العاص ارتعب الثاني و حاول الهروب و الفرار لانه اجبن من ان يواجه شجاعة رجل ذلت له جباه الابطال الاشاوس فأيقن الهزيمة في نفسه و لجأ الى حيلة دنيئة و مخزية تبقى وصمة عار في جبين هذا الرجل حينما خلع ملابسه و كشف عورته و انكفأ على وجهه فأبى الامام ان يقتل جباناً لا يملك من الكرامة ما يغطي به عورته ,
يعرف اللغويون الجبان هو مقابل الشجاع و هو من لا يملك الاقدام على فعل شيء من كثرة الخوف الذي يعيشه , لهذا يلجأ الجبناء الى تعويض عدم المقدرة على المواجهة الى أساليب الغدر و الخيانة و الضرب في الظهر و تسجيلها على انها أنتصارات في سجلاتهم ,
و لأن شبيه الشيء منجذب اليه نرى منهج الاقدام و الشجاعة العلوي في اتباع هذا المنهج و بالمقابل نلاحظ منهج التخاذل و الجبن و الغدر في منهج ابن العاص الذي كشف عن عورته في اول مواجهة في معركة القصير رغم انه كان يملأ فضائياته المسمومة بترهات القتل و قطع الرؤوس و السباب و الشتائم و الوعد و الوعيد , لقد أيقن ابناء عمرو ابن العاص و حفدت هند بنت عتبة إنهم غير قادرين على مواجهة هولاء الرجال فكان اسلوبهم في المواجهة و تحقيق الانتصارات عليهم بتفخيخ الجثث العفنة و تفجيرها على اناس يصلون في المساجد او يشترون و يبيعون في الاسواق او طلاب غادروا مدارسهم او أحياناً أخرى باستعمال الكواتم و السيارات المفخخة و العبوات اللاصقة فكل مقدرتهم و أقصى شجاعتهم يستعملونها على الناس المسالمين و الابرياء و لكنك لا تجد لهم أي وجود في ساحات المعركة او في مواجهة الرجال فالجبن تحول عند هولاء الى ملكة و ثقافة و منهج يتوارثونه و يتبعونه و يتناسلون في رحمه و لهذا فهم تقبلوا ان تغتصب أرضهم و تستباح نسائهم و يقتل رجالهم في فلسطين و لم تتحرك فيهم شعرة الرجولة لمواجهة عدو اصغر منهم عددا و عدة يستطيعوا ان يبتلعوه في يوم و ليلة و لكنهم عاشوا الانهزامية في كيانهم و عقولهم و وجدانهم و أستسلموا لجبنهم و خوفهم و تركوا ابناء جلدتهم يذوقون الامرين و لا من حركة او غيرة بينما تراهم هبوا من كل حدب و صوب على سوريا يستبيحون القرى و المدن الامنة و يضربون و يختبئون كالافاعي و ينحرون الرجال و الاطفال و يتفاخرون بنحر الابرياء بسكاكين العهر الطائفي تحت مظلة التكبير التي باتت وصفة تخدير للعقول الملغاة اصلاً , التابعة لمذهب التكفير السلفي الذي ينتج لنا كل يوم طفيليات جبانة مليئة بالحقد الاسود ليس في قلوبها رحمة و لا انسانية و لا تملك مبدأ أو قيمة عليا يبحثون عن أعداء و لكن شريطة ان يكونوا اضعف منهم, و يبحثون عن أصدقاء على ان يكونوا اقوياء و ان خالفوا ما يؤمنون به و يبحثون عن انتصارات كبيرة و لكن خارج ساحات المعارك ,
إن علي ابن ابي طالب و ان خسر معركة صفين حسب قياسات الحروب لانه لم يجهز على أعدائه الا انه ربح التاريخ و فاز بالمجد و أعتلى صهوة الفخر أما ابن العاص فلم يناله الا الخزي و العار و إن ابقى على حياته بضع سنوات فكلاهما خالد و لكن شتان بين خلود في القمة و خلود في الحضيض .