منذ أول يوم من بزوغ نور الإسلام على سطح كوكب الأرض جُبل على الخلق الرفيع كإحترام جميع الأقوام برجالها ونسائها وإتخاذ المجادلة الحسنة وسيلة في كل تفاصيل حياته صغيرها وكبيرها ومع كل مايدخره من إمكانات مادية واقتصادية ومعنوية وسياسية وعسكرية فالإسلوب الخطابي الذي كان يتصرف به مع الأهل والغرباء لم يكن اكاديميا في نواياه آنذاك ولا مستخفاً بعرش ملكي وسواه وإنما كان متزناً خاضعاً الى ضوابط قانونية سماوية وذا نظرة إنسانية عميقة ولما لهذا الإسلوب من مكانة ومحاسن في نفوس وقلوب الآخرين دعا الله خير خلقه محمد(ص) الى التمسك به تعميقا لإنسانية الدعوة العالمية بقوله جلّ في علاه:
((ولو كنت فظا غليظ القلب لاٌنفضوا من حولك فاٌعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)) آل عمران/159 .
وقد أدى فن الخطابة الى نتائج فاقت كل مايرجوه المسلمون من آمال وكان من بينها الحدث البالغ الأهمية وهو استجابة ملك الأقباط والنجاشي ملك الحبشة لدبلوماســـــــية الإسلام اللاّفقرية التي هي أشد الدبلوماسيـــــات وضوحاً وأنورها ولنكن مع الحــــق فإستحقاق كل من لايأتي بالأفانين في حديثه وخطبته وحتى في مشيه ولباسه فالهلاك نصيبه لامحال وقارون خير درس ومثال على ذلك حيث في الحديث:
((انّ قارون عندما خرج على قومه يتبختر في حُلّة فأمر الله الأرض فأخذته فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة))
ومن غير الممكن لأي إنسان أنْ يهيء من الآيديولوجيات الوضعية حالة مؤثرة بالإيجاب في واقعه أو في المناطق الأخرى من خارج ذلك الواقع إن لم يلذ بطريقة الإيصال والتأثير بإنتقاء الأساليب اللّينة كركيزة لبنيانه الآيديولوجي وكل شيء في هذا الخصوص دون هذه المعايير ختامه الإضمحلال أو الفشل.
في القرن الحادي والعشرين تفاجأ الإنسان بإنبثاق سيل من الآيديولوجيات في أماكن واسعة من العالم مما أدى ذلك الى نشوب صراع الآيديولوجيات.
ولضمان احتواء هذا الصراع وامتصاصه فالآلية المتبعة في ذلك يجب أن تنحصر في تغليب الحكمة على أجواء الحوارات والمفاوضات وانفتاح الطرف السياسي الذي يمسك بمفاتيح الحل على الطرف الآخر المظلوم (الخصم) والإستماع اليه والإعتراف بمطالبه وإعطائه حقوقه كاملة وليس بإستخدام السلاح والعنف لأن الإيغال بممارسة سلوك رتيب من هذا النوع والعمل على تطبيعه على أرض الواقع يجر البلاد الى حرب أهلية طاحنة يُحرق فيها الأخضر بسعير اليابس.
مقالات اخرى للكاتب