بغداد - من تأجيل الى آخر لا يزال قانون البنى التحتية يراوح مكانه على طاولة المناقشات داخل قبة البرلمان، اذ قرر المجلس النيابي وبعد اجتماعات مغلقة تشكيل لجنة لدراسة مشروع القانون بشكل مفصل، تتكون من اعضاء اللجان البرلمانية المعنية بالشؤون المالية والاقتصاد والخدمات، ومن ثم تقوم هذه اللجنة بتقديم تقرير نهائي الى رؤساء الكتل النيابية لحسم الموضوع، وسط مخاوف العديد من الكتل السياسية العراقية بأن يثقل هذا القانون كاهل العراق بديون جديدة لكونه يقضي بالدفع المؤجل لقاء القيام بمشاريع البنى التحتية.
وجاء تأجيل حسم هذا القانون المهم بحسب النواب نظرا لحاجة مشروع القانون الى تعديلات كثيرة تتعلق بحجم المبلغ المخصص لهذا القانون، فضلا عن اسعار الفائدة بالاضافة الى نقاط اخرى.
وعلى الرغم من ان المالكي اعلن مسبقا ان هذا القانون سيسهم في اعمار البلاد وتقديم الخدمات الا ان بعض النواب اعلنوا صراحة اعتراضهم عليه كونه سيسهم في زيادة الديون على العراق وسط دعوات تؤكد على ضرورة اعتماد الخطط الخمسية بدلا من الاعتماد على هذا القانون في اعمار البلاد.
وكان المالكي وقف الأسبوع الماضي أمام مجلس النواب في جلسة شهدت حضورا كثيفا للنواب، ليناقش بأستعراض واضح قانون البنى التحتية بناء على طلبه. وقال نوري المالكي في السادس عشر من تموز الماضي، عن تقديمه طلبا لاستضافته في مجلس النواب بجلسة استثنائية، لمناقشة الخروق بحق النظام السياسي. وكان المالكي طالب في الرابع من تموز الماضي، في وثيقة رسمية، رئيس مجلس النواب بالإسراع في حسم مسألة التصويت على تعيين وكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات المستقلة والمستشارين ومرشحي الوزارات الأمنية وقادة الفرق، كما طالب المالكي بالإسراع في تشريع قوانين الأحزاب السياسية وحظر حزب البعث والموافقة على تخصيصات البنية التحتية ورفع الحصانة عن النواب المطلوبين للقضاء، فيما رد النجيفي متهما مجلس الوزراء بعدم تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التي تمكن البرلمان من أداء واجباته، فيما أكد أن 15 مشروع قانون جرى سحبها والتريث بتشريعها.
وكانت لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية كشفت في بداية الشهر الجاري، عن أن سبب عدم تصويت الكتل السياسية على قانون اعمار البنى التحتية والقطاعات الخدمية، هو خوفها من أن يستغل الأمر لصالح نوري المالكي انتخابيا، مؤكدة على ان القانون ضروري للقضاء على أزمة السكن وتنفيذ المشاريع المتأخرة.
وقال النائب عن دولة القانون حسين الاسدي، ان "الحكومة لاتستطيع ان تنجز اعمالها وتقدم خدماتها و70 بالمائة من الميزانية العامة تشغيلية وتصرف باتجاه الرواتب والمستلزمات الاخرى". وأضاف "الحكومة تسعى الى ان تنفذ مشاريع بطريقة الدفع بالآجل، حيث تقوم الشركات المنفذة بتسليم المشروع وبعد خمس سنوات تبدأ عملية الدفع".
وقالت القائمة العراقية المعروفة بعلمانيتها وأبتعادها عن الدين في توجهها السياسي، ان قانون البنى التحتية يحتوي على مخالفات شرعية ودينية، لوجود شبهة "ربا" فيه، وهو ما رفضته العراقية ودعت النواب الإسلاميين لرفض القانون وعدم التصويت عليه في البرلمان.
وقال النائب عن القائمة العراقية خالد العلواني، إن "أبرز الملاحظات على قانون البنى التحتية تكمن في كونه يخلو من التفاصيل التي تضمن سلامة المال العام من الهدر والفساد، مبيناً أن "التلكؤ الذي حصل في المشاريع السابقة هو من أهم دوافع الحرص".
وأضاف العلواني أن "التخوف الكبير يتمثل بعدم وجود آليات واضحة لتنفيذ المشروع، خصوصا وان المبلغ الذي أعلن عنها غير الذي ورد في القراءة الأولى، إذ تبين أن المبلغ هو 42 مليار دولار بينما الذي ذكر في القراءة الأولى 37 مليار دولار".
وأكد العلواني أن "البرلمان العراقي يعد المسؤول الأول على أموال العراق، وبالتالي عليه معرفة كل صغيرة وكبيرة عن أبواب صرف المبلغ المرصود للمشروع والشركات التي ستعمل عليه"، محذراً "من عدم القيام بتمرير قانون العفو العام مقابل التصويت على قانون البنى التحتية والدفع بالآجل".
وأنتقد النائب عن العراقية "مبدأ الدفع بالآجل كون العراق غادر الزمن السابق مثقلاً بديون صنعها النظام في ذلك الوقت، كما أنه يدخلنا في مسائل ربوية ينهى عنها شرعنا الإسلامي".
ورأى العلواني أنه من "الأفضل عدم الدخول في مجازفة من هذا النوع عن طريق الاقتراض من المؤسسات الدولية والبنوك العالمية لتمويل مشاريع أعمار وبنى تحتية لأن لدى العراق أموالاً كافية للدفع المباشر".
وقرر مجلس النواب في، منتصف الشهر الجاري ، تأجيل اقرار مشروع قانون البنى التحتية الى اشعار اخر بطلب من رؤساء اللجان المعنية لتقديم دراسة مستفيضة عليه، وكذلك ما يمكن ان يحققه من جدوى اقتصادية.
وكان مجلس النواب استضاف نوري المالكي، الاسبوع الماضي، بطلب من الاخير لمناقشة قانون البنى التحتية، حيث استعرض المالكي امام مجلس النواب ما يمكن ان يحققه القانون وخاصة فقرة الدفع بالآجل في تحسين الواقع الخدمي في البلاد.
ورفض مجلس النواب العراقي السابق مشروع قانون البنى التحتية الذي تقدمت به الحكومة آنذاك، ويقضي القانون بمنح شركات استثمارية كبيرة مشاريع البنى التحتية بقيمة 70 مليار دولار بطريقة الدفع الآجل عندما كان العديد من دول العالم الصناعية منها تمر بأزمة مالية كبيرة.
الا ان مشروع قانون البنى التحتية الجديد يقضي بتنفيذ الشركات الأجنبية وبخاصة الكورية منها مشاريع للبنى التحتية، كالمدارس، والمستشفيات، ومشاريع المياه، بطريقة الدفع بالآجل بواقع 35 مليار دولار أمريكي.
ويعاني العراق من بنية تحتية متهالكة في مجمل القطاعات نتيجة سنوات طويلة من الحصار والحروب خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي. ورغم مرور تسع سنوات على الإطاحة بالنظام العراقي السابق، لم تستطع الحكومات العراقية توفير الخدمات الأساسية العامة للمواطنين، والتي غالبا ما يحتجون على نقصها.
ويعد مشروع قانون البنى التحتية "باباً من ابواب" الفساد المالي، حيث يعاني البلد من بنية تحتية متهالكة في مجمل القطاعات نتيجة سنوات طويلة من الحصار والحروب خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي. ورغم مرور تسع سنوات على الإطاحة بالنظام السابق، لم تستطع الحكومات المتعاقبة توفير الخدمات الأساسية العامة للمواطنين، والتي غالبا ما يحتجون على نقصها.