القمة المرتقبة بين الرئيسين اوباما وبوتين ،على هامش اجتماعات منظمة الامم المتحدة التي ستعقد الاثنين المقبل في نيويورك،ستضع العالم والمنطقة كلها امام مرحلة تاريخية مهمة، ربما سيرسم شكلا جديدا للمنطقة، على غرار تقسيم سايكس- بيكو جديد هو سايكس اوباما -بوتين ،في اطار المحددات التي سيتمخض عنها اتفاقهما ،او افتراقهما في القضايا المصيرية التي تخص مستقبل الشرق الاوسط،وفي مقدمتها الملفان السوري والعراقي،هنا قراءة تحليلية سياسية ،لرؤية ما بعد اللقاء التاريخي ،وماهي تأثيرات وخطورة هذا اللقاء على مستقبل المنطقة سواء اتفقوا ام لم يتفق،فالتسريبات الاعلامية التي خرجت من البيت الابيض ،تؤكد الهوة الكبيرة بين امريكا وروسيا بخصوص الملف السوري،وهو جوهر اللقاء المرتقب الذي تريده روسيا وتعتبر ان بقاء الاسد هو الكفيل بوقف الحرب في سوريا فيما تريد ادارة اوباما مناقشة قضية اوكرانيا قبل الملف السوري ،وهناك الكثير من النقاط ألحساسة التي تراها ادارة اوباما لا يمكن القفز فوقها لإبقاء بشار الاسد على رأس السلطة في سوريا ،فإدارة اوباما تريد موقفا واضحا من روسيا عن اسباب تدخلها في سوريا ،وعن صحة انشاء قواعد عسكرية برية وبحرية في سورية،وان هناك تضاربا في المصالح الاستيراتيجية بين الطرفين ،وترى ان الاعتماد على نظام بشار الاسد هو (رهان خاسر ) ،وانه جزء من ألمشكلة ،على عكس ما يراه بوتين ان دور بشار الاسد هو الذي الحل الوحيد الذي سيقضي على الحرب ،ولابد من اشراكه بأية تسوية سياسية ، هذا هو الجو العام للاجتماع المقبل ،وعليه ،لابد من قراءة تفيدنا في الوصول الى ما تفكر به الادارتين على الارض ، ابتداء الهوة كبيرة جدا بين الطرفين في قضايا مصيرية وإستراتيجية ،تحددها وتفرضها المصالح في المنطقة ،فأمريكا لها مشروعها ومصالحها هنا في الشرق الأوسط ،ولها نفوذها الطاغي منذ مئات السنين ،وخاصة على الخليج العربي ودوله ، فيما اهتزت المصالح الروسية وتقلصت بشكل كبير جدا بعد حرب الخليج الثانية وغزو العراق وتدميره من قبل ادارة المجرم بوش ألابن بعد ان تخلت (برشوة تاريخية وصفقة مخزية ) باعت فيها العراق للمجرم بوش وغزا فيها العراق ،وخسرت اكبر حليف استراتيجي لها ،وخذلته في احرج مرحلة تاريخية في حياته ،كما خذلت جمال عبد الناصر من قبله ،اليوم تتقاطع مصالحها مع امريكا ، وتهدف من وراء التدخل العسكري في سوريا تحقيق هدفين في آن واحد، العودة الى المنطقة وإعادة العلاقات مع دولها ، والقضاء على الارهاب الذي تمثله التنظيمات الاسلامية المتطرفة في سوريا مثل تنظيم داعش والنصرة والجبهة الاسلامية وأحرار الشام وغيرها ، والإبقاء على نظام الاسد الذي يعاني هو الاخر السقوط من قبل التنظيمات الاسلامية والجيش ألحر فتصبح العملية (مقايضة سياسية وعسكرية واقتصادية ) بين سورية وروسيا،وهكذا تم استقدام الجيوش الروسية التي تقدر ب(100 الف جندي روسي) والأسلحة والصواريخ وأكثر من 90 دبابة روسية ،وإنشاء اكبر قاعدتين في سوريا برية في اللاذقية وبحرية في طرطوس، للبدء بعملياتها في بداية اكتوبر المقبل ،هذا الامر (اقلق) الادارة الامريكية فأرسلت وزير خارجيتها الى فلاديمير بوتين ليعبر له عن قلق الادارة لهذه الاخبار المزعجة للإدارة الامريكية ، وهكذا تم الاتفاق على عقد جولات مكثفة على مستوى وزراء الدفاع بين الطرفين(لتنسيق) المواقف والعمل بها في المرحلة القادمة ،لمواجهة تنظيم داعش والقضاء عليه ، وهكذا دخلت الصين وإيران الى التحالف الروسي السوري،وهنا نسأل هل كل هذا التحالف الروسي الامريكي الصيني الايراني الغربي ضد تنظيم( وهمي)،غير مرئي على الارض في العرف العسكري هو داعش..؟؟، أيعقل هذا ،ام هناك استراتيجية وخطط وسيناريوهات دولية تعمل لتحقيق اجندتها ومصالحها ومشاريعها في المنطقة ، وما تنظيم داعش في العراق وسوريا إلا (شماعة ) ،على خطورتها على المنطقة والعالم لأنها تنفذ مشروعا عالميا دينيا اعلنته من قبل ،لتنفيذ اهداف اكبر للأطراف هذه،لذلك يشكل اللقاء التاريخي بين اوباما-بوتين فرصة اخيرة ،قبل ان تدخل المنطقة وربما العالم في اتون حرب عالمية ثالثة حذرنا منها من قبل ،وعليه فأن القضايا المختلف عليها تمثل منطلقا للخروج من الازمة ونزع فتيل ألحرب وان تخادم المصالح والاتفاق على تقاسم النفوذ والهيمنة ونفوط المنطقة هو الذي سيترشح اذا لم يصر احد الطرفين على الذهاب الى النهاية في مطاليبه التعجيزية ، ومنها قضية اوكرانيا التي تصر امريكا ان تكون حاضرة في هذا الاجتماع ، وعندما يرى المراقبون ،ان تقاطع المصالح هو العلامة الفارقة للاجتماع فهذا يعني ، ان الاجتماع في درجة كبيرة من حصة الفشل ، فقبول ادارة اوباما ببقاء الاسد اصبح واقعا بعد تصريحات بريطانية وفرنسية وتركية تؤكد ان بقاء الاسد قضية ثانوية الان لان الخطر الاكبر ليس نظام الاسد الذي سيشهد انتخابات وحكومة مؤقتة برعاية اممية ويتم حل القضية ،ولكن داعش ومشتقاته هو الخطر الاكبر ،على العالم والمنطقة ،وحتى اسرائيل اصبحت جزءا من تحالف لا يريد ازاحة الاسد ونظامه عن السلطة ، وزيارة الرئيس الاسرائيلي لموسكو واتفاقه مع بوتين على ان تكون اسرائيل طرفا في التحالف الدولي مع روسيا للقضاء على ارهاب داعش وضمان امن سوريا من الجولان ،وهذا يعني ان ليس من مصلحة اسرائيل زوال الاسد ونظامه، اذن نحن ازاء سيناريو متعدد الرؤوس ،امريكيا وروسيا ،امريكيا ،ان امريكا تريد ان تحسم نفوذها في العراق بالقضاء على الميليشيات وداعش وتحجيم دور ايران ونفوذها في ألعراق وتعمل لوحدها على تحرير مدنه المسيطر عليها داعش ومنع الحشد الشعبي من التدخل في الحرب،الامر الذي اثار حفيظة قادة الحشد مثل هادي العامري وزعيم منظمة بدر وقيس الخزعلي وحزب الله العراقي ،وتهديداتهم ضد المصالح الامريكية ، مع محاولة ركب موجة المظاهرات لتنفيذ اهدافها ومحاربة امريكا من خلال اندساس عناصر الميليشيات في التظاهرات التي تلقى اهتماما ودعما امريكا واضحا لإجراء اصلاحات جوهرية وجذرية لا تريدها حكومة العبادي والميليشيات،في حين موقفها من التدخل الروسي في سوريا يضر بمصالحها العليا هناك،ويحجم من تحقيق برنامجها العسكري وهيمنته، اما روسيا فهي تعتبر التواجد العسكري في سوريا فرصتها التاريخية التي لا تتكرر ابدا ،وتعمل بقوة على ترسيخ هذا التواجد مهما كانت التضحيات حتى لو ذهبت الى الحرب العالمية مع امريكا وحلفائها،وهو ايضا فرصة لتحجيم الدور الايراني المتعاظم في سوريا ،بعد فشل ايران وحزب الله في فرض الامن الحفاظ على مستقبل نظام الاسد الذي اوصله التدخل الى حافة الانهيار والسقوط،فجاء الانقاذ الروسي ليحقق هدفين لها الانفلات من الهيمنة الايرانية ومن السقوط ، اذن الاجتماع بين اوباما –بوتين هو الحد الفاصل بين زمنين قائمين على الارض،نجاحهما سينقذ المنطقة من دمار شامل ،وفشلهما سيدخل المنطقة والعالم في اتون حرب واسعة لا يعرف مداها احد
مقالات اخرى للكاتب