قرار متسرع أراد مشرعه أن يحقق من خلاله احترام القانون ويبسط الانضباط المروري ولكنه أوقع المواطن في وحل الرشوة .. كلنا مع الانضباط المروري وكلنا نؤيد منع السياقة بلا اجازة وكلنا مع دخول وارد محلي جيد للدولة وكلنا مع احترام القانون ولكن!! ليس بهذه الصيغة العشوائية غير المنضبطة التي أوحت للشارع وبدأ يتكلم بها المثقف والجاهل بأنها فتحت الباب للرشوة ليغتني بها الموظف المختل في سلوكه - لا ملائكة على الأرض- وسينتفع منها الوسطاء والمعقبون وستمنح الاجازة لمن يدفع حتى وإن لم يكن كفؤا لها ... ألم يكن الأولى أن تحصر أعداد الذين سيقدّمون لنيلها ولو تقريبيا ؟ ألم تعلموا أن الوسطاء والصيادين ونهازي الفرص ينتظرون هذا على أبواب دوائركم ؟ ألم تعلموا حدود إمكانياتكم في استيعاب هذا العدد المتزايد الانفجاري من طالبي الحصول على اجازة السياقة ؟ إنه خطأ والله كبير جعل من إجازة السياقة تدخل بورصة الرشوة وتتصدر حديث الشارع بأرقام خيالية وممارسات معيبة يُذَلّ بها المواطن ويَضغط عليه المرتشي حتى يدفع ... والمعيب فيها أن المساومة والمزايدات أصبحت علنية وصريحة بلا خوف ولا خجل بسبب الزخم الجماهيري الكبير وفرصة الحصول على الاجازة خوفا من حجز مركباتهم واضطرار البعض من المنهزمين أمام الفساد الى سلوك طريق الدفع اللا مشروع ...
مقترح بسيط لو طبّق لسيطرتم على جزء كبير من النظام وحفظنا انضباط الموظف أمام إغراءات الرشوة ووقّينا المُراجع شرّها وهو :
توزيع طالبي الحصول على اجازة السوق حسب أشهر ولاداتهم مثلا مواليد شهر كانون الاول يراجعون خلاله فقط ويسقط حقهم بعده ومن فاته التقديم عليه الانتظار سنة كاملة حتى يأتي دوره في السنة القادمة وبذلك نكون قد خفضنا عدد المراجعين على شبّاكنا الى جزء من 12 ويعني هذا أن العدد اذا كان 120 ألفا سيكون 10 آلاف فقط لأن السنة 12 شهرا وكل حسب شهر تولده .... هل هذا صعب ؟ أظن أن شبيه هذا مطبق في اصدار الجوازات ونجح كثيرا علما أنه خلال شهر واحد تٌدوّر كل هذه الأعداد فكيف خلال سنة ؟
المصلحة الوطنية والمهنية تتطلب تجميد هذا القرار فورا وطمئنة المواطنين لكي لا ينزلق الموظف ولا المراجع في طريق الخطأ فالعبرة هي منع الرشوة والمحافظة على النظام لا الإيقاع بهم لزجهم في السجن .
ملاحظة/أعلمكم أن كاتب هذه السطور لديه إجازة ولا يبغي غير الصالح العام .
مقالات اخرى للكاتب