حرية الرأي ؛ من أروع مكاسب العملية السياسية التعددية ، بعد مرحلة التغيير السياسي في البلدان التي كانت قد حكمتها أنظمة شمولية .
فلقد كان العراق قبل أحداث نيسان 2003 تحكمه سلطة دكتاتورية متزمتة برأيها حسب ، صادرت كافة الآراء الأخرى، بل ؛ سجنت وقتلت وشرّدت آراءَ الملايين عن الوطن .
فلو؛ أهملنا الحديث عن سلبيات مرحلة التغيير السياسي المباشرة في عراق ما بعد صدام حسين ، وما أفرزته الإدارة المدنية الأمريكية للحاكم السياسي والمدني المستر بريمر (سيّئ الصيت) من إفرازات سيّئة على شكل الحكومة السياسية لعراق بريمر، وآثارها على الحكومة السياسية المنتخبة حالياً ـ لو أهملنا الحديث عن ذلك الموضوع ـ لرأينا ـ حقّاً ـ أنَّ حرية رأي للعراقيين موجودة فعلا على أرض الواقع .. في داخل العراق وخارجه !
من هنا ؛ يأتي مشروعنا الوطني اللاهجروي التكاملي هذا ، آملاً من كافة الفرقاء أن يفهموا حسن نيتي الوطنية ، إنّ لم يأخذوا بها ، كي تطلق في حيّز التنفيذ بإذنه تعالى ، وهو ولي القصد ..
فكرة المشروع الوطني اللاهجروي التكاملي : ــ
أولاً : معالجة مشكلة التهجير اليهودي خلال العهد الملكي
ثانياً : معالجة مشكلة التهجير الإيراني خلال العهدين البعثيين البكري ـ الصدّامي
ثالثاً : معالجة مشكلة النزوح الإجباري للأكراد العراقيين خلال العهدين البعثيين البكري ـ الصدّامي
رابعاً : معالجة مشكلة الإسكان المغري للعرب في كركوك خلال العهد البعثي الصدّامي
خامساً : معالجة مشكلة هجرة أو تهجير العقول العلمية في كافة العهود ، وكما يلي :
1: هجرة العقول العلمية لأسباب سياسية
2: هجرة العقول العلمية لأسباب اقتصادية
3: هجرة العقول العلمية لأسباب أمنية
سادساً : معالجة مشكلة تهجير أو هجرة أو نزوح العوائل والأسر والأفراد ، وكما يلي :
1: لأسباب سياسية
2: لأسباب أمنية
3: لأسباب عقائدية
4: لأسباب عرقية
ومن المعروف ؛ إنَّ التعداد العام للسكان هو مسح عام و شامل تقوم به الحكومات الوطنية بفترات زمنية منتظمة (كل خمس أو عشر سنوات) يشمل عد جميع سكان البلد في فترة معينة و بأساليب إحصائية حديثة بهدف جمع المعلومات الإحصائية عن المجتمع الذي تحكمه للتعرف على الصفات المختلفة للسكان توزيعهم جغرافيا، حسب العمر ، الحالة المدنية و الدينية و العلمية و المهنية و غيرها من الصفات التي تساعد على إعطاء صورة واضحة عن أحوال السكان الاجتماعية و الاقتصادية ، و هذه الصورة هي التي تساعد الحكومة على رسم السياسات الاقتصادية و التخطيطية السليمة من اجل النهوض بالواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الصحي و الخدمي للمجتمع.
وقي العراق يجري التعداد العام للسكان كل عشر سنوات. فقد قامت الحكومة العراقية بثمانية تعدادات عامة للسكان من ١۹۲۷لغاية ١۹۹۷. و فيما يلي نبذة تاريخية عن هذه التعدادات:
١. التعداد العام للسكان عام ١۹۲۷:
بدأت عملية العد في تشرين الأول ١۹۲۷و انتهت في أواخر سنة ١۹۲۷و قامت بتنفيذه ( دائرة النفوس العامة ) التابعة لوزارة الداخلية و عهد بها الى لجان اتخذت المساجد و المدارس و الأماكن الحكومية مقرا لها في المدن والقصبات فقط. لم تمض سوى بضعة شهور حتى تبين للحكومة فشل العملية فألغتها. و بالرغم من ذلك فقد قدر عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد مليونين و ۹٦۸ ألفا و ٠٥٤ نسمة فقط.
٢.التعداد العام للسكان عام ١۹٣٤ :
نفذ هذا التعداد من قبل دائرة النفوس العامة واتبع فيه نظام تعيين لجان استقرت في الأماكن على أن يستدعي مختار المحلة رؤساء العوائل لتثبيت البيانات المطلوبة ، وقد شمل هذا التعداد جميع أنحاء العراق و كان الهدف منه مركزا لخدمة أغراض التجنيد و الانتخابات. و قد اعتبر أساسا لمنح ( دفتر الجنسية) التي استبدلت عام ١۹٤٢ بما يسمى ( دفتر النفوس) لاستعمالها كمستند رسمي و قد بدأت عملية الميدان في أيلول سنة ١۹٣٤و انتهت في تشرين الأول نفس السنة. ثم استؤنف العمل فيها مرة أخرى في شهري آب و أيلول سنة ١۹٣٥ لتسجيل الذين تخلفوا في المرة الأولى و قد بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد ثلاثة ملايين و ۲١٣ ألف و ١۷٤ نسمة .
٣.التعداد العام للسكان عام ١۹٤۷:
نفذ هذا التعداد يوم ١۹/١٠/١۹٤۷ و يعتبر أول تسجيل جرى بواسطة العدادين الذين قاموا بزيارة المساكن لجمع المعلومات المطلوبة و شمل التعداد جميع مدن و قصبات العراق في يوم واحد .
وقد تخلف عن التسجيل في هذا التعداد عدد كبير من السكان ، بلغ عدد سكان العراق أربعة ملايين و ۸١٦ ألف و ١۸٥نسمة ، و يعتبر هذا التعداد أول تسجيل تم تبويب بياناته في جداول إحصائية طبعت في ثلاث مجلدات.
٤.التعداد العام للسكان عام ١۹٥۷ :
نفذ هذا التعداد في منتصف ليلة ١١ – ١۲ /١٠ / ١۹٥۷ و يعتبر أكثر التعدادات دقة و شمولا. حيث بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التسجيل ستة ملايين و ٥٣٦ ألف و ١٠۹ نسمة .
٥.التعداد العام للسكان عام ١۹٦٥ :
كان من المفروض أن يجري التعداد عام ١۹٦۷و لكن لضرورة الإعداد للانتخابات (كما ذكرت الحكومة العراقية آنذاك) فقد تم تقديم موعد التعداد سنتين فأجري في ١٤/ ١٠/ ١۹٦٥و يمتاز هذا التعداد عن سابقاته بكون الاستمارة قد احتوت على أسئلة تتعلق بالحرفة و القومية و الخدمة العسكرية. و بلغ عدد سكان العراق ثمانية ملايين و ۲٦١ ألف و ٥۲۷ نسمة.
٦.التعداد العام للسكان عام ١۹۷۷:
أجري هذا التعداد في ١۷/ ١٠/ ١۹۷۷و هو أول تعداد ينفذ من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط حيث أن جميع التعدادات السابقة نفذت من قبل ( دائرة النفوس العامة) التابعة لوزارة الداخلية. وهو تعداد شمل جميع محافظات العراق و امتاز بكثرة تنوع الأسئلة في الاستمارة الإحصائية و معلومات عن الحالة المعيشية و السكن و موارد الدخل وكون هذا التعداد قاعدة بيانات ممتازة لكافة قطاعات المجتمع العراقي. بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد اثنا عشر مليون و ٤۹۷ نسمة.
۷.التعداد العام للسكان عام ١۹۸۷:
أجري هذا التعداد في ١٦/ ١٠/ ١۹۸۷و شمل جميع محافظات العراق ماعدا (المناطق الحدودية مع إيران) حيث تعذر جمع المعلومات فيها بسبب الحرب العراقية الإيرانية. بلغ عدد سكان العراق ستة عشر مليون و ٣٣٥ ألف و ١۹۹ نسمة.
٨.التعداد العام للسكان عام ١۹۹۷:
أجري هذا التعداد من قبل الجهاز المركزي للإحصاء في ١٦/ ١٠/ ١۹۹۷حيث تم جمع المعلومات الإحصائية لخمسة عشر محافظة فقط (عدا محافظات إقليم كردستان) حيث بلغ عدد سكان العراق (*).
والحالة هذه ، فالمشروع يتطلب ما يلي : ـ
تشكيل هيئة حكومية متخصصة ، تسمّى : (( الهيئة الوطنية للمشروع اللاهجروي التكاملي ))
ترتبط برئاسة الوزراء ، تأخذ على عاتقتها ما يلي :
أولاً : مقارنة الإحصاء السكاني لعام 1947 مع الإحصاء السكاني لعام 1957، وتدقيق نفوس اليهود المهاجرين أو المهجّرين ، وإجراء المقارنة مع سجلات الهجرة والتهجير من العراق إلى فلسطين المحتلة ودول العالم الأخرى عن طريق سفاراتنا العاملة لديها ، أو عن طريق المنظمات الدولية المختصة، لأجل الوقوف على حقّ المواطن في الحصول على استحقاقاته التي تقررها هذه الهيئة المقترحة .
ثانياً : مقارنة سجلات الإحصاء السكاني لمدينة كركوك للأعوام 1957 ، 1967، 1977، 1987ومقارنتها مع سجلات الإحصاءات اللاحقة ، وفرز نفوس العرب الكركوكيين عن العرب الوافدين ، وكذلك الأكراد الكركوكيين عن الأكراد الوافدين ، لأجل الوقوف على حقّ المواطن في الحصول على استحقاقاته التي تقررها هذه الهيئة المقترحة .
ثالثاً : تدقيق هويات الأحوال المدنية الصادرة بعد عهد الحكومة الصدامية السابقة ، والتحري بمساعدة الأحزاب والمنظمات السياسية في تبرير سبب انتقال العوائل والأفراد من وإلى المحافظات ذات غير الأصل السكاني . سيما وأن َّ عملية نقل النفوس في العهد الصدّامي كانت معقدة جداً ، وشبه محظورة على المواطنين، ومحافظة بغداد خاصة ، لأجل الوقوف على حقّ المواطن في الحصول على استحقاقاته التي تقررها هذه الهيئة المقترحة .
رابعاً : تدقيق شهادات العقول العلمية المهاجرة أو المهجّرة ، ومصادرها الجامعية ،لأجل التعرف على تواريخ وأسباب مغادرة البلد ، والظروف التي أدت لذلك .. سياسية .. اقتصادية .. أمنية .. وأية ظروف موضوعية أخرى تلزم الهيئة مسؤولية منح الحقوق الكاملة لأولئك المواطنين ، كما تتولى اللجنة مسؤولية دعوة العقول المهاجرة ، وتأمين الظروف اللائقة للعودة إلى أرض الوطن .
فلسفة المشروع الوطني اللاهجروي التكاملي :
بما أن الأوطان بلا إنسان لا تساوي كيان ، عليه ؛ فكيان الأوطان بشعوبها ، وكيان الشعب بأفراده ، لذا؛ فمن الضروري على الحكومات أن تراعي مسؤوليتها الوطنية التاريخية ، في تأمين الظروف المناسبة للعيش الكريم ، إذ ؛ لولا أن هنالك ظروف قاهرة .. سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو عرقية أجبرت المواطن على مغادرة وطنه ، لما هاجر أو نزح إلى أية جهة أخرى ، ويستثنى من هذا الإطلاق ، أولئك الذين غادروا مناطقهم لأسباب غير مبررة .
إنَّ الأسباب المبررة ، والأسباب الغير مبررة ، لا تقدّرها النظرة السطحية المنفعلة إيجابياً أو سلبياً ، ولكن؛ تقررها الدراسة العلمية الدقيقة ، هكذا دراسة دقيقة ، لن تتحقق إلاّ من خلال تشكيل هيئة حكومية متخصصة ، اقترحها هذا المشروع تحت اسم (( الهيئة الوطنية للمشروع اللاهجروي التكاملي )) .
أهداف المشروع :
1. عودة اليهود المهجّرين أو المهاجرين ، كطيف ونسيج عراقي تاريخي ، وتأصيل الدور القومي للعراق ، بتقليص حجم الهجرة اليهودية إلى فلسطين المحتلة ، إضافة إلى الحقّ الإنساني لليهود العراقيين في العودة إلى أرض آبائهم وأجدادهم ومقدساتهم الدينية فيه .
2. معالجة مشكلة العراقيين ـ التبعية الإيرانية ـ وما يعانوه حتى اليوم ، من حرمانهم لحقوق المواطنة ، فهم يعيشون في إيران دون أن يعتبروا مواطنين ، ولم يمنحوا حق التجنس ، ولم يمنحوا حق التملك ،ولم يمنحوا حق التعليم ، رغم مرور أكثر من ثلاثين سنة على تهجيرهم إلى إيران من العراق .
3. معالجة مشكلة كركوك ، وتحديد سكان كركوك الأساسيين .. من عرب وأكراد .
4. تشجيع العراقيين المهاجرين أو المهجّرين أو النازحين ، والذين سرقت الحضارات الغربية طابعهم الديني والقومي ، وإذابتهم في بوتقاتها الحضارية المخالفة للوجه العراقي الحضاري الأصيل .. خصوصاً مواليد العراقيين في تلك الدول ، خلال فترة ما بعد النزوح أو الهجرة والتهجير .
5. تشجيع العقول العلمية المهاجرة أو المهجرة على العودة إلى أرض الوطن ، والمشاركة في العملية التنموية لبناء العراق ، في المراحل المقبلة .
6. تخفيف النزوح السكاني من المحافظات العراقية وما بينها إلى العاصمة بغداد ، وما تعانيه العاصمة والمحافظات من أزمات في السكن و التناشز الاجتماعي السكاني ، من خلال معالجة أسباب نزوحهم ، والتي أبرزها الظروف السياسية والاقتصادية الأمنية والسيكولوجية التي تسببت في حصول ذلك النزوح .
7. أهداف أخرى .
***
(*) عباس لفته حمود ـ إحصاءات السكان في العراق ١۹۲۷-١۹۹۷
مقالات اخرى للكاتب