على غفلة منا , غيب الموت المفاجيء الشاب , [ سنان علي الطائي ] وهو في زهرة شبابه . كان شابا وسيما متحمسا للعمل من اجل ان يعيل اسرته ويبعدهم عن العوز والفاقه. وكان يتمتع بدماثة الخلق وحب المساعدة لكل من يحتاج اليها وعلاقته طيبة مع الجميع .. وقد جاء الخبر كالصاعقة فوق رؤوس الجميع , كونه محبوب من الجميع والوحيد لاهله, وكون والده الفنان الكبير علي الطائي . كاد ان يضحي بحياته من اجل ان يحمل طفله الصغير ويهرب به من العراق .. فقد انتقل الاستاذ علي الطائي الى معسكر رفحاء حاله حال الالاف من العراقيين الذين دخلت عليهم قوات النظام السابق , فقاتلوا وبذلوا كل جهدهم .. ولما علموا بان العتاد لا يكفي لمواصلة القتال , اضطروا الى الهرب الى معسكر رفحاء في السعودية واستقروا هناك . لكن الاستاذ على الطائي . ابى ان يترك رضيعه سنان , وعاد لياخذه حيث المعسكر . وخرج من معسكر رفحاء ليلا ليمشي مسافات شاسعة تحف بها المخاطر من كل صوب , وقد اكتشفته شرطة الحدود ورمته بعدة اطلاقات نارية , لكن الله ستر ! واستطاع الهروب والاختباء في حفرة في الصحراء .وواصل طريقه الى مدينة [ الحلة ] حيث يسكن الرضيع الذي لا يتجاوز السنة من عمره . وفي طريق العودة تعرض لعدة مضايقات وكاد يكتشف امره لولا العناية الالهية التي وقفت معه وساعدته على النجاة . وفي رفحاء , ظل سنان يتنقل بين العوائل .. حيث لا ام هناك ترعاه وكل العوائل تعبره ابنها وتحرص على بقائه معها لفترة . وبعد سنوات ثقال مرت على الرضيع ووالده , انتقل الاستاذ على الطائي الى امريكا - مشكن . وهناك عاش سنان مع والده , بين الجالية العراقية التي لم تفرق بينه وبين ابناءها . ودرس هناك واستطاع الحصول على عمل لمساعدة والده . وبعد السقوط , استطاع ابو سنان ان يقدم معاملة لاستحصال موافقة جلب والدة سنان
وتم له المراد واجتمعت العائلة واحتفلوا بتلك المناسبة السعيدة , واستمروا في ولاية ديترويت
ثم انتقلوا الى ولاية اريزونا . وهناك, كان سنان رحمه الله ! يعمل بكل جد من اجل رد الدين لوالده الذي لم يبخل بحياته من اجل ان يبقى بين ذراعيه . لكن القدر المحتوم كان بالمرصاد للشاب الطيب الذي حصل على اجازة العمل , كسائق [ تريلة ] وفي
منطقة ثلجية جبلية لم يستطع السيطرة , فقد حدث ان[ تعطلت بريكات السيارة ]واخذت تسير كيفما اتفق . ولما كانت حمولتها كبيرة فقد تحركت الحمولة لتحصر الجسد الصغير بينها وبين الستيرن , وهي تنحدر الى الوادي العميق . وبذالك لم تجدي الاسعافات الاولية , نفعا مع الشاب الطيب . وفقدنا عزيزا طالما كنا نتغنى بشبابه واخلاقه وسيرته الحسنه . والماسات الكبيرة تكمن في انه وحيد العائلة . ونسال الباري عز وجل! ان يلهمنا جميعا الصبر والسلوان , وان يتغمد الفقيد في رحمته الواسعة .. وان يستطيع الاستاذ على الطائي تجاوز المحنه
حيث سيبقى وام سنان يستحضران ابنهما اللذي كانا يتنفسان من خلاله .. والذي كان ينير حياتهما بشموع , لطالما كانت عزاء لهما في تلك الحياة الصعبة .
مقالات اخرى للكاتب