بغداد – يشعر منفذو مشروع التقسيم البريطاني الأمريكي بالكثير من التذمر من الأصوات التي بدأت تعلوا مؤخرا المناوئة لهذا المشروع وخاصة من المراجع الدينية التي تقف أمام أستمرار سير هذا المشروع البريطاني والذي ينفذ حاليا بأيادي عراقية.
فرئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ووزير المالية رافع العيساوي ومعهما نوري المالكي، يشعرون حاليا بالكثير من التذمر على فتوى المرجع الديني الروحي للإنتفاضة الشعبية في الرمادي والفلوجة والموصل عبد الملك السعدي ضد التقسيم والأقاليم. داعين لإبعاده عن المشهد فورا حتى يتسنى لهما العمل بكل حرية على مشروع التقسيم مع نوري المالكي الذي يعمل على تغذية هذا المشروع بالأسباب الموجبه له.
ونقلت عدد من وسائل الإعلام العراقية عن العيساوي قوله أن "السعدي كبير في السن وان قدرته على الاحكام باتت متعثرة"، وان العيساوي نصح بتغييبه عن المشهد وانه قال: "علينا ان ندثره".
كما نقلت وسائل الإعلام العراقية ذاتها تصريحات للنجيفي، أقترح فيها "تقديم واجهة دينية اخرى غير السعدي لا تسبب مشاكل او تتعارض ما مرسوم لسير التظاهرات ونموها".
وكان مفتي العراق الشيخ عبد الملك السعدي اصدر فتوى شرعية تحرم تقسيم العراق إلى أقاليم، مطالبا الداعين للفيدرالية إلى العدول عن الأمر والسعي لإصلاح "ما فسد في العراق"، داعيا إلى تعديل الدستور وقانون المحافظات بما يحقِّق "الأمن والرفاه".
وقال السعدي في بيان نشر على موقعه الرسمي، إنه "سمع في هذه الظروف الحالكة أنَّ هناك مَن ينادي بجعل بعض المحافظات إقليما وهو ما يسمى بالفيدرالية تحت ذرائع عديدة، منها مالية، ومنها أمنية ومنها سياسية ومنها الاستقلال عن هيمنة حكومة المركز المتسلِّطة في الأذى والتهميش والإقصاء والمداهمات والاعتقالات وعدم التوازن الإداري والعسكري وغير ذلك".
واضاف "ان السعي لإعلان الإقليم سعي لتجزئة العراق وإضعافه وذلك محرّم شرعا لأنَّه المطلوب لدى إسرائيل وأمريكا وحتى من يتظاهر بأنَّه لا يريد التقسيم من الحُكَّام وبعض الدول المجاورة".
وتابع "بما أن الإقليم لا يُحقِّق المصلحة في هذه الظروف الراهنة لأهل الأنبار أو صلاح الدين أو الموصل أو ديالى أقول بتحريم الدعوة إليه لأنَه لا يُحقِّق إلاَّ تفتيت العراق والقضاء على وحدته، ولربما تستولي بعض الدول الإقليمية على إقليم الجنوب إن أعلنا ذلك لأنَّ هناك بعض الدول لها أطماع بأنَّ حدودها هي إلى بغداد كما سمعته من بعض حُكَامها عام 1979م".
ولم يقف السعدي عند مشروع التقسيم بل أيضا ضد مشروع الطائفية التي بدأت تطل براسها من بين الأزمات التي تعيشها البلاد حاليا، حيث دعا العشائر في منطقة الفرات الاوسط والجنوب الى الانضمام الى التظاهرات المناوئة للحكومة وعدم ترك اخوانهم في المحافظات الاخرى لوحدهم بميدان المطالبة بالحقوق.
وقال السعدي في بيان اصدره مكتبه، "همسة عتاب أُوجهها إلى إخواني وأبنائي العشائر العربية الكرام في جنوب العراق والفرات الأوسط أبناء الأحرار المجاهدين الذين طردوا الاحتلال الانكليزي وهزموه شرّ هزيمة، أبناء ابن شعلان، وأبي طبيخ، وآل فرعون، وآل سكر، وغيرهم، أقول لهم لا تتركوا إخوانكم في المحافظات الأخرى وحدهم في ميدان المطالبة بحقوقكم المسلوبة التي انشغل عن تحقيقها السياسيون بالنزاع السياسي، واحتكار السلطة لفئة دون أخرى، وإيقاع بعضهم بعضا، واختلاق المكايد من بعضهم للبعض، وتسييس القضاء وعدم حياديته".
واضاف السعدي "أنتم عراقيون لكم حقوق مادية من خدمات عامة وعيش رغيد في بلد يعوم على بحر من البترول، فشاركوا إخوانكم في التظاهر والاعتصام، وطالبوا السلطة بإنقاذ الجياع، والقضاء على المستنقعات والسكن في الأكواخ وبيوت الصفائح، والقضاء على اضطرار البعض في مناطقكم من التماس فتات الخبز من المزابل، فقد غرقت المساكن وسقطت البيوت على ساكنيها في الأمطار، وتفشي الأمراض التي عمَّت البلاد دون علاج أو وقاية أو رعاية من المسؤولين".
وتابع السعدي "فإن كنتم مقتنعين بمسار السياسة من القائمين عليها فلا تسكتوا عن تحقيق الخدمات العامة لكم، فطالبوا بها، فإن المطالبة ليست حربا أو عصيانا على السلطة، بل هي تذكير لها وتنبيه إلى ما أغفلوه أو تغافلوا عنه، وذلك لإلجائهم إلى ترك المنازعات السياسية واحتكار السلطة والتوجه إلى المشاركة الحقيقية والمصالحة الوطنية الجديّة وترك الطائفية ليتوجهوا جميعا إلى خدمة هذا البلد الجريح الذي دمّره المحتل وجعله ركاما من الأنقاض".
وناشد علماء الدين والمراجع "ألا يهادنوا المسؤولين على حساب ضرر هذه الشعوب فإنهم لا ينفعونهم يوم القيامة إذا سئل العالم عن تقصيره في عدم نصحه للحاكم، وعليهم أن يتمسكوا بمبادئ جدنا الحسين -عليه السلام- في تضحيته لأجل مكاسب وأمان الناس كافة وعدم سكوته على الباطل".