يبدو ان الحكومة الفرنسية تحاول ان تقوم بإصلاحات في نظام تقييم الطلاب الذي بات لايواكب العصر، لذا فهى تحاول ان تغير ما يعتبره الفرنسيون تراثا، وذلك وهو نظام تقييم الطالب من خلال حصوله على الدرجات، والدرجة الاعلى السائدة التي تستخدم في نظام التعليم هي 20. على الرغم من ان نظام الدرجات لم يكن موجودا في فرنسا قبل عام 1890 الا ان فرنسا بعد هذا العام أصبحت مدافعة عن هذا النظام وبإصرار .
قبل قرون عديدة، كان تقييم الطلاب شفويا ولكن النظام تغيربعد الثورة الفرنسية بسبب وضع نظام البكالوريا في العام 1808 والتقييم على اساس الدرجات .. فكان على سبيل المثال، منح اللون الأحمر من قبل لجنة الامتحان إشارة الى حصول الطالب على شهادة البكالوريا ،والاسودعلى عدم منحه هذه الدرجة والأبيض على الامتناع عن التصويت. ولكن بعد 1890 طالب " جول فيري" السياسي الفرنسي ذائع الصيت بتغيير النظام كي يصار الى التصنيف وتقييم الطلاب من خلال الدرجات من 0 الى 20، واستمرالعمل به الى عام 1968 ولكن يبدو ان وزارة التعليم لم تكن مقتنعة بهذا الامر وذلك بتأكيدها على مبدأ التقاسم والتشارك بالدرجات من خلال العمل الجماعي للطلاب وليس إعطاء امتيازات لطالب واحد يحصل على اعلى درجة وهي" 20" ، لذلك فقد تم تغيير النظام الى نظام يعتمد على الكمية او إعطاء درجة َA, B, C, D للطلاب والذي تم فعلا تطبيقه من خلال قانون عام 1969 والتخلي عن النظام القديم.
يبدو ان هذا النظام باء بالفشل كون المدرسين اصبحوا يتفننون ويجتهدون في هذا النوع من التقييم ويضعون مثلا إشارات مثل + او – لتقييم الطلاب لذا اصبح النظام معقدا جدا وواجه صعوبة في التقييم بصورة دقيقة..ومن هنا أتت الحاجة الملحة الى تغييره ، لذا في عام 1970 عاد النظام الى ما كان عليه في السابق..اي التقييم من 0 الى 20، درجة لجميع الطلاب وفي كل المراحل الى يومنا هذا..
اما اليوم وحسب احصائيات الرأي العام عن هذا النظام، فـ 73 بالمائة من الفرنسيين يرغبون في ألا تكون الدرجة فقط هي مقياس المستوى العلمي للطالب بل يجب ان يكون هنالك نظام آخر يرافقه او يكمله. فما بين مؤيد ومعارض انعقد مؤتمر عن هذا الموضوع مؤخرا لوضع أسس جديدة وثابتة والوصول الى حلول جذرية تواكب العصر وبشكل مقبول..فالكثيرون لايستطيعون ان يودعوا هذا النظام وباعتقادهم ان التخلي عن نظام الدرجات سيؤدي الى إنهاء المنافسة بين الطلاب، حيث يجب ان يكون هنالك تسلسل هرمي في ترتيب الطلاب حسب تفوقهم بل وان هذا سوف يشجع الطلاب ذو الدرجات الرديئة ويدفعهم للمنافسة..لان نظام المنافسة والمكافأة مهم جدا.. اما المؤيدون فهم يعتقدون ان النظام الحالي هو نظام العقاب والثواب وهو غيرمشجع للطلاب من خلال اعطائهم تسلسلا وكما ان الدرجة الرديئة هي عقاب والذي لايعكس في بعض الأحيان مستوى الطالب...
اما في الدول الأخرى فالولايات المتحدة تستخدم الحروف بدلا من الأرقام في التقييم، وفي المانيا فهناك نظام الدرجات من 1 الى 6، فالذي يحصل على درجة 1 هو أفضل من الحاصل على 6 اما الدول الإسكندنافية فنظام الدرجات هو السائد الى الصف السابع او الثامن ومن ثم يتم تقييم الطلاب عن طريق تقارير يفصل فيها الأداء الاكاديمي فضلا على التنمية الشخصية والاجتماعية للطفل مما يشجع الطفل على الحوار البناء مع المدرس لذا لا توجد درجات رقمية او أحرف . أما في إيطاليا فلا توجد درجات بل كلمات مثل، ممتاز، جيد جدا، جيد، متوسط ورديء. اما في اليابان فالنظام صارم جدا والتقييم هو من 0 الى 100 درجة.
مقالات اخرى للكاتب