بعد غياب اخلاقيات العمل السياسي وضمور وانزواء الفكر الايدلوجي العروبي وتاخر ولادة قيادات متجددة واضافة الى ذلك بزوغ شمس علوم الاتصالات المتطورة التي اسهمت في تقليص مسافات الالتقاء الى ان بات العالم قرية صغيرة تتداول فيه المعلومة بسرعة وبيسر ..ومثلما كان وقعها على الانظمة العربية المتخلفة كوقع الصاعقة ففي نفس الوقت استفاد منها الغرب في تمويل بعض الخلايا الشبابية التي كانت تتسم بروح الحركة المستمرة والدؤوبة والتطلع الى غد افضل يتشابه نسبيا مع الحياة الغربية وحريتها واحترام حقوق الانسان ..وفي خضم صعود احزاب ونزول اخرى ورحيل حكام وتسنم اخرين .. ثورات وثورات مضادة وثورات تصحيح صراعات نزاعات قتال حروب وتنظيم القاعدة وداعش الارهابيين حاضرين في صورة الاحداث فوضى واضطرابات وازمات اقتصادية ومالية و تفكك النسيج المجتمعي ..وفي هذا ليس للمواطن مكسب فيها بل هو حطب لنار مستعرة من اجل الحفاظ على كراسي السلطويين المتحركة ..في العراق كنا الانموذج السيء الاول والبداية المدمرة لانطلاق ثورات التغيير ما يسمى (( الربيع العربي)) وظهور الاسلام السياسي السلطوي لينتج لنا طبقة طفيلية شافطة وناهبة للثروات ومستبدة وسارقة وفاسدة بأسم الدين والدين منهم براء وبعيد كل البعد عن قيم واخلاق ديننا الاسلامي الحنيف ..... نعلم ويعلم الشعب الطريقة التي ولدت فيها العملية السياسية ولادة اسقاطية مشوهة قبل موعدها المحدد نتيجة التدافع وسباق الفوضيين بأتجاه المكاسب والثراء والمصالح الشخصية والحزبية الضيقة .. اما الشعب يأتي بآخر سلم اهتماماتهم .. نتسائل لماذا ايها السياسيون هذا العداء والكراهية والانتقام والاقصاء ولماذا هذا الاصرار على تجويع وتفقير واذلال الشعب لماذا ظلمكم وتفاهاتكم واستخفافكم بدماء الشعب اسئلة تحتاج الى محاكم ووضعكم في اقفاص الاتهام والمجرم منكم ينال جزائه العادل والبريء يحال الى مستشفى الامراض النفسية ..وللتأريخ كان الشعب اكثر وعيا وثقافة وشفافية منكم حيث اسطاع استيعاب عقدكم النفسية وشعوركم المستمر بالنقص... فانضج فكرا خليطا متحركا بعيدا عن الانتماءات الحزبية والمناطقية وعابر للطائفية وتقدم بمطالب استقرئها البعض بأنها مطالب سقفها مرتفع ولايمكن تحقيقها هنا جاء دور الاعلام الوطني والنخبة المثقفة في توجيه مطالب الثوار وتهذيبها وتقديمها للشارع لتنال المقبولية والتأييد والدعم .. وبالرغم من التراجع الملحوظ بأعداد المتظاهرين واتخاذها نسق اسبوعي هنا راهن المغفلين من الاحزاب والكتل على اطفاء شعلة الثورة ووأد جذوتها في صدور المتظاهرين .. خطأ جديد بالحسابات الثورية حيث كان للشعب زمام المبادرة فانتزع دوره بأستحقاق وتحول من مطالب بالاصلاح الى منتصر ويختار ماتقدمه الدولة من مقترحات اسبوعية او شهرية مما وضع السلطة في عنق الزجاجة وبأمانة ان ما قدمته البغدادية ( مشروع وطني تغييري متكامل ) كان الانطلاقة النورانية الامل والحلم الشعبي في بناء عراق مؤسساتي جامع لكل المكونات ..لكن لسعة المشروع وحجمه الوطني بث روح الخوف والفوضى داخل الجسم السياسي ( الاحزاب والكتل) وحاولت تبديل اقنعتها بمشاريع ترقيعية واهنة هنا وهناك ..الحل الامثل هو الاعتذار للشعب وتبني مشروعه في اعادة بناء العملية السياسية على اسس عراقية وطنية تسهم بشكل فاعل في بناء العراق وتقديم الخدمات لان العراق رغم مايسمونها ضائقة مالية يبقى غني بعقول اهله وتضحياتهم العراق قادر على استعادة دوره وعافيته الاقتصادية من خلال تفعيل الثورة الزراعية ودعمها وسن القوانين الجاذبة للاستثمارات العربية والعالمية . التغيير قادم والارصفة التي جئتم منها لازالت محجوزة وبأسمائكم وبدون منافس ..
مقالات اخرى للكاتب