في البداية لابد من الأشارة الى ان العراق وعبر تأريخه . لم يسبق له وأَن تعرض لما يمر به من حالة صعبة وبكل جوانب الحياة . كما لم يسبق للشعب العراقي عبر سفره الخالد أَن خضع لحكام جاروا عليه كالجور الذي يقع عليه اليوم ! دليلنا فيما نقول أَن عروق الحياة لم يسبق لها أَن توقفت كما هي عليه الآن حيث تعيش حالة من الموت السريري .كما أَن الشعب الذي سَجَل مآثر بطولية وثورات ضد الأستعمار والظلم وأَخرج بريطانيا العظمى من أرضه لم يكن يوماً موالياً ومؤيداً لنظام متطرف بل انه على الدوام شعب يحب المدنية ويعشق الحرية وهو قد أسس للتعايش السلمي بين مكوناته مبتعداً عن التمييز الطبقي والطائفي والأثني .
مرحلة مابعد الأحتلال الأمريكي كانت قاسية لأنها جائت بأحزاب أستخدمت الطائفية المقيتة منذ البداية بأدعاء أستحصال حقوق المظلومين لكن كل الحقائق على الأرض تشير الى ان استخدام الطائفية كان بتوجيهات اقليمية بهدف نهب ثروات الشعب وأحتلاله من خلال زرع عملاء يعملون بشكل متواصل على تنفيذ اجنداتها . ومعروف ان من نتاج هذا التصرف هو أخلال بالأمن وقتل الناس بدم بارد اضافة الى تدمير كل مرافق الحياة .
تواصلت تلك السياسات في ولايتي المالكي الأولى والثانية وأستنزفت أموال البلد دون تحقيق منجز واحد يسهم في تأمين أيرادات للبلاد بل أن كل شيء في زمن المالكي كان معرضاً للبيع مانتج عن تلك السياسة أهمال حكومي واضح وأنشغال بالنهب والسلب لتتصدع الوحدة الداخلية وتسليم نصف مساحة العراق الى الأرهاب دون قتال فضلاً عن نزع الهوية الوطنية من الشارع العراقي والوظيفة الحكومية .ونتيجة لتلك السياسات التي جعلت العراق في مهب الريح تم استبعاد المالكي من تشكيل الحكومة للمرة الثالثة . لكن البديل كان ضعيفاً للغاية ومتستراً على كل الجرائم التي نفذتها حكومة المالكي . وتمر الأيام والشهور والشعب ينتفض رافضاً لكل سياسات حزب الدعوة والأحزاب الأخرى التي دمرت العراق بينما العبادي يبدع في التسويف والمماطلة في موضوعة الأصلاح ولم يمر شهر دون ان تتخذ قرارات يتحملها المواطن من قوت يومه بينما الحياة تزداد صعوبة والحكومة متمثلة برئيسها تخدع الناس ولم تقدم شيء بحجة محاربة الأرهاب الذي استخدمته شماعة للتستر على فشلها وفسادها . واذا ما علمنا ان شرعية الحكومة تأتي من الشعب فان حكومة العبادي اليوم قد فقدت شرعيتها من خلال رفضها بشكل كامل من قبل الشارع العراقي الذي يطالب اليوم بتغيير شامل . اكثر من ثلاثين اسبوع والشعب منتفض بالضد من العملية السياسية التي جائت له بالويلات والحروب والأزمات والفقر والجوع .
الغريب في الأمر أن مايسمى بالتحالف الوطني حتى اليوم لايعترف بحقوق الشعب في التغيير وكأنه تحالف حقق أحلام الجماهير ووصل بالعراق الى أعلى مراحل التقدم بالمليارات التي فاقت ال 1000 مليار كموازنات سنوية . تحالف يسمى نفسه وطني وهو بعيد عن الوطنية ويبدو من سياسته على انه تحالف للسيطرة على ثروات البلاد .
اليوم خرج التيار الصدري من هذا التحالف وأِن لم يعلن ذلك . فقد خرج زعيمه مقتدى الصدر على رأس تظاهرة كبرى في وسط بغداد وهو يتبرأ من كل الذين يدعون ارتباطهم به من وزراء ومسؤولين وليعلن ان الشعب يجب أن يحصل على حقوقه . وبذلك تكون حكومة العبادي قد فقدت شرعيتها بعد رفضها من الشارع العراقي وعليها من الآن أن تستعد الى حساب عسير على مافرطت به من حقوق للشعب وعلى الحكومات السابقة هي الأخرى أن تستعد ليوم الحساب القريب جداً بأذن الله ..
مقالات اخرى للكاتب