اعتدنا أن تأتينا من الغرب القنابل الإنشطاريّة والعنقوديّة والهدروجينيّة، هذه المرّة أراد الشّيخ"جوجل" أن يغيّر خطط الهجوم بقصفنا بقنابل أفتك من سابقاتها وهيّ القنابل الإليكترونيّة، حتى يتمكّن من كسر ظهورنا المحدوبة؛ فقد أعلن قبل مدّة أنّ الوطن العربي والشّرق الأوسط بخاصّة منه احتلّ المرتبة الأولى في نسبة تصفّح المحرّك، من أجل "كارديشيان"!!!!!
كشف "جوجل" أنّ متصفّحيه حقّقوا أعلى نسبة بحث عن "كارديشيان" ، وهي استعراضيّة أنتجها تلفزيون الواقع ومبحوث عنها في "جوجل" بسبب مؤخّرتها العظيمة !!!
ففي وقت كانت روسيا _قبل انسحابها _ تنهب ما أخطأته قنابل بشّار الأسد في سوريا بحجّة محاربة الارهاب، فضّل "جوجل" على الارهاب البيولوجي ذاك إرهابا آخر أخطر منه وهو الارهاب الاليكتروني، وعوض أن تقضي القنابل الانشطاريّة على شبابنا راح "جوجل" يقذفهم بقنابل الفنّانات الاستعراضيّة!!، وبدلا من أن يتفحّموا بالفوسفور الحارق تفحّموا بالخدود المتورّمة والأعين المتغيّرة الألوان والأرداف الممتلئة.
لقد أضحى الشّباب العربي هو القنبلة الموقوتة التي تصنّع في مخابز النّت وتلفزيون الواقع وحصص العريّ والصّياح ليمسوا بعدها نجوما في الغناء؛ والطّامّة الكبرى أنّه، وكما يقول المثل "أحشف وسوء كيلة"، فلا حناجر قويّة يملكون ولا أصوات جهوريّة يحوزون، ما يجعلك تترحّم على الفنّ الحقيقي على أيّام أم كلتوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، بل يكفي شبابنا اليوم نفخ الخدود والشّفاه والأرداف اقتداء بهيفاء وهبي وإليسّا وأخواتها ليبيتوا نجوما، لدرجة صارت الحنجرة على أيّامنا هذه "موضة قديمة".
عندما نحلّل كواليس الحرب القادمة من بلاد الشّمس من هذه الزّاويّة ندرك بما لايدع مجالا للشّك أنّها لن تدار على طاولة الأمم المتّحدة أو في مكاتب البنتاغون بل على محرّك البحث "جوجل" الذي صنع هذه المرّة الحدث.
كنت قد استهزأت بغباء "كارديشيان" وهوس اهتمامها باقتناء الفساتين الضيّقة على الخصر، لكن بعد تفكير وتمعّن تفهّمتها.
فالمسكينة تقوم بمهمّة إنسانيّة، تريد سحر عقول شبابنا ضعيف المناعة وإلهائه حتّى يتمكّن خيّروا العالم الغربي من نهب ما تبقى من ثرواتنا على طول الخريطة العربيّة، فقرّروا أن يعدّوا
العدّة _ ليس العسكريّة هذه المرّة _ بل الغريزيّة للتّضامن مع شبابنا الذي ماعادت أمريكا قادرة على ترويضه عسكريّا فراحت تروّضه عاطفيّا.
ها قد نجحت أمريكا وأخواتها فأعلن "جوجل" نتائج المسابقة وانهزمت "مقدّمة ابن خلدون"،وفازت مؤخّرة "كارديشيان"، وبدون حتّى أن تتدخّل أمريكا هذه المرّة لتزوير نتائج الانتخابات كما اعتادت أن تفعل إذا ما تعلّق الأمر بانتخاب رئيس عربي، لدرجة أنّها تبعث لنا النّتائج قبل حتّى أن نتوجّه لصناديق الاقتراع بفضل أعينها الرّاصدة وجواسيسها المنثورة على امتداد أوطاننا.
الغرب غيّر مخطّطاته لشنّ الهجوم علينا فما عاد بحاجة لطائرات"الأباتشي" بل يكفيه أن يقذف شبابنا بشفاه هيفاء وهبي وإليسّا ونانسي ليجذع أنوفنا الّتي لم تكن قبلا طويلة بما يكفي، في وقت يأكل فيه أطفال فلسطين والعراق وسوريا وبورما الحشائش وبول البهائم بسبب الجوع المدقع دون أن يلتفت لهم أحد من الجالسين على طاولة الجامعة العبريّة!!.
السّؤال الذي أطرحه الآن: أين هم أولئك الذين كفّروا المعرّي وسفكوا دم ابن حيّان ونفوا ابن المنمر وحرقوا كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني واتّهموهم بالإلحاد ؟؟؟!!! لماذا لم يمنعوا اليوم عن شبابنا قنوات الانحلال، ومواقع العهر التي أضحت على حدّ تعبير وزيرتنا في الجزائر هدى إيمان فرعون حريّة شخصيّة؟؟!! أين أولئك المؤمنون الذين أحلّوا قطع أوصال ابن المقفّع فشويّت أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة؟؟!! لم لا يقطعون اليوم أوصال الودّ والبترول عن أمّهم أمريكا؟!
مقالات اخرى للكاتب