أن المطالب التي رفعها المتظاهرون في الموصل والأنبار تدل بشكل واضح على الفوضى الشديدة أولاً، وتدل على أن إرادة هذه الجماعة مختطفة ومحكومة تماماً من جهات تريد لها ان تكون هي الاداةو الواجهة للصدام وتحقيق الغايات والمخططات ، وأن تظاهراتها تستعمل لتمرير مطالب ليست معنية بها، إن لم تكن ضدها.
التظاهرات في الوهلة الاولى كانت لأناس بسيطة وكانت تطالب بقضايا "مطلبية" غالباً لا علاقة لها بالسياسة ،ولكن سرعان ما تدخلت الاجندات فيها لتغير مجرى الاحداث الى اعتصامات ، ودخول اسلحة ، ومن ثم الصدامات مع الجيش والشرطة المحلية والتي هي في الغالب من ابناء المدينة نفسها .
أما تظاهرات الموصل فأن أصوات الخطباء والدُعاة الطائفيين كانت اعلى من صوت المتظاهرين انفسهم فصاروا هم قادة هذه التظاهرات ، مع وجود طرف خفي يُمّول ويساندها ويساعدها على التصعيد مع الحكومة والإستمرارية في التهديد بضرب الجيش العراقي والشرطة .
أن الشعارات والهتافات والتصيد الخطابي ، في المنصة الرئيسية كانتْ كلها شعارات وهتافات قريبة الى شعارات الاخوان المسلمين والسلفيين إضافة إلى "هتافات مُنددة بالفرس والصفويين وشعارات بعمالة المالكي لهم .
بالفعل لقد تم اختطاف مطالب جماهير السنة وجيرت تظاهراتهم لمطالب سياسية ليس لها علاقة بهم وبمصالحهم، بل تمثل أدوات الصراع السياسي على السلطة لكتل سياسية ومن يقف وراءها من أجندات اقليمية او دولية .
هنا يأتي التساؤل ما العمل إذن؟ كيف يجب أن ينقذ السنة أنفسهم من هذا الاختطاف، وكيف يجب أن تتصرف الحكومة ؟
يجب على الحكومة ان تسعى الى اجراء خطوات فورية مثل ضرورة التهدئة وفك الاحتكاك بين المتظاهرين والجيش ، فالتهييج المتعمد الذي يقوم به خطباء الفتنة هو الطريق الأنسب للفوضى التي يمكن بها دس المطالب لكتل سياسية بمطالب المتظاهرين، وهناك إجراءات طويلة الأمد من أجل تأمين المطالب الشرعية وعدم تكرار الحالة مستقبلاً.
وفي الوقت الذي تعمل المرجعيات والسياسيين من الطرفين إلى التهدئة وحل المشكلة، يلجأ النجيفي لحل هذه المشكلة بتأزيمها وتوسيعها بطرق مختلفة مثل محاولات تدويل القضية، والسعي الى تأزيم الموقف وتأجيج الوضع الداخلي لفرض مطالبهم التي من اهمها تغيير المشروع الوطني وإسقاط الحكومة .
بالمقابل كان للمرجعية الدينية في النجف الاشرف موقفاً من الاحداث عبر باينات وتصريحات وخطابات من على منبر الجمعة في كربلاء المقدسة وقد مارست دورها المعهود في التصدي للأزمات وإطفائها، وعدم اللجوء الى أي خطوة تؤدي الى تأزيم الشارع ،وعدم السماح بأي اصطدام بين الاجهزة الامنية والمتظاهرين و الاستماع الى المطالب المشروعة من جميع الاطراف والمكونات ودراسة هذه المطالب وفق اسس منطقية ومبادئ الدستور والقوانين النافذة وصولاً الى ارساء دعائم دولة مدنية قائمة على مؤسسات دستورية تُحتَرمُ فيها الحقوق والواجبات
علينا أن نعترف بأن الواقع في العراق مر، وأن هناك الكثير من الخطأ والفساد في كل مؤسسات الدولة، والكثير من والفساد والجهل واختراقات المفسدين في أجهزة الدولة الامنية وتعاون كل هذه العلل مع بعضها البعض أدى الى حصول مثل هذه الخروقات ووصل الامر الى ما هو عليه اليوم .
إن لم تدرك الحكومة أن هناك مشكلة حقيقية، واستسهلت ثانية الحلول التي تعتمد المراوغه والإدعاءات الفاقدة للمصداقية في خطابها مع الناس ، فأن التوترات ستعود حتى إن تم حل هذه المشكلة، وستتكرر المؤامرات حتى تنجح واحدة منها في إيصال البلاد إلى حالة الإنفجار والتدمير، وعندها لن يربح أحد شيئاً، لا من طائفيته ولا من مراوغاته للحقائق، يجب على الحكومة الضرب وبحزم على يد كل من تسول له نفسه المساس بوطننا او بمشروعنا الوطني ... كما ندعو الحكومة ان تكون على اعلى درحات من الحكمة في التعاطي الجدي مع مطالب المتظاهرين المشروعة وتفويت الفرصة ، وكشف المتربصين الذين يريدون بالعراق السوء والأذى .
مقالات اخرى للكاتب