امام القاعة وقفت مجموعة من الحراسِ ثم تهافت المتهافتون ولاحلى الحُلل والبدلاتِ هم يلبسون فهم كثيرون (اذا رأيتهم تُعُجبك اجسامهم) وهاهم يتهامسون وباقاتِ ورد يحملون وللكلماتِ يحضرون وللقصائدِ ينظمون وقفتُ ووقفَ البعضُ مستغربين بأي شيءً هم لاهون هل لرب العزةِ سيقابلون ؟ .
ماالامرُ كان سؤالي ؟ سيتقاعد المدير العام كانت الاجابة ، عجبتُ للاجابة وحزنت عليها وسخرتُ منها في نفس الوقتِ . فالمدير العام كان موضعَ نقدً وسخريةً وشتائم تسعون بالمائة من الحاضرين . فلقد نُعُتَ المدير العام بصفاتٍ عدة لم يرتح لها ولم نرتح نحنُ البعيدون عنها كذلك . ولقد شكا لي الرجل يوم عَلِم باحالته على التقاعد من كثرة السكاكين حوله ومن كثرة من يحفر تحت قدميه ومن يسحب البساط وعن اللوم اماط اللثام فكثرت الأنياب وكذلك الخُدع والاوهام . كان بعضهم يطرق بابه مؤُلهاً اياه ويمسح على الاكتاف وبالشهد يرعاه كي لاينساه في ايفادٍ او شكر وهو يحملُ له كل سوءٍ ومكرِ .
بدأت مراسم التوديع فدمعت عين فلان وبح صوت علان وتجهم وجه حبيبً من الخلان . كنتُ غريبا عن الجميع رغم ان جُلهم يقبلني ويكرمني ويمازحني وبنفس الوقت لايرغبني فكنتُ غريباً فيهم غربةَ صالح في ثمود (واللهُ يشهدُ ان المنفقين لكذبون) فهناك وادٍ يفصلني عنهم انه الوادي الذي يفصل بين عالمين عالم القيم والثوابت وعالم النفاق ، عالم الروح وعالم المادة . انه الصراع الازلي منذ ان وطات اقدام ادم وحواء الارض .
لم ادخل القاعة فانا لستُ مِنَ المودعين ولستُ مِن المستقبلين ، لستُ من الذين يبحثون عن المناصبِ بل ابحث عن رضى ربي وابحثُ عن خدمة وطني ، ابحثُ عن قبرٍ يُنيره عملي وخدمتي لشعبي وامتي ، لم ابحث عن الولائم ولم اكن يوما عليها قائم ، بحثتُ عن الكفافِ والعفاف وما رغبت بالالافِ . تفحصتُ الوجوه حين خُروجها من قاعةِ الدجل والنفاق ومساوئَ الاخلاق فاستغفرت ربي ودعوت الله ان يغفر لهم لتغيرهم من حال الى حالِ فهم كالافاعي تخلعُ جلدها من فصل لفصل انهم (كالريح ان مالت مالَ حيث تميلُ) لكني تذكرت قول العزيز الحكيم (سواءٌ عليهم استغفرتَ لهم ام لم تستغفر لهم لن يغفر اللهُ لهم) . جُلهم مساكين خائبين ضالين ظالمين لانفسهم انهم متقلبون يقولون ما لايفعلون (فهم لايفقهون) حزنتُ عليهم وعلى بلدي فكلُ واحد منهم يودُ ان يصبح السيد المدير العام وبالكرسي قد هام وحلم الاحلام وهو لايعرف المسؤولية التي تقع على الساعي لنيل الكرسي يوم ينادي المنادي (وقفوهم انهم مسؤولون) وحزنتُ على بلدي الذي تكالبت عليه ذئابُ الليلِ وان قاده المنافقون فالويل الويل (قتلهم الله انى يؤفكون) .
مقالات اخرى للكاتب