بين المدة وجيزة واخرى، تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية بشائعات تهول الامور وتصدع بالويل والثبور وعظائم الامور، على اساس ان مصيبة سوف تحدث، وكارثة ستهتز لها قوائم الكيان الاجتماعي، وسيذهب الجميع الى المقابر موتى بفعل انكسار سد مائي، او بفعل حشرة تافهة اسمها الارملة الاسود سوف تحيل نهاراتنا الى ليال قاتمة!.
ولا يقف الامر عن هذا الحد فالشائعات لا حدود لها، يتلقفها الناس على انها حقيقة واقعة ومؤكدة، وان الحذر مما يتوجب على الجميع اتخاذه، فحين سرت شائعة انكسار سد الموصل هبّ الكثيرون الى الاسواق متبضعين الرز والخبز والمعجنات وعلب الحمص والزيتون صاعدين الى الطابق العلوي من دورهم على أساس من ان الماء سوف يدخل الى الطابق السفلي، وسوف يحصنون انفسهم من الموت غرقاً بين امواج الفيضان الذي سيكون اعظم من فيضان نوح.وها هي السيدة المصون التي توفي زوجها عنها، وتركها وحيدة باحثة عن زوج ثانٍ، مزينة نفسها وشفتيها بأحمر الشفاه وأحمر الخدود، وقد وضعت على رأسها شالاً أسود اللون دلالة على حزنها العميق لفقدان شريك الحياة.ولا يفق الامر عند الحدثين الذي اخذ الكثير من يوميات المواطن المسكين المتبلى بفنون متنوعة من الشائعات الغريبة الكاذبة التي تقض مضجعه وكأن الذي فيه لا يكفيه، فتنطلق الالسنة الدعية زوراً ويهتاناً لكي تتفاقهم مأساته ومعاناته الحياتية، مع صور ملونة مأخوذة من الانترنت لتوثيق الحقيقة الخادعة والمزيفة، وكان الله في عون العبد ما دام الانترنت في عون اخيه!الشائعات مثل الكذبة بلا ساقين تهرول سريعاً في اوساط معينة تقبل تصديق كل شيء حتى وان كان ذلك من عالم الخرافات والاختلاف والنيات السيئة والمبيتة في محاولة لخلق البلبلة الاجتماعية، وللشائعات اساطين معروفون في اثارتها وفبركتها ووضعها في دائرة التصديق لكي تؤدي مفعولها الذي خلقت من اجله. المواطن الحصيف ذو الرأي السديد لا تنطوي عليه هذه الخزعبلات ، فأية طائرة تحمل أطناناً من الحشرات الضارة لترميها علينا، سواء كانت من الارامل السود أو الحمقا في نوع من الحروب، هي حرب الحشرات، وسوف تجد حتماً من يؤكد ذلك ويحلل نتاج المختبرات العدوانية فبدلاً من اطنان القنابل ترمي علينا اطناناً من السموم التي تقتل الزرع والضرع او حاويات من الحشرات والقوارض لكي تجعلنا نهباً لامراضها وطاعونها الذي لا مفر منه.اقتلوا الشائعات في مهدها ولا تجعلوها تسيطر على عقولكم وافئدتكم وادرسوا قبل نشرها اسبابها ودواعيها ونتائجها فان الذين اوجدوها يريدون بكم شراً وتحسبوا.. نعم تحسبوا لكي شيء.
مقالات اخرى للكاتب