المتتبع للكلمة المقتضبة التي ألقاها، جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، حول الوضع في سورية، وبالتحديد حول استعمال السلاح الكيمياوي، يمكنه أن يقف على جملة من الملاحظات ..
في اليوم الذي وطأت فيه أقدام خبراء الاسلحة الكيمياوية في سورية، وقبل البدء في التحقيق، ناهيك عن نتائجه، تعلن الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى لسان جون كيري .. أن الدولة السورية هي التي استخدمت السلاح النووي ضد شعبها ومجتمعها، وبالتالي يجب معاقبتها، بالطريقة المناسبة التي تراها مع شركائها.
علّق أحد الأساتذة السوريين، قائلا أن.. جون كيري، رجل مسالم، لايميل للحرب، وسوف لن يتدخل عسكريا في سورية. والسؤال الذي يطرحه المتتبع .. إذا كان هذا دأب "المسالم !"، فكيف يكون شأن المحارب.
حسب كلمة جون كيري، فإن سورية ستُضربُ بشدة وتُقصفُ، لأنها تأخّرت في السماح للخبراء الدوليين، بمراقبة الأماكن المتضررة بالكيمياوي، وتباطأت قصد محو آثار الكيمياوي، لذلك يجب معاقبتها، وقبل انتظار نتائج التحقيق. والخلاصة التي يستخرجها المتتبع ..
أن سورية ستُضربُ وتُقصفُ، لأنها تأخرت في السماح للخبراء بالتفتيش.
والعراق ضُرِبَ ودمّر، لأنه كان سريعا في فتح القصور الرئاسية، وغرف النوم، والأسِرّة، للتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل، التي لم يظهر لها أثر.
وملك الملوك، أُبيدَت مملكته، وشُرّدت عائلته، ودُمِّر في أيام على يد الأطلسي، لأنه اعتذر عن امتلاك السلاح الكيمياوي، ودفع مبالغ طائلة للذين قصفوه، من أجل أن يدمروا مخزونه بأمواله.
وفي السودان، قُصِفَ ودُمِّرمصنع حليب الأطفال، تحت جنح الليل، حتى لايستغل حليب الاطفال، لامتلاك الاسلحة الكيمياوية.
الملفت في الموضوع، أن الدول الضعيفة، بما فيها الدول العربية، تسعى لامتلاك السلاح الكيمياوي، لأنه سلاح الضعفاء، في انتظار أن ترتقي بنفسها وتتمكن من امتلاك سلاح الكبار، الذي يعتمد على .. الخبرة العالية، والمال الوفير، والقوة الاقتصادية، والمؤسسات العملاقة، وأسواقا للبيع، وقرارا سياديا، وحرية في السلم والحرب، ودفاعا مستميتا عن الأرض والعرض، وإخلاصا مطلقا للأهل والوطن.
لكن الملاحظ، أن الدول التي تسعى لامتلاك سلاح الضعفاء، اكتوت به قبل غيرها .. وأمامك العراق، والسودان، وليبيا، وحسب جون كيري، ستكون سورية لاحقا.
وحسب النظرة الغربية، التي تُحرّم على الضعفاء، امتلاك سلاح الضعفاء، فإنها دمّرت السابقين من العراق، وستلحق بهم اللاحقين من سورية، لأنهم استعملوا الكيمياوي، ضد شعوبهم .. وكأن لعنة الكيمياوي تطارد العرب، في نية امتلاكه واستعماله.
بقيت الاشارة، أن الاسلحة الكيمياوية، التي يدافع عنها العرب في المحافل الدولية، من أجل امتلاكها، لانهم لايملكون غيرها .. لم تستعمل إطلاقا، لصد غزوٍ أو طرد معتدٍ.
مقالات اخرى للكاتب